ـ[عائشة]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 12:19 م]ـ
دُونَ الحَلاوَةِ في الزَّمانِ مَرَارَةٌ * لا تُخْتَطَى إلاَّ عَلَى أَهْوَالِهِ
ـــــ // الشَّرح // ــــ
" حلاوةُ الزَّمان لا يُوصَل إليها إلاَّ بعد ذَوْقِ مرارته، وتلك المرارة لا يتجازوها أحدٌ إلاَّ بركوب الأهوال ".
[العَرْف الطَّيِّب (2/ 55)].
.
.
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 12:37 م]ـ
لَوْلا المشقَّةُ سادَ النَّاسُ كُلُّهُمُ * الجُودُ يُفْقِرُ والإقْدَامُ قَتَّالُ (1)
وإنَّما يَبْلُغُ الإنْسَانُ طَاقَتَهُ * مَا كُلُّ مَاشِيةٍ بِالرَّحْلِ شِمْلالُ (2)
إنَّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بِهِ * مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ إحْسَانٌ وإِجْمَالُ (3)
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّاني وحاجَتُهُ * مَا قَاتَهُ وفُضُولُ العَيْشِ أشْغَالُ (4)
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) يقول: لولا أنَّ في بلوغ السِّيادة مشقَّة؛ لصار النَّاس كلُّهم سادةً. ثمَّ بيَّن تلك المشقَّة؛ فقال: الجود يُفضي إلى الفقر، والإقدام يُفضي إلى القتل، ولا سيادة بدون هذين.
(2) يعتذر لِمَن لَّمْ يَسُدْ من النَّاس؛ يقول: إنَّما يبلغ الإنسان مقدار طاقته وإمكانه، فليس كلُّ أحد أهلاً للاضطلاع بالمشقَّة، وتحمُّل أعباء السِّيادة؛ كما أنَّ ليس كُلُّ ناقةٍ مَشَتْ بالرَّحْل تكون شِملالاً [وهي النَّاقة الخفيفة].
(3) أي: لكثرة مَن يتعامل بالقبيح؛ صار تركُ القبيح يُعدُّ إحسانًا؛ لأنَّ الإحسان لا يُطمَع فيه.
(4) أي: إذا بَقِيَ ذِكْرُ الإنسانِ بعد موته؛ فذلك بمنزلة حياة ثانية له. وحاجة الإنسان في حياته قدر القوت، وما فضل عنه؛ فهو شغل له، لا حاجة إليه، ولا منفعة فيه.
[العَرْف الطَّيِّب (2/ 372، 373)].
.
.
نفع الله بك أستاذة عائشة،
الأبيات السابقة كنت قرأتها في ديوان الشافعي، ولا تظهر لي منسابة البيتين الأخيرين للأولين إلا بتكلفـ،
هل يجوز أن يقصد بـ (ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّاني): ذكر الآخرة؟
ـ[أبو ولاء]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 05:27 م]ـ
باركَ الله فيكَ.
بل يستقيمُ معنَى البَيْتِ بهذه الرِّواية الَّتي تفضَّل بها الأستاذ/ أبو قُصيٍّ، وأراها أكثر توافُقًا وانسجامًا - كما قلتُ سابقًا -، وذلك واضحٌ منَ الشَّرْحِ الَّذي أوردتُّه:
وفيكِ بارك.
جميل، ولماذا ذكرَ صاحبَ [العرف الطيِّب] البيت على الوجه المذكور؟!
ـ[عائشة]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 08:04 م]ـ
وفيكِ بارك.
جميل، ولماذا ذكرَ صاحبَ [العرف الطيِّب] البيت على الوجه المذكور؟!
رُبَّما ساعدَهَ علَى ذلك ما جاء في البيتِ السَّابق؛ وهو قولُ المتنبِّي:
أرَى كُلَّنا يَبْغي الحياةَ لنفسِهِ * حريصًا علَيْها مُستهامًا بها صَبّا
أوْ أنَّه كان قدِ اطَّلعَ علَى الرِّواية هذه، مع أنَّ الرِّواية في الشَّرح الَّذي بينَ يديَّ (طبعة دار صادر - بيروت) كانَتْ كما أوردتُّ سابقًا: (وحبُّ الشُّجاعِ الحربَ أورده الحرْبَا).
ـ[عائشة]ــــــــ[08 - 10 - 2008, 08:08 م]ـ
نفع الله بك أستاذة عائشة،
الأبيات السابقة كنت قرأتها في ديوان الشافعي، ولا تظهر لي منسابة البيتين الأخيرين للأولين إلا بتكلفـ،
هل يجوز أن يقصد بـ (ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّاني): ذكر الآخرة؟
شَكَرَ الله لكَ.
والأبياتُ للمتنبِّي من آخِر قصيدةٍ يمدح بها فاتكًا المعروف بالمجنون، ومطلعُها قوله:
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ * فَلْيُسعِدِ النُّطقُ إن لَّم تُسْعِدِ الحالُ
أمَّا السُّؤال؛ فلم يتَّضح لي.
ـ[عبد العزيز]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 11:57 ص]ـ
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّاني وحاجَتُهُ * مَا قَاتَهُ وفُضُولُ العَيْشِ أشْغَالُ
لا أدري لماذا لم أقبل هذا المعنى (إذا بَقِيَ ذِكْرُ الإنسانِ بعد موته؛ فذلك بمنزلة حياة ثانية له)، كيف يكون عمرَه الثاني وهو يغط في موته، لم لا يكون المقصود الزيادة في حياته كما تزيد صلة الرحم في عمره؟ ولم لا يكون فيه حث على تذكر الآخرة (ذِكْرُ الفَتَى عُمْرَهُ الثَّاني) أي (أن يذكر الفتى الآخرة) فالسياق سياق وعظ؟
بارك الله فيكم
ـ[عائشة]ــــــــ[09 - 10 - 2008, 02:44 م]ـ
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّاني وحاجَتُهُ * مَا قَاتَهُ وفُضُولُ العَيْشِ أشْغَالُ
لا أدري لماذا لم أقبل هذا المعنى (إذا بَقِيَ ذِكْرُ الإنسانِ بعد موته؛ فذلك بمنزلة حياة ثانية له)، كيف يكون عمرَه الثاني وهو يغط في موته، لم لا يكون المقصود الزيادة في حياته كما تزيد صلة الرحم في عمره؟ ولم لا يكون فيه حث على تذكر الآخرة (ذِكْرُ الفَتَى عُمْرَهُ الثَّاني) أي (أن يذكر الفتى الآخرة) فالسياق سياق وعظ؟
بارك الله فيكم
المعنَى الَّذي قالَه الشَّارِحُ هو الَّذي أرادهُ المتنبِّي، فالصَّالحُ إذا ماتَ؛ بَقِيَ ذِكْرُهُ الحسَن بعدَ موتِه؛ فكانَ ذلك بمنزلةِ حياةٍ لَّه؛ كما قال الشَّاعِر:
* فالنَّاسُ موتَى وأهلُ العِلْمِ أحياءُ *
ويقولُ أحمد شوقي:
والنَّاسُ صنفانِ: موتَى في حياتِهُمُ * وآخَرونَ بِبَطْنِ الأرضِ أحياءُ
فالثَّناءُ الحسَنُ يُحيِي ذِكْرَ صاحبِهِ؛ وفي ذلك يقولُ أعرابيٌّ [العمدة: 1/ 29]:
إنَّ الثَّناءَ ليُحْيي ذِكْرَ صاحِبِهِ * كالغَيْثِ يُحْيي نداهُ السَّهْلَ والجبَلا
وقبل هذا: ما جاءَ في التَّنزيل: ((واجْعَل لِّي لِسانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ)) [الشعراء: 84].
ولعلَّه تبادَرَ إلى ذهنِكَ أنَّ كلمة (عُمره) - في البيت - جاءَتْ مفعولاً به؛ ولذا: لَمْ تَقْبَلِ المعنَى؛ ومن هُنا: أردتُّ التَّنبيه علَى أنَّ كلمة (عُمرُه) خبر للمبتدإِ (ذِكْرُ)، وليْسَتْ مفعولاً به، وقولُه (ذِكْرُ الفتَى) معناهُ: أن يذكُرَ النَّاسُ الفتَى؛ فهو من إضافة المصدرِ إلى مفعولِه، لا إلى فاعِلِه.
والله تعالَى أعلم.
¥