الإنعام: هو ابتداء النعمة قبل أن يسألها احد منك، أنت أعلى ممن تنعم عليه والنعمة لا تكون إلا من الأعلى إلى الأدنى، فتكون من أمير إلى رعيته فينعم عليها إنعاماً ابتدائيا لا يسأل فيه إلى رعيته فينعم عليهم، فالنعمة من الأعلى إلى الأدنى، أما إذ سألتها فليست نعمة. < o:p></o:p>
أما التفضل: هو تمييز أحد الناس بميزة لكي يتميز عن غيره، أنت تخص واحداً من الناس بميزة معينة وبالتالي أنت لا تكون إلا ذا شأن إذا كنت ذا شأن فأكرمت واحداً من الناس إكراماً لكي يتميز عن بقية أقرانه فهذا هو التفضل.< o:p></o:p>
قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) [سورة الإسراء: 70]. < o:p></o:p>
وقال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [سورة النساء: 34]. < o:p></o:p>
أما المنة:المنعة لا يستطيع أحد أن يفعلها إلا صاحب تلك المنة، أن تهب واحداً حياته، أو أن تنقظه من الغرق أو أن تعفوا عنه وقد حكم عليه بالإعدام وهذا في الدنيا لا يفعلها إلا الملوك أصحاب النفوذ الواسع ورب العالمين هو أولى الناس بها ولا تليق إلا بالله تعالى ولقد من الله على سيدنا موسى قال تعالى: (ولقد مننا عليك مرة أخرى) [سورة طه: 37]. < o:p></o:p>
ولقد منّ علينا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث منهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) [سورة آل عمران: 164].< o:p></o:p>
وهذه منه عظيمة لا يستطيع أحد أن يفعلها إلا الله سبحانه وتعالى ولقد عرفنا في هذه العجالة الموجزة الفرق الدقيق بين هذه الكلمات التي تبدوا في الظاهر كأنها واحدة، فنقول بررت بأبيك، وتفضل إليك أخوك، وأنعم عليك الملك، وتفضل عليك رئيسك ومنَّ الله عليك. < o:p></o:p>
كلها عطاء ولكن لكل كلمة جرساً وهمساً ونفساً ولفتة ودقة تختلف عن الكلمة الأخرى قطعاً، نعود الآن لكي نشرح الكلمات كلمة كلمة، ونبين كيف أستعملها القرآن الكريم وكيف وظفها ذلك التوظيف الهائل الذي يعطي ذلك التوظيف موضوعاً كاملاً تستطيع أن تكتب فيه بحثاً هائلاً بمجرد اختيار كلمة واحدة فالله سبحانه وتعالى قال: (وكان فضل الله عليك عظيماً) ولم يقل إنعامه عليك فالله منّ على الناس منّاً وتفضل على محمد تفضلاً لأن محمد متميز أفضل الناس.< o:p></o:p>
نبدأ بكلمة البر: البر هو العمل الصالح الشاق بكل أنواعه مادام واجباً وإذا صار البر منك سجية ودأباً وعادة فأنت بَرٌ قال تعالى: (إن كنا ندعوه إنه هو البر الرحيم) [سورة الطور: 28].< o:p></o:p>
فالبَر هو كثير البِر بالآخرين وما من أحد أكثر براً بعباده من الله < o:p></o:p>
ولو قال أنا أبر والدتي لما كانت لتعطي نفس المعنى لكنا نبر بأمهاتنا ولكن قد يحدث منا شيء في يوم من الأيام قد يعكر صفوها ونحن بارون بأمهاتنا ولكننا لم نصل إلى الحد أن نكون بَراً، البَر مطلق والبر نسبي فرب العالمين وهو بر فبره مطلق، فسيدنا عيسى عليه السلام من معجزاته كان بَراً مطلقاً بأنه ولم يسيء إليها يوماً هذا البر وحينئذ البر مأخوذ من البر ضد البحر والبر واسع ولو أن واقع الحال أن المياه أكثر من اليابسة ولكن كما نعرف أن المحيطات والبحار مساحتها أكبر من اليابسة ولكن ما قيمة ذلك إذا كانت حركتك في البحر محدودة أن لا تتحرك داخلها إلا في الفلك، فحركتك في البحار على سعة البحار هي حركة محدودة أما في البر فأنت تركد قال تعالى: (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) [سورة ص: 42].< o:p></o:p>
وقال تعالى: (الم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) [سورة النساء: 97].< o:p></o:p>
¥