أَهْلُ الحَفيظَةِ إلاَّ أَنْ تُجَرِّبَهُمْ * وَفِي التَّجَارِبِ بَعْدَ الغَيِّ مَا يَزَعُ (2)
وَمَا الحيَاةُ وَنَفْسِي بَعْدَ مَا عَلِمَتْ * أنَّ الحيَاةَ كَمَا لا تَشْتَهِي طَبَعُ (3)
لَيْسَ الْجَمَالُ لِوَجْهٍ صَحَّ مَارِنُهُ * أَنْفُ العَزِيزِ بِقَطْعِ الْعِزِّ يُجْتَدَعُ (4)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
ومَا حَمِدتُّكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ * حَتَّى بَلَوْتُكَ والأبْطَالُ تَمْتَصِعُ (5)
فَقَدْ يُظَنُّ شُجاعًا مَن بِهِ خَرَقٌ * وَقَدْ يُظَنُّ جَبَانًا مَن بِهِ زَمَعُ (6)
إنَّ السِّلاحَ جَمِيعُ النَّاسِ تَحْمِلُهُ * وَلَيْسَ كُلّ ذَواتِ الْمِخْلَبِ السَّبُعُ (7)
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) غيري يغتَرُّ بأكثر النَّاس؛ لقلَّة التَّجارب؛ فإنَّهُم يُوهِمونه الشَّجاعة عند الحديث، ولكنَّهم يجبنون عند القتال.
(2) هؤلاء النَّاس أهلُ حميَّة وأنَفة ما لَمْ تُجرِّبْهُم، فإذا جرَّبْتَهُم؛ لَمْ تَجِدْهُمْ كذلك. ويريد بالغيِّ: الاغترار؛ أي: وفي تجربة الشَّيء بعد الاغترار به ما يكشفُ عن دخلتِه، ويكفُّ عن الاغترار به.
(3) ما لنفسي والحياة بعد ما عَلِمَتْ أنَّ حياتَها -على غير الحال الَّتي تشتهيها- شَينٌ لها.
(4) ليس جمالُ الوجه بأنْ يبقى مارِنُهُ [طَرَفُ الأنف] صحيحًا، فإنَّ العزيز متى انقطع العزُّ عنه؛ ذلَّ؛ فصَارَ كالمقطوع الأنف.
(5) لم أحمدكَ في مواقف الهول إلاَّ بعد أنِ اختبرتُكَ، ورأيتُ ثباتَكَ على القتال، والأبطال مِن حولكَ ينهزمون.
(6) قَدْ يُظَنُّ مَن بِهِ خِفَّة وَنَزَقٌ شُجاعًا، وقَدْ يُظَنُّ مَن بِهِ رعدةٌ مِن غَضَبٍ جبانًا، وإنَّما يتحقَّق الأمر بعد التَّجربة. والمعنى: أنِّي مَدَحْتُكَ بالشَّجاعة بعد اختباركَ، ومُعاينة أفعالكَ؛ فأنا أقول ما أقوله عن يقين.
(7) ليس كُلُّ مَن يحمل السِّلاح يستعمله، كما أنَّه ليس كُلُّ ذي مِخْلَبٍ يفترس.
[العَرْف الطَّيِّب (2/ 89، 90، 96)].
.< o:p></o:p>
.<o:p></o:p>
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[24 - 07 - 2008, 09:15 م]ـ
أنا شاكرٌ لكِ هذا الاختيارَ البصيرَ، والإحسانَ المتَّصِلَ. ورجلٌ مثلُ المتنبي خليقٌ حقًّا أن تُصرفَ الهِمةِ إلى تلقُّطِ بدائعِ أشعارِهِ، وأوابدِها، لمكانِهِ المحفوظِ من الأدبِ.
أبو قصي
ـ[عائشة]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 08:36 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا علَى تشجيعكم الطيِّب.
