ملتقي اهل اللغه (صفحة 3824)

أ - فإن كان مدحا فكان ينبغي أن يقول: "وبعتَ ... بمالكا" يخاطب بذلك الممدوح، وليس: "وبعتُ" كما أثبتتها الأستاذة عائشة، أي: واشتريتَ العلاء لبني ذبيان بمالك.

ب - وإن كان فخرا فكان ينبغي أن يقول: "وبعتُ ... بمالي"، أي: واشتريت لبني ذبيان العلاء بمالي، ولا يصح أن يقول في الفخر: اشتريت لبني ذبيان العلاء بمالك يا هذا، فإن هذا ليس فخرا.

2 - أن صدر البيت يرد أن تكون: "بمالكا"، لأنه قال: باع بعض الناس بنيه بخسارة، فهو يتكلم عن الأبناء، فينبغي أن يقول: واشتريت أنت العلاء بابنك، واسمه مالك، فإن قال: اشتريت العلاء بأموالك، لم يكن العجز لِفقًا لصدر البيت، إذ كان يتكلم في الصدر عن الأبناء لا عن الأموال.

فعلمت أن البيت فيه خلل، ولا يجوز فيه على صورته هذه: "بمالِكِ" علما لرجل، ولا "بمالكا" للمال المعروف.

فبحثت عنه فوجدت في اللسان:

"قال الحطيئة:

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ * وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بمالكا

يقول: اشتريتَ لقومك الشرف بأَموالك.

قال ابن بري: "صوابه بمالك بكسر الكاف، وهو اسم ابن لعيينة بن حصن، قتله بنو عامر، فغزاهم عيينة فأَدرك بثأْره وغنم. فقال الحطيئة:

فِدًى لابنِ حِصْنٍ ما أُرِيحَ فإنه * ثِمالُ اليتامَى عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ

وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ * وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ"

فقد استبان لك الآن الصواب.

وقوله: "بخُشارة"، هو الصحيح إن شاء الله، يقول: بعض الناس يُقتل ولده فيأخذ العقل -أي الدية- من قاتليه، ولا يدرك بثأره، فيكون قد باع ابنه بحطام الدنيا.

أما "بخسارة"، فإن لها وجها، لكني أستبعده وأسترذله، وما أراه إلا مفسدا للبيت.

والخشارة بالمعجمة رواية ابن السكيت في ديوان الحطيئة، والخسارة بالمهملة رواية السكري.

وكذلك أول البيت، صوابه -إن شاء الله-: "فباع"، بالفاء لا بالواو، وهي رواية ابن السكيت والسكري، وهي أحسن وأجمل من الواو، لأنه قال:

فِدًى لابنِ حِصْنٍ ما أُرِيح فإنه * ثِمالُ اليتامَى عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ

سَما لعُكاظٍ من بَعيدٍ وأهلِها * بأَلفَين حتى داسَهُم بالسَّنابكِ

فباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ * وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ

فإذا تأملت هذا الكلام وجدت الفاء أحسن موقعا من الواو، وبينهما بون بعيد.

وكذلك قوله: "أريحَ"، الصواب فيه: ضم الحاء، وليس فتحها كما في اللسان،

أي: ما أريحُ أنا من مالي، وهذه طريقة العرب يفدون الرجل بما يملكونه هم، لا بما يملكه غيرهم، ولو قال: "أُريحَ" بالبناء لما لم يسم فاعله، لكان المعنى: ما أراحه الناس من أموالهم، وهذا له وجه، لكن الأول أقرب إلى طريقة العرب.

وضم الحاء رواية ابن السكيت والسكري.

ويدلك على صحة هذا أن ابن السكيت أشار إلى رواية ثانية، وهي "أَرَحْتُ"، وهذه مثل: "أُريحُ".

والله أعلم

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[25 - 11 - 2012, 02:42 م]ـ

فإذا صح هذا كان في ما أثبتته الأستاذة عائشة أربعة أخطاء، هكذا:

وباعَ بنيهِ بعضُهم بخسارةٍ * وبِعْتُ لذُبيانَ العلاءَ بمالِكَا

والصواب:

فباعَ بنيهِ بعضُهم بخُشارةٍ * وبِعْتَ لذُبيانَ العلاءَ بمالِكِ

أما اللذان في عجز البيت فلا شك في أنهما غير صحيحين، وأما اللذان في صدر البيت فقد يكون لهما وجه كما بينا.

والله أعلم

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[25 - 11 - 2012, 10:40 م]ـ

بقي التنبيه على خطأ واحد، وهو: "ثمال اليتامى عصمة للمهالك" في ما أنشده ابن بري.

وقد كنت أنكرتها قبل أن أرى صوابها في الديوان، وقلت: ينبغي أن يقول: "عصمة في المهالك"، والفرق بينهما ظاهر، فالمهالك هي الشدائد، من جدب أو غيره، فكيف يكون عصمة للمهالك؟! لا معنى لهذا، وإنما الصواب: "عصمة في المهالك"، أي: عصمة للناس في المهالك.

ولأبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم بيت يقول فيه:

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

فهذا صحيح باللام، ولا يجوز هنا: "عصمة في الأرامل".

فلعل هذا البيت هو الذي لبس على ابن بري، فأنشد هناك: "عصمة للمهالك" لما اشتبه عليه بهذا البيت.

ورواية ابن السكيت والسكري: "عصمة في المهالك"، وهو الصواب إن شاء الله.

والله أعلم

ـ[محمد بن إبراهيم]ــــــــ[11 - 01 - 2013, 12:41 ص]ـ

قال الشيخ محيي الدين في تحقيق أوضح المسالك (1/ 270): (وقد جمع بين الحذف والذكر -يعني حذف نون كان- في بيت واحد عبيد السلامي، وقيل: مضرس بن ربعي، وقيل: محمد بن عبد الله الأزدي، وذلك قوله:

فإن تكُ تعفو يعفَ عنك وإن تