مع الملاحظة أن من حاله كحالي في بلاد -هي فلسطين- عمل بها جلادها على إبادة العلم والعلماء وقد قطع عني كل طريق إلى بساتين العلم ومجالسة العلماء بعد أن منّ الله علي بمجالستهم بضع سنين، فهل من كتب تسد عنا بمعونة الله وتوفيقه ذاك الانقطاع؟
وأي شيء تنصحون به في الأدب فبضاعتي فيها مزجاة!
وبارك الله فيكم
ـ[أبو العباس]ــــــــ[23 - 04 - 2010, 05:39 ص]ـ
وأي الكتب تنصحون بها من يريد لجم لسانه عن الزلل؟
وأيها أنفع لتنشئة الصغار على تقويم اللسان؟
مع الملاحظة أن من حاله كحالي في بلاد -هي فلسطين- عمل بها جلادها على إبادة العلم والعلماء وقد قطع عني كل طريق إلى بساتين العلم ومجالسة العلماء بعد أن منّ الله علي بمجالستهم بضع سنين، فهل من كتب تسد عنا بمعونة الله وتوفيقه ذاك الانقطاع؟
وأي شيء تنصحون به في الأدب فبضاعتي فيها مزجاة!
من رسائل الرافعي إلى أبي ريّة:
أيّها الفاضلُ
إنّ أعمالي كثيرةٌ في هذه الأيام ِ ولذا أراني أبطأتُ في الردِ على كتابكَ، وإنّي مجيبك عنهُ بإيجازٍ، لأنّ ما سألتَ عنهُ يصعبُ التبسّطُ فيهِ على وجهٍ واحدٍ.
إنّكَ تريدُ امتلاكَ ناصيةِ الأدبِ – كما تقولُ -، فينبغي أن تكونَ لكَ مواهبُ وراثية ٌ تؤديكَ إلى هذه الغايةِ، وهي مالا يُعرفُ إلا بعدَ أن تشتغلَ بالتحصيل ِ زمناً، فإن ظهرَ عليكَ أثرها وإلا كنتَ أديباً كسائرِ الأدباءِ، الذينَ يستعيضونَ من الموهبةِ بقوّةِ الكسبِ والاجتهادِ.
فإذا رغبتَ في أقربِ الطرق ِ إلى ذلكَ فاجتهدْ أن تكونَ مفكّراً منتقداً، وعليكَ بقراءةِ كتبِ المعاني قبلَ كتبِ الألفاظِ، وادرسْ ما تصلُ إليهِ يدكَ من كتبِ الاجتماعِ والفلسفةِ الأدبيةِ في لغةٍ أوربيةٍ أو فيما عرّبَ منها.
واصرف همّكَ من كتبِ الأدبِ العربي – بادىء ذي بدءٍ – إلى كتابِ كليلةَ ودمنة والأغاني ورسائلَ الجاحظِ وكتابَ الحيوان ِ والبيانِ والتبيين لهُ، وتفقّه في البلاغةِ بكتابِ " المثل ِ السائرِ "، وهذا الكتابُ وحدهُ يكفلَ لكَ ملكةً حسنة ً في الانتقادِ الأدبي، وقد كنتُ شديدَ الولعُ بهِ.
ثمّ عليكَ بحفظِ الكثيرِ من ألفاظِ كتابِ " نُجعةِ الرائدِ " لليازجي والألفاظِ الكتابيّةِ للهمذانيّ، وبالمطالعةِ في كتابِ " يتيمةِ الدهرِ " للثعالبيّ والعقدِ الفريدِ لابن عبدربه وكتابِ " زهرِ الآدابِ " الذي بهامشهِ.
وأشيرُ عليكَ بمجلّتينِ تُعنى بقراءتهما كل العنايةِ " المقتطف والبيان "، وحسبكَ " الجريدةُ " من الصحفِ اليومية و " الصاعقة " من الأسبوعية، ثم حسبكَ ما أشرتُ عليكَ بهِ فإنّ فيهِ البلاغ كلّهُ، ولا تنسَ شرحَ ديوان ِ الحماسةِ وكتابَ نهجِ البلاغةِ فاحفظْ منهما كثيراً.
ورأسُ هذا الأمر ِ بل سرّ النجاح ِ فيهِ أن تكونَ صبوراً، وأن تعرفَ أن ما يستطيعهُ الرجلُ لا يستطيعهُ الطفلُ إلا متى صارَ رجلاً، وبعبارةٍ صريحةٍ إلا من انتظرَ سنواتٍ كثيرة.
فإن دأبتَ في القراءةِ والبحثِ، وأهملتَ أمرَ الزمن ِ – طالَ أو قصرَ – انتهى بكَ الزمنُ إلى يوم ٍ يكونُ تاريخاً لمجدكَ، وثواباً لجدّكَ.
والسلامُ عليكَ ورحمة ُ اللهِ.
وقال:
الإنشاء لا تكون القوة فيه إلا عن تعب طويل في الدرس وممارسة الكتابة والتقلب في مناحيها والبصر بأوضاع اللغة وهذا عمل كان المرحوم الشيخ " محمد عبده " يقدر أنه لا يتم للإنسان في أقل من عشرين سنة.
فالكاتب لا يبلغ أن يكون كاتبا حتى يبقى هذا العمر في الدرس وطلب الكتابة.
فإذا أوصيتك فإني أوصيك أن تكثر من قراءة القرآن ومراجعة " الكشاف " (تفسير الزمخشري).
ثم إدمان النظر في كتاب من كتب الحديث " كالبخاري " أو غيره، ثم قطع النفس في قراءة آثار " ابن المقفع " " كليلة ودمنة " " واليتيمة " والأدب الصغير "، ثم رسائل الجاحظ، وكتاب " البخلاء " ثم " نهج البلاغة " ثم إطالة النظر في كتاب " الصناعتين " و " المثل السائر " لابن الأثير، ثم الاكثار من مراجعة " أساس البلاغة " للزمخشري.
فإن نالت يدك مع ذلك كتاب " الأغاني " أو أجزاء منه و " العقد الفريد "، و " تاريخ الطبري " فقد تمّت لك كتب الأسلوب البليغ.
¥