ـ[عائشة]ــــــــ[25 - 07 - 2008, 08:38 ص]ـ
وَكُلٌّ يَّرَى طُرْقَ الشَّجَاعَةِ والنَّدَى * ولَكِنَّ طَبْعَ النَّفْسِ للنَّفْسِ قَائِدُ
ـــــ // الشَّرح // ــــ
" أي: كل أحدٍ يعرف طرق الشَّجاعة والكرم، ولكنَّ طبع النَّفس يقودها إلى ما طُبِعَتْ عليه؛ فلا يقدر أن يتكلَّف غيره ".
[العَرْف الطَّيِّب (2/ 104)].
.< o:p></o:p>
.<o:p></o:p>
ـ[عائشة]ــــــــ[26 - 07 - 2008, 10:02 ص]ـ
وَمَا الغَضَبُ الطَّريفُ وإنْ تَقَوَّى * بِمُنتَصِفٍ مِّنَ الكَرَمِ التِّلادِ (1)
فَلا تَغْرُرْكَ ألْسِنَةٌ مَّوَالٍ * تُقَلِّبُهُنَّ أفْئِدَةٌ أعَادِي (2)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
فإنَّ الجُرْحَ يَنْفِرُ بَعْدَ حِينٍ * إذا كَانَ البِنَاءُ عَلَى فَسَادِ (3)
وإنَّ الْمَاءَ يَجْرِي مِن جَمَادٍ * وإنَّ النَّارَ تَخْرُجُ مِن زِنادِ
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) يعني: أنَّ الغضب الطَّارئ مهما اشتدَّ وتقوَّى لطلب الانتقام؛ لا يغلب على الكَرَم الموروث؛ الَّذي يقتضي الصَّفح؛ فلا ينتصف منه باستيفاء حقِّ الانتقام.
(2) يقول: إنَّ ألسنتهم تُظهِر لك الصَّداقة، وقلوبهم تُبطِن العداوة؛ فلا تغترَّ بظاهرهم.
(3) نفر الجرح: هاج وورم، وقوله: " إذا كَانَ البِنَاءُ عَلَى فَسَادِ "؛ أي: إذا كان برؤه مبنيًّا على فسادٍ في غوره، والمعنى: أنَّهم يطوون العداوة في أنفسهم إلى أن تمكنهم الفرصة.
[العرف الطَّيِّب (1/ 212)].
.
.
ـ[عائشة]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 01:32 م]ـ
فََرُبَّ كَئِيبٍ لَّيْسَ تَندَى جُفُونُهُ * وَرُبَّ نَدِيِّ الْجَفْنِ غَيْرُ كَئيبِ (1)
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
إذَا اسْتَقْبَلَتْ نَفْسُ الكَرِيمِ مُصَابَهَا * بِخُبْثٍ ثَنَتْ فَاسْتَدْبَرَتْهُ بِطِيبِ (2)
وَلِلْوَاجِدِ المكْرُوبِ مِن زَفَرَاتِهِ * سُكُونُ عَزَاءٍ أَوْ سُكُونُ لُغُوبِ (3)
ـــــ // الشَّرح // ــــ
(1) أي: ليس بالبكاء يُعلَم الحُزنُ؛ فَرُبَّ محزونٍ يعصيه الدَّمع فلا يبكي، ورُبَّ باكٍ تسيلُ دموعه وليس بمحزون.
(2) أي: إذا استقَبَلَتْ نفسُ الكريم مُصيبتها بالجزع؛ انثَنَتْ بعد ذلك فأعرَضَتْ عنها وهي صابرة؛ لعلمها أنَّ الجزع لا يُفيد.
(3) أي: أنَّ المحزون لا بُدَّ له مِن سُكون، فإن لَّمْ يَسْكُنْ عزاءً؛ أعياه الحُزن؛ فسكَنَ عجزًا.
[العَرْف الطَّيِّب (2/ 108، 109)].
.
.
¥