ـ[سلمان بن أبي بكر]ــــــــ[29 - 07 - 2012, 05:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللغة العربية في تشاد بين الموت والحياة
ما هي اهمية اللغة العربية في تشاد؟
ما هو مدى فعاليتها في المؤسسات الرسمية في البلاد؟
لماذا فرضت اللغة الفرنسية علينا دون اللغة العربية في المعاملات الرسمية؟
من الذي يقف ضد تطوير وازدهار اللغة العربية في تشاد حتى لا تكون اللغة الرسمية في البلاد , هل الجنوب المسيحي أم الشمال المسلم؟
اللغة كائن حي كما تنص بعض النظريات اللغوية , وكل كائن حي قابل للتطوير كما إنه قابل للذبول والاضمحلال. وإذا كان الكلام نشاطاَ إنسانياَ واللغة نظاماً اتصالياً كما ينص دوسوسير فإن ديمومة هذا النظام رهن باستمراريته وتعامل بمقتضاه.
نجد أن للغة العربية في تشاد أهمية قصوى وذلك من عدة زوايا من الناحية الاجتماعية , الثقافية , الدينية , الاقتصادية والسياسية , ولا يقل أهمية كل دور عن الآخر.
نجد تركيبة الشعب التشادي تركيبة عجيبة تكاد تكون صورة مصغرة لإفريقيا مركبة من مختلف الأجناس زنجية بحتة وأجناس عربية خالصة , دماؤهم لم تختلط بعناصر الزنجية وآخر خليط من هذا وذاك , ونتيجة لهذه التركيبة تولدت في البلد عدة لهجات محلية وربما بعضهم لا يفهم لهجة الآخر , إذاً من هنا لابد أن يحتاجوا لرابط وقاسم مشترك بينهم حتى يستطسع أن يخاطب بعضهم البعض لتسيير حياتهم بصورة طبيعية في كل معاملاتهم ومختلف ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم , فهنا ظهرت أهمية اللغة العربية كرابط قوي بين سكان البلد للحفاظ على الوحدة الوطنية , وأيضاً هناك عامل ديني ساهم بصورة كبيرة وفعال جداً في انتشار اللغة العربية بين سكان تشاد لأن هناك نسبة 85% من سكان تشاد مسلمين , وللغة العربية مكانة خاصة ومحترمة عند المسلمين , وأيضاً للغة العربية أهمية في موقع تشاد الجغرافي وحدودها مع بعض الدول العربية وللهجرة إليها بقصد النشاط الاقتصادي وتبادل السلع التجارية.
وفي نهاية المطاف كل هذه العوامل المذكورة وغيرها أدت إلى صراع سياسي كبير جداً في البلاد بدأً من الاستعمار وظل يسري إلى يومنا هذا.
عندما دخل الفرنسيون إلى تشاد لنهب ثروات البلاد وخيراتها جلبوا معهم ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم , ومن الطبيعي فرض كل هذا على أبناء البلد وبدأوا بسياستهم ((فرق تسد)) بين أبناء الوطن , فقاموا باحتضان أبناء الجنوب دون الشمال لأنهم وجدوا الجنوب أقرب من حبل الوريد لثقافتهم وعاداتهم ولغتهم ودينهم , لذلك احتضنوا الجنوب وأبناءه وأولوه رعاية خاصة لتحقيق مأربهم , وفي المقابل اهمال الشمال من التنمية والتعليم والصحة وغيره.
وعندما تحررت تشاد من الاستعمار اللعين وخرج الفرنسيون من البلاد نجد أن الجنوب قد أخد قسطاً وفيراً من التعليم والتنمية وبالتالي اصبحت كل السلطات العليا في يد الجنوبيين , وهم الكل في الكل وبعد فترة من الزمن بدأ الشمال يتجه نحو التمدن والوعي خطوة تلو الأخرى والمطالبة بحقه في التمثيل والتوظيف ويتجهون نحو التعليم ويميلون للتعليم العربي واللغة العربية باعتبارها أقرب لثقافتهم ودينهم وعاداتهم , في حين أن مثقفي اللغة الفرنسية (الفرنك فونين) يرون أن اللغة الفرنسية هي لغة البلاد الرسمية وهي لغة العصر ولغة المستعمر ولغة السياسة , وينظرون للغة العربية باعتبارها لغة العامية ولغة المساجد والعبادة وللنعاملات التجارية وفي الاسواق فقط , وأصبحوا يستهزؤون من اللغة العربية وتعليم العربية, وفي فكرهم مهما درس الإنسان باللغة العربية لا مكانة له في الدولة ولا يعترفون به ككادر من كوادر الدولة.
¥