ـ[عائشة]ــــــــ[07 - 05 - 2012, 03:48 م]ـ
شكر الله لكم.
فاصل1فاصل1فاصل1
أليس هناك فرق بين (أنشدَني فلان)، و (وأنشدَ لفُلان)؟ فابن السكِّيت (ت244) حين نقل عن الفرَّاء (ت 207) في {إصلاحه} قال: (قالَ الفرَّاء: أنشدَني أبو صدقة الدُّبيريُّ). فليس في هذا الكلام -في ما أحسب- نسبةُ شعرٍ إلى قائله، إلاَّ أن يُقال: (وأنشدَني أبو صدقة الدُّبيري لنفسِه)، وليس هذا بمذكورٍ في النصّ. ومثلُ ذلك فعلَ الجوهريُّ (ت393) في {صحاحه} في مادة (قرأ). غير أنَّه نسب الشعرَ في مادة (وضأ) إلى أبي صدقة الدُّبيري نفسِه. ثمَّ جاء التبريزيُّ (ت 502) فقال في {تهذيب الإصلاح}: (وأنشد ليزيد بن تركيّ). فكيفَ صرَّح باسم الشاعر، وابنُ السكِّيت لم يذكرْه؟ لعلَّ هذا يُبيِّن أن التبريزيَّ وقف على {نوادر الفراء} التي روَى فيها هذا الشعر، ونسبَه إلى يزيد. وهذه {النَّوادر} هي التي ذكرَها الصاغاني (ت650) في {العباب}، وصرَّح بأنَّ الفرَّاء نسبَ فيها الشعرَ إلى يزيد، وصحَّح هذه النسبةَ. ومن هُنا أفهم تصحيح الزَّبيديِّ في {التَّاج} لنسبة الشعر؛ لأنه وقفَ على تنبيه الصاغاني، فكأنه أراد أن يقولَ: (والصحيح أنه قولُ زيد لا يزيد).
فهل يمكن أن يُقال: إنَّ أبا صدقة ليس زيد بن تركي؛ بناءً على التفريق بين (أنشدني فلان) و (أنشد لفلان)؟
وهنا سؤال: إذا كان أبو صدقة الدُّبيري هو نفسه زيد بن تركي، وكان مُعاصرًا للفرَّاء -بدليل قوله: (وأنشدني أبو صدقة) -؛ فهل هو ممَّن يُحتَجُّ بشعرِه؟
فاصل1فاصل1فاصل1
وأودُّ أنْ أسألَ فضيلة الأستاذ / منصور مهران -حفظه الله- عن هذين الموضعين:
وردة1 قالَ البغداديُّ في {خزانة الأدب 8/ 584}:
(وهو مذكور في {نوادر ابن الأعرابيِّ}، قالَ: أنشدَني الدُّبيريُّ لرجلٍ من بني أسدٍ) انتهى.
وردة1 وقالَ الجاحظُ في {الحيوان 7/ 23}:
(وأنشدَ أبو عمرٍو الشيبانيُّ بيت شعرٍ ... وهو قول الأسدي الدُّبيريّ:
إن كنت أبصرتني فذًّا ومصطلمًا * فربَّما قتلَ المكَّاءُ ثعبانا) انتهى.
هل هُما اللَّذان أشارَ إليهما في قوله:
وفي نوادر ابن الأعرابي موضع فيه يروي ابن الأعرابي عن أبي صدقة الدبيري مباشرة
وفي الحيوان بيت يرويه الجاحظ عنه مباشرة (انظره في الجزء السابع وقافيته " الثعبانا ")
فاصل1فاصل1فاصل1
جزاكم الله خيرًا.
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[07 - 05 - 2012, 06:41 م]ـ
تفصيل دقيق بديع جدا، اتضح لي منه أشياء كثيرة ما كانت تَضِحُ لي.
