ملتقي اهل اللغه (صفحة 4344)

بين السنة والعام

ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 09:26 م]ـ

لا يكاد الناس يفرقون بين (السنة) و (العام)، فيضعون إحدى الكلمتين موضع الخرى؛ ظنا منهم أنهما مترادفتان، وقد يقع الترادف في كلام البشر، أما القرآن الكريم، فبين كل لفظين من ألفاظه فرق وإن دقّ، ولو توهم الناس الترادف.

وقد وردت (السنة) في القرآن الكريم أثناء حديثه عن الجدب، قال تعالى: ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات، وورد (العام) في الحديث عن الرخاء، قال تعالى: ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس، فلله ما أجمل بلاغة القرآن، وما أجمل الحياة في رحابه. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 09:31 م]ـ

وقد يقع الترادف في كلام البشر، أما القرآن الكريم، فبين كل لفظين من ألفاظه فرق وإن دقّ، ولو توهم الناس الترادف.

بارك الله فيك يا أبا عبدِ الله. أما الترادفُ في القرآنِ، فلي فيهِ ردّ سابقٌ:

الكلامُ على إمكانِ الترادفِ في الكلِمِ يطولُ. والصحيحُ الذي أرضاه، وأرى العللَ الفطريةَ، والواقعيةَ، والعقليةَ تُسنِدُه وتُظاهره، أنه يقعُ في كلامِ العربِ، وفي كلامِ الله تعالى. ومن الخطأ أن نقصُرَ البلاغةَ في مسالكَ معدودةٍ؛ إذ من البلاغةِ التنويعُ. ووجهُ عَلاقتِه بالبلاغةِ مراعاتُه حالَ المخاطبِ بطردِ المللِ، واجتلابِ الجِدّةِ في الحديثِ، وتجنّبِ التَّكرارِ، لما له من ثِقَلٍ على النَّفوسِ. وللمعارضِ لهذا أن يلتمسَ التأويلاتِ؛ ولكنَّ التزامَه ذلكَ سيفضي بهِ إلى ما هو أشدُّ مما هربَ منه ممَّا لا يَرضاه أحدٌ لكلامِ الله تعالى. والذي يدلُّك على ثبوتِ الترادفِ أنَّ الكلمةَ الواحدةَ في السياقِ الواحدِ، والغرضِ الواحدِ، تُقرأ عدَّةَ قراءاتٍ؛ نحو ((وعلى أبصارهم غشوةٌ))، و ((غشاوةٌ))، و (نزَّلَ وأنزل)؛ فلو فرقتَ بينها في المعنى، لأسلَمَكَ هذا إلى التناقضِ. وإذا كانت العربيةُ لغةً كسائر اللغاتِ؛ يعتوِرها ما يعتوِرُها، وإذا كانت ليست منطِقًا؛ وإنما مرجعُها العقلُ البشريُّ بما فيهِ من منطقٍ، وتجوّزٍ، وتوهُّمٍ، وتشبيهٍ، فلا بِدْعَ أن يكونَ في العربيةِ الألفاظُ المترادِفةِ؛ بل لو منعنا مثلَ هذا، لأسأنا إلى اللغةِ من حيث أردنا الإحسانَ؛ وذلك بالاكتفاءِ بلفظٍ واحدٍ للمعنى الواحدِ؛ فإن هذا ليس بمحمودٍ. وكلامُ الله تعالى منزّلٌ على ما يُوافق نِظامَ العربِ في كلامِهم؛ وإنَّما يمنعُ بعضُهم الترادفَ فيهِ لتوهّمهم أنَّه أمرٌ مذمومٌ. وهذا لا يصِح، لمخالفتِه العقلَ، والفطرةَ البشريةَ، ولأنَّ الترادفَ لهُ علّةٌ وجيهةٌ بيّنّا ذكرَها.

أبو قصي

ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 09:54 م]ـ

جزاك الله خيرا أبا قصيّ، ونفعنا بكم، وبارك فيكم، وجمعنا في دار رحمته وكرامته

ـ[عائشة]ــــــــ[09 - 05 - 2011, 08:17 ص]ـ

جزاكم الله خيرًا.

قال السُّهيليُّ -رحمه الله- في «الرَّوض الأُنُف 3/ 174»:

(والسَّنة والعام وإنِ اتَّسعت العرب فيهما، واستعملَتْ كُلَّ واحدٍ منهما مكانَ الآخَرِ اتِّساعًا؛ ولكنَّ بينهما -في حُكم البلاغة، والعِلم بتنزيلِ الكلامِ- فرقًا، فخُذْهُ -أوَّلًا- مِنَ الاشتقاقِ؛ فإنَّ السَّنةَ مِن: سَنَا يَسْنُو؛ إذا دارَ حول البِئرِ، والدَّابَّةُ: هي السَّانِيةُ، فكذلك السَّنَةُ دَوْرَةٌ من دورات الشَّمس، وقد تسمَّى السَّنَةُ دارًا؛ ففي الخَبَرِ: إنَّ بين آدمَ ونوح ألفَ دارٍ؛ أي: ألف سنة. هذا أصلُ الاسم. ومِن ثَمَّ قالوا: أكلتْهم السَّنَةُ؛ فسمَّوا شِدَّة القَحْطِ سنةً؛ قال اللهُ سبحانه: ((وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ)) [الأعراف: 130]، ومن ثَمَّ قيل: أسْنَتَ القومُ؛ إذا أقحطوا -وكأنَّ وَزْنَهُ أفْعَتوا، لا أفْعَلُوا، كذلك قال بعضُهم، وجعل سيبويه التَّاء بدلًا من الواوِ، فهي عنده أفعلوا-؛ لأنَّ الجدوبة والخصب معتبر بالشِّتاء والصَّيف، وحساب العَجَمِ إنَّما هو بالسِّنين الشَّمسيَّة، بها يؤرِّخون، وأصحابُ الكهف مِنْ أُمَّة عجميَّة، والنَّصارى يعرفون حديثَهم، ويؤرِّخون به، فجاء اللَّفظ في القرآن بذكر السِّنين الموافقة لحسابِهِم، وتَمَّمَ الفائدةَ بقوله: ((وَازْدَادُوا تِسْعًا))؛

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015