اقرأ القطعة من الكلام مرارا كثيرة، ثم تدبرها، وقلب تراكيبها، ثم احذف منها عبارة أو كلمة، وضع ما يسد سدها ولا يقصر عنها، واجتهد في ذلك، فإن استقام لك الأمر فترق إلى درجة أخرى، وهي أن تعارض القطعة نفسها بقطعة تكتبها في معناها، وبمثل أسلوبها، فإن جاءت قطعتك ضعيفة فخذ في غيرها، ثم غيرها، حتى تأتي قريبا من الأصل أو مثله.
اجعل لك كل يوم درسا أو درسين على هذا النحو فتقرأ أولا في كتاب بليغ نحو نصف ساعة، ثم تختار قطعة منه فتقرأها حتى تقتلها قراءة، ثم تأخذ في معارضتها على الوجه الذي تقدم – تغيير العبارة أولا ثم معارضة القطعة كلها ثانيا – واقطع سائر اليوم في القراءة والمراجعة.
ومتى شعرت بالتعب فدع القراءة أو العمل، حتى تستجم ثم ارجع إلى عملك ولا تهمل جانب الفكر والتصوير وحسن التخييل.
هذه هي الطريقة ولا أرى لك خيرا منها، وإذا رزقت التوفيق فربما بلغت مبلغا في سنة واحدة.
وقال مخاطبًا أبا ريّة، حاثًا له مشجّعا:
إنه ليس بين الشيخ أبي رية الذي نعرفه والشيخ أبي رية الكاتب المشهور إلا سنتان من عمر الجد والتعب.
وما أرى أحدا يفلح في الكتابة والتأليف إلا إذا حكم على نفسه حكما نافذا بالأشغال الشاقة الأدبية، كما تحكم المحاكم بالأشغال الشاقة البدنية، فاحكم على نفسك بهذه الأشغال سنتين أو ثلاثا في سجن " الجاحظ " أو " ابن المقفع " أو غيرهما، وهبها كانت في أبي زعبل أو طرة.
أ - هـ
فائدة:
أحسن الطبعات لكتب الأدب هذه هي:
،،، البيان والتبيين للجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي.
،،، الكامل للمبرد، تحقيق: محمد الدالي.
،،، أدب الكاتب لابن قتيبة، تحقيق: محمد الدالي.
،،، الأمالي لأبي علي القالي، طبعة دار الكتب المصرية (مجلدان مع الذيل) وصورتها بعض الدور اللبنانية.
،،، كليلة ودمنة لابن المقفع، طبعة دار المعارف بمصر بعناية عبد الوهاب عزام.
،،، الأغاني للأصفهاني، طبعة دار الشعب بمصر.
،،، رسائل الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون.
،،، الحيوان له، كذلك.
،،، المثل السائر لابن الأثير، مطبعة نهضة مصر.
،،، الألفاظ الكتابية للهمذاني، لا أعرف له طبعة متميزة، ورأيتُ بعضهم ينصح بطبعة دار الكتب العلمية. ولم أطّلع عليها.
قال الصاحب ابن عباد عن الهمذاني " لو أدركته لأمرتُ بقطع يده ولسانه، لأنه جمع شذور العربية الجزلة المعروفة في أوراق يسيرة فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب، ورفع عن المتأدبين تعب الدرس والحفظ والمطالعة "
،،، العقد الفريد لابن عبد ربه، تحقيق: أحمد أمين، وأحمد الزين، وإبراهيم الأبياري (سبعة أجزاء) وصورتها بعض الدور اللبنانية.
،،، زهر الآداب للحصري، تحقيق: زكي مبارك (جزءان)
،،، شرح ديوان الحماسة للتبريزي، تحقيق: محي الدين عبد الحميد (الطبعة القديمة). وشرح التبريزي هو المراد عند الإطلاق، ولأن المرزوقي إنما طُبع بعدُ.
،،، نهج البلاغة، المشهور أن تحقيق محمد عبده أحسنها.
،،، الأدب الصغير والكبير لابن المقفع، تحقيق: أحمد زكي باشا، وقد طبعهما مفصولتين، الصغير طبعته جمعية العروة الوثقى الخيرية سنة 1329هـ، والكبير سنة 1330هـ وهما عندي، وقد رأيتمها مصورتين.
،،، اليتيمة له، يوجد قطعة منها في رسائل البلغاء لمحمد كرد علي (الطبعة القديمة وصورتها مكتبة ابن تيمية بمصر). والرسالة مفقودة، أو أنها هي الأدب الكبير والصغير، أو أحدهما.
،،، البخلاء للجاحظ، تحقيق: علي الجارم. وقد حققه: طه الحاجري، وتحقيقه أكمل لأن طبعة الجارم مدرسيّة حُذف منها مالا يحسُن نشرُه، غير أنّ طبعة الجارم ضُبطت بالشكل، وفسّر فيها الغريب والمبهم، فلذا هي عندي أولى بالتقديم من طبعة الحاجري. ولو جُمع بينهما لكان حسنًا.
،،، الصناعتين لأبي هلال العسكري، تحقيق: علي البجاوي، ومحمد أبو الفضل إبراهيم.
،،، تاريخ الطبري، طبعة دار المعارف بمصر.
أبو العباس
ـ[عبد الرؤوف أبو شقرة]ــــــــ[23 - 04 - 2010, 11:22 م]ـ
أخي أبا العباس
أراك أحسنت الاختيار، جزاكم الله خيرا ونفع بكم فقد أفدت مما نقلتم كثيرا، وأحسب أنني سأدخل سجن الأدب كما طلب.
اقرأ القطعة من الكلام مرارا كثيرة، ثم تدبرها، وقلب تراكيبها، ثم احذف منها عبارة أو كلمة، وضع ما يسد سدها ولا يقصر عنها، واجتهد في ذلك، فإن استقام لك الأمر فترق إلى درجة أخرى، وهي أن تعارض القطعة نفسها بقطعة تكتبها في معناها، وبمثل أسلوبها، فإن جاءت قطعتك ضعيفة فخذ في غيرها، ثم غيرها، حتى تأتي قريبا من الأصل أو مثله.
اجعل لك كل يوم درسا أو درسين على هذا النحو فتقرأ أولا في كتاب بليغ نحو نصف ساعة، ثم تختار قطعة منه فتقرأها حتى تقتلها قراءة، ثم تأخذ في معارضتها على الوجه الذي تقدم – تغيير العبارة أولا ثم معارضة القطعة كلها ثانيا – واقطع سائر اليوم في القراءة والمراجعة.أ - هـ
أبو العباس
ما رأي الأخوة دام فضلكم بأن تفتح دورة للتمرين على فك المقاطع الأدبية وإعادة تركيبها بإشراف أهل التخصص ونقدهم، حتى يقع لنا المراس والتمكن من هذا العلم، فلتقوموا باختيار المقاطع المطلوبة ولنبدأ مشروعا لصناعة الأدباء.
¥