ـ[سهل بن المبارك]ــــــــ[17 - 12 - 2008, 04:10 م]ـ
البسملة1
والحمد لله
فصول مختارة من مقاييس اللغة لابن فارس
برم الباء والراء والميم يدلُّ على أربعة أصولٍ: إحكام الشَّيء، والغَرَض به، واختِلاف اللَّونين، وجنسٌ من النَّبات.
فأمّا الأوّل فقال الخليل: أبْرَمْتُ الأمرَ أحكمتُه. قال أبو زياد: المبارم مغازلُ ضِخامٌ تُبْرِم عليها المرأةُ غَزْلَها، وهي من السَّمُر. ويقال أبرمْتُ الحَبْلَ، إذا فتَلْتَه متيناً، وَالمُبْرَم الغزْل، وهو ضد السَّحِيل؛ وذلك أنّ المُبْرَم على طاقَيْن مفتولين، والسَّحِيل على طاقٍ واحد.
وأمَّا الغَرَض فيقولون: بَرِمْتُ بالأمرِ عَيِيتُ به، وَأبرَمَنِي أعْيَانِي. قال: ويقولون أرجُو أنْ لا أَبْرَمَ بالسُّؤَالِ عن كذا، أي لا أعْيَا؛ قال:
فلا تعْذُلِيني قد بَرِمْتُ بحِيلتي
قال الخليل: بَرِمْت بكَذَا، أي ضَجِرْتُ به بَرَماً، وأنشد غيرُه:
ما تأمُرِين بنَفْسٍ قد بَرِمْتُ بها
كأنَّما عُروةُ العُذْريُّ أَعْدَاها
مشعوفةٍ بالتي تُربَانُ مَحْضَرُها
ثم الهِدَمْلَةُ أَنْفُ البَرْدِ مَبْدَاها
ويقال أبرَمَنِي إبراماً، وقال (ابنُ) الطَّثْرِيَّة:
فلمّا جِئتُ قالت لي كلاماً برِمْتُ فما وجَدْتُ له جَوَابا
وأمّا اختلاف اللَّوْنَيْن فيقال إنّ البريمَينِ النَّوعانِ مِنْ كلّ مِن ذي خِلْطَيْنِ، مثل سوادِ اللَّيْلِ مختلطاً ببياض النهار، وكذلك الدَّمع مع الإثْمِد بَريمٌ؛ قال علقمة:
بعَيْنَيْ مَهَاةٍ تَحدُرُ الدَّمْعَ مِنْهُمَا بَرِيمَيْنِ شَتَّى من دُموعٍ وإثمِدِ
قال أبو زياد: ولذلك سُمّي الصُّبْحُ أوَّلَ ما يبدُو بَرِيماً، لاختلاط بياضِه بسواد اللَّيل؛ قال:
على عَجَلٍ والصُّبْحُ بادٍ كأنَّه بأدْعَجَ من ليل التِّمام بَريمُ
قال الخليل: يقول العرب: هؤلاء بَرِيمُ قومٍ، أي لفِيفُهم من كلِّ لونٍ؛ قالت ليلى:
يا أيُّها السَّدِمُ المُلَوِّي رأسَه ليَقُودَ مِنْ أهلِ الحِجازِ بَرِيمَا
قال أبو عُبيدٍ: تقول اشْوِ لَنَا من بَريمَيْهَا، أي من الكَبِدِ والسَّنام، وَالبَريم: القَطِيعُ من الظِّباء؛ قال: وَالبريم شيءٌ تشدُّ به المرأةُ وسَطَها، منظَّم بخَرَزٍ، قال الفرزدق:
محضَّرَةٌ لا يُجْعَلُ السِّتْرُ دُونَها إذا المُرْضِعُ العَوْجَاءُ جال بَرِيمُها
والأصل الرابع: البَرَم، (وأطيبُها ريحا) بَرَمُ السَّلَم، وأخْبَثُها ريحاً بَرَمَةُ العُرْفُط، وهي بيضاءُ كبَرَمَةِ الآس. قال أبو زياد: البَرَمَةُ الزَّهرةُ التي تخرج فيها الحُبْلة. أبو الخطّاب: البَرَم أيضاً حُبوبُ العِنَب إذا زادَتْ على الزَّمَعِ، أمثال رُءُوس الذّرّ.
وشذّ عن هذِهِ الأصول البُرَام، وهو القُرَاد الكبير، يقول العرب: «هو أَلْزَقُ مِنْ بُرام»؛ وكذلك البُرْمة، وهي القِدْر.
جدر الجيم والدال والراء أصلان. فالأوَّل الجِدار، وهو الحائط وجمعه جُدُر وَجُدْران، وَالجَدْرُ أصل الحائط، وفي الحديث: «اسْقِ يا زُبَيْرُ وَدَعِ الماء يرجع إلى الجَدْر». وقال ابن دُريد: الجَدَرَةُ حيٌّ من الأزْدِ بنوا جِدار الكعبة. ومنه الجَديرة، شيءٌ يُجْعَل للغنم كالحظيرة. وَجَدَر: قرية، قال:
ألا يا اصْبَحينا فَيْهَجاً جَدَرِيَّةً
بماءِ سحابٍ يَسْبِقُ الحقَّ باطِلِي
ومن هذا الباب قولهم هو جديرٌ بكذا، أي حريٌّ به، وهو مما ينبغي أن يثبت ويبني أمرَه عليه. ويقولون: الجديرة الطبيعة.
والأصل الثاني ظُهور الشيء، نباتاً وغيره. فالجُدرِيّ معروف، وهو الجَدَرِيُّ أيضاً، ويقال: شاةٌ جَدْراءُ إذا كان بها ذاك. وَالجَدَر سِلْعَةٌ تظهر في الجَسَد، وَالجَدْر النبات، يقال: أجْدَرَ المكانُ وَجَدَرَ، إذا ظهر نباته؛ قال الجَعْدِي:
قد تَستحِبُّونَ عند الجَدْرِ أنَّ لكم مِنْ آلِ جَعْدَةَ أعماماً وأخوالا
وَالجَدْرُ: أثر الكَدْمِ بعُنق الحمار، قال رؤبة:
أو جادرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
وإنما يكون من هذا القياس لأنَّ ذلك يَنْتَأُ له جلدُه، فكأنَّه الجُدَرِيّ.
جرس الجيم والراء والسين أصلٌ واحد، وهو من الصوت، وما بعد ذلك فمحمول عليه.
قالوا: الجَرْس الصَّوت الخفيّ، يقال ما سمعت له جرساً، وسمِعتُ جَرْسَ الطّيْر، إذا سمعتَ صوتَ مناقيرها على شيء تأكله، وقد أجْرَسَ الطّائر.
¥