أليس هناك فرق بين (أنشدَني فلان)، و (وأنشدَ لفُلان)؟ فابن السكِّيت (ت244) حين نقل عن الفرَّاء (ت 207) في {إصلاحه} قال: (قالَ الفرَّاء: أنشدَني أبو صدقة الدُّبيريُّ). فليس في هذا الكلام -في ما أحسب- نسبةُ شعرٍ إلى قائله، إلاَّ أن يُقال: (وأنشدَني أبو صدقة الدُّبيري لنفسِه)، وليس هذا بمذكورٍ في النصّ.
هذا كله قلته في نفسي من أول لحظة قرأت فيها كلام الفراء، لكني لما رأيت الجوهري يقول: "وقال أبو صدقة الدبيري" حملت عبارة الفراء: "أنشدني أبو صدقة الدبيري" على أن معناها "أنشدني أبو صدقة الدبيري لنفسه".
لعلَّ هذا يُبيِّن أن التبريزيَّ وقف على {نوادر الفراء} التي روَى فيها هذا الشعر، ونسبَه إلى يزيد.
اطلاع التبريزي على (نوادر الفراء) ممكن جدا بل أكاد أجزم بوقوعه جزما، فإن هذه النوادر كانت موجودة في زمن التبريزي وبعد ذلك، فقد نقل عنها ياقوت في (معجم البلدان)، وزمانه بعد زمان التبريزي، من ذلك قوله:
"وقرأت في نوادر الفراء التي أملاها أبو العباس ثعلبٌ في سنة 283 من النسخة التي كُتبت من لفظه بعينها: كُباب بضم وأنشد:
ولقد بدا لك لو تفالت غُدوة ... طرد الركاب ومنزلٌ بكُباب"
والله أعلم
ـ[منصور مهران]ــــــــ[08 - 05 - 2012, 12:29 ص]ـ
قرأت كلام الأستاذة عائشة بتدبر شديد وشكرت لها هذه اللفتة الموفقة، ثم تابعت عشرة كتب تراثية لَعَلِّي أجد موضعا واحدا يفرِّج عني هموم أبي صدقة، وكاد التعب يُثْنِينِي عن المضي في المتابعة، وفجأة تذكرت شيئا ولا أدري أين قرأته؟ وامتدت يدي إلى كتاب (البصائر والذخائر) لأبي حيان التوحيدي وعندي منه طبعتان: طبعة إبراهيم الكيلاني، وطبعة وداد القاضي. فاخترت طبعة وداد القاضي لسهولة فهارسها فوجدت بغيتي في ج 8 ص 63:
قال الفراء في (النوادر): أنشدني أبو صدقة الزهري لفلان
لاحظوا معي قوله: (أنشدني أبو صدقة الزهري لفلان) فهل الزهري تصحيف عن الدبيري؟
وقوله: (أنشدني .............. لفلان) هو المألوف عند نسبة الشعر المُنْشَد.
ثم أورد ثمانية أبيات (سأكتبها لكم في وقت لاحق)
وقلت في نفسي: دعنا ننظر في طبعة إبراهيم الكيلاني؛ فوجدت القول بتمامه في القسم الثاني من المجلد الثاني ص 373.
فهنا يتشابه نقل أبي حيان عن نوادر الفراء ونقل البغدادي عن نوادر ابن الأعرابي - كما أوردته الأستاذة عائشة -: (قالَ: أنشدَني الدُّبيريُّ لرجلٍ من بني أسدٍ) فصيغة الإنشاد تُنبئ عن وجود شاعر قال هذا الشعر، وكان صنيع أبي صدقة الدبيري مقصورا على الرواية.
فهذان مرجعان لعَلَمَيْنِ من كبار أعلام الأمة أجمعا على أن أبا صدقة يروي فقط، فهل نظن أنهما حسما الأمر عند هذا الحد؟
لا أظن؛ لأني كل يوم أجد شيئا جديدا يتفضل به الإخوة الأجلاء في هذا الملتقى الطيب أهله.
وبالله التوفيق
¥