ويقال: جَمَّرَتِ المرأةُ شَعْرَها، إذا جمَعَتْهُ وعَقَدَتْهُ في قفائها، وهذا جَميرُ القوم أي مجتَمَعُهم، وقد أجْمَرَ القوم على الأمر: اجتَمَعُوا ـــ وابنُ جَميرٍ: اللّيلُ المظلم.
جمل الجيم والميم واللام أصلان: أحدهما تجمُّع وعِظَم الخَلْق، والآخر حُسْنٌ.
فالأوّل قولك أجْمَلْتُ الشَّيءَ، وهذه جُمْلَة الشَّيء، وَأجْمَلْتُه: حصّلته؛ وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} (الفرقان32).
ويجوز أنُ يكون الجَمَل من هذا، لِعظَم خَلْقه، وَالجُمَّل حَبْل غَليظ، وهو من هذا أيضاً. ويقال أجْمَل القومُ: كثُرت جمالُهم، وَالجُمَاليّ: الرَّجُل العظيم الخَلْق، كأنه شُبِّه بالجمل، وكذلك ناقةٌ جُمَالِيَّة. قال الفراء: {جِمَالاَتٌ} جمع جَمَل، وَالجِمَالات: ما جمع من الحِبال والقُلُوس.
والأصل الآخر الجَمَال، وهو ضدُّ القبح، ورجلٌ جميل وَجُمَّال؛ قال ابن قتيبة: أصله من الجمِيل وهو وَدَك الشَّحمِ المُذابِ، يراد أنَّ ماءَ السِّمَنِ يجري في وجهه. ويقال جَمَالَكَ أن تفعَلَ كذا، أي اجْمُل ولا تَفْعَلْه؛ قال أبو ذؤيب:
جَمَالَكَ أيُّها القلبُ الجريحُ
ستَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتستريحُ
وقالت امرأةٌ لابنتها: «تَجَمَّلِي وتَعَفَّفِي»، أي كُلِي الجَميلَ ـــ وهو الذي ذكرناه من الشَّحم المذاب ـــ واشربي العُفَافَة، وهي البقية من اللبن.
جهر الجيم والهاء والراء أصلٌ واحد، وهو إعلان الشَّيء وكَشْفُه وعُلُوّه: يقال جَهَرتُ بالكلام: أعلنتُ به، ورجلٌ جَهِير الصَّوت، أي عالِيهِ؛ قال:
أخاطِبُ جَهْراً إذْ لهُنَّ تَخَافُتٌ وشَتَّانَ بينَ الجهْرِ والمَنْطِقِ الخَفْتِ
ومن هذا الباب: جَهَرت الشّيءَ، إذا كان في عينك عظيماً، وَجَهَرْت الرّجُل كذلك؛ قال:
كأنَّما زُهاؤُه لِمَنْ جَهَرْ
فأمّا العَيْن الجَهْراءُ فهي التي لا تُبْصر في الشمس. ويقال رأيْت جُهْرَ فلانٍ، أي هَيْئَتَه، قال:
وما غيَّبَ الأقوامُ تابِعَةَ الجُهْرِ
أيْ لم يقدِرُوا أن يغيِّبوا من خُبْره وما كان تابعَ جُهْره. ويقال جَهِيرٌ بَيِّنُ الجَهَارةُ، إذا كان ذا منظرٍ، قال أبو النجم:
وأرَى البَياضَ على النِّساء جَهاَرةً والعِتْقُ أعرِفُهُ على الأَدْمَاءِ
ويقال جَهَرَنا بنِي فلانٍ، أي صبَّحناهم على غِرَّة، وهو من الباب، أي أتيناهم صباحاً، والصَّباح جَهْر. ويقال للجماعة الجَهْراء، ويقال إنّ الجَهْراء الرّابِية العَريضة.
جهل الجيم والهاء واللام أصلان: أحدهما خِلاف العِلْم، والآخر الخِفّة وخِلاف الطُّمَأْنِينَة.
فالأوّل الْجَهْل نقيض العِلْم، ويقال للمفازة التي لا عَلَمَ بها مَجْهَلٌ.
والثاني قولهم للخشبة التي يحرك بها الجَمْرُ مِجْهَل، ويقال استجهلت الرِّيحُ الغُصْنَ، إذا حرّكَتْه فاضطَرَب، ومنه قول النابغة:
دعاك الهَوَى وَاستجهلَتْك المنازلُ وكيف تَصَابِي المرءِ والشَّيبُ شاملُ
وهو من الباب، لأنّ معناه استخفّتْك واستفزَّتك. وَالمَجْهَلَة: الأمر الذي يحملك على الجهل.
خرج الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمعُ بينهما، إلاّ أنّا سلكْنا الطّريقَ الواضح: فالأول: النّفاذُ عن الشَّيء، والثاني: اختلافُ لونَين.
فأمّا الأول فقولنا خَرَج يخرُج خُروجاً، وَالخُرَاج بالجسد، وَالخَراج وَالخَرْج: الإتاوة، لأنّه مالٌ يخرجه المعطِي. وَالخَارجيُّ: الرَّجل المسوَّد بنفْسه، من غير أن يكون له قديم، كأنّه خَرَج بنفسه، وهو كالذي يقال:
نفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصاما
وَالخُروج: خُروج السحابة، يقال ما أحسن خُروجَها، وفلان خِرّيجُ فلانٍ، إذا كان يتعلَّم منه، كأنّه هو الذي أخرجَه من حدّ الجهل. ويقال ناقة مُخْتَرِجَةٌ، إذا خرجْت على خِلْقة الجَمل، وَالخَرُوج: الناقةُ تخرُج من الإبل، تبرُك ناحية، وهو من الخُروج. وَالخَرِيج فيما يقال: لُعبةٌ لِفتيان العرب، يقال فيها: خَرَاجِ خَرَاجِ، قال الهذليّ:
أرِقْتُ له ذاتَ العِشاءِ كأنّه مخاريقُ يُدعَى بينهن خَرِيجُ
وبنو الخارجِيَّة: قبيلة، والنّسبة إليه خارجيٌّ.
وأمّا الأصل الآخر: فالخَرَجُ لونانِ بين سوادٍ وبياض، يقال نعامةٌ خَرْجاءُ وظليمٌ أخرج، ويقال إنّ الخَرْجاء الشّاة تبيضّ رِجْلاها إلى خاصرتها.
¥