ملتقي اهل اللغه (صفحة 5873)

البحث الجامعي أو العبث الجامعي

ـ[أبو البقاء الرندي]ــــــــ[03 - 05 - 2014, 01:44 ص]ـ

البسملة1

تنتشر في الجامعات رسائل يقف منها السامع موقف صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد، فتسمع عن رسائل دكتوراه في الأدب الشعبي ورسائل تدرس اللغات العامية ورسائل تدرس السب والشتم ولا ندري ما بعد ذلك ربما دراسات للألفاظ الساقطة عند المنحرفين ودراسات للمجون والفسق عند الفاسقين ودراسات لممارسة الفاحشة عند المتعهرين وهلم صبا،

ولم لا؟ أليسوا فئة من المجتمع، أليس لهم الحق في التعبير عن ثقافتهم في حدود أدبهم، أليس دراسة ذلك الأدب ذات فائدة ستعود بها على الناشئة بالنفع حين يدرسونه فيعجبونه فيقتدون به فينحلون طواعية من عقدهم العقدية وعن شعائرهم الدينية؟

وما كان غريبا في وسطه سيصبح مألوفا شيئا فشيئا في مجتمعه، وما كانت النفس تنكره وتفر منه فرار الشاة من السبع يصبح مقبولا غير مذموم وعاما غير خاص،

نعم هكذا يريدون وربما هم إلى مثل هذا يقصدون، وبينا وبينهم حديث السفينة إن فيه لبلاغا لقوم يفقهون، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ، فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا، فكان الذي في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا؟ فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا)) رواه البخاري

أما بعد، فقد كان الأدب في الجاهلية والإسلام دعوة لمكارم الأخلاق وتمامُها التوحيد

يقول النابغة الذبياني:

ولَسْتَ بمُسْتَبْقٍ أَخاً لا تَلُمُّهُ = على شَعَثٍ أَيُّ الرجالِ المُهَذَّبُ

قال ابن قتيبة في الشعر والشعراء: "من لم تصلحه وتقومه من الناس فلست بمستبقيه ولا راغبٍ فيه".

يقول عنترة:

هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ = إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي

إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ = نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ

طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً = يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ

يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني = أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ

وفي بهجة المجالس لابن عبد البر, قال أبو حازم: كان أهل الجاهلية أحسن جواراً منكم، فإن قلتم: لا. فبيننا وبينكم قول شاعرهم:

نَارِي وَنَار الجارِ واحدةٌ = وإليه قبلي تنزل القدر

ما ضرَّ جاراً لي أجاوره = ألاَّ يكون لبيته ستر

أعمى إذا ما جارتي برزت = حتّى يواري جارتي الخدر

وقال بشَّار بن بشر المجاشعي:

وإنِّي لَعَفٌّ عن زِيارَةِ جارَتِي = وإنِّي لَمَشْنُوءٌ إليَّ اغْتِيَابُها

إذا غابَ عَنْها بَعْلُها لم أكنْ لها = زَءُوراً، ولَمْ تَنْبَحُ عليَّ كِلابُها

ولا أنا بالدَّارِي أَحادِيثُ بَيْتِها = ولا عالمٌ من أَيِّ حَوْكٍ ثِيابُها

وقال جُؤَيَّة بن النَّضْر

قالَتْ طُرَيْفَةُ: ما تَبْقَى دَراهِمُنا = وما بنا سَرَفٌ فِيها ولا خُرقُ

إنّا إذا اجْتَمَعَتْ يومًا دَراهِمُنا = ظَلَّتْ إلى طُرُقِ المَعْرُوفِ تَسْتَبِقُ

ما يَأْلَفُ الدِّرْهَمُ الصَّيَّاحُ صَرَّتَنا = إلاّ يَمُرُّ عَلَيْها وهْوَ مُنْطَلِقُ

حتَّى يَصِيرَ إلى نَذْلٍ يُخَلِّدُهُ = يَكادُ مِن صَرِّه إيّاهُ يَنْمَزِقُ

فما أجمل الأدب يسمو بالنفس ويدعو إلى مكارم الأخلاق ويجتث الإنسان من ضيق الدَّنَايَا ليغرس روحه في رحاب الكرامة والوئام، هكذا كان الأدب شعرا ونثرا في الجاهلية والإسلام بل في قرون غبرت من ألسن الأعاجم كان دعوة إلى حسن الخلق وحسن الجوار وإكرام الضيف والشجاعة والإقدام وذم الرذائل وعزة النفس.

ـ[جبران سحّاري]ــــــــ[19 - 06 - 2014, 08:25 ص]ـ

أصلح الله الحال أخي أبا البقاء.

وبعض الباحثين بدأ يسير مع رغبة واقعه كي تسير الأمور في نظره، وكان على الباحث أن يحترم معنى المفردة، والله ولي السداد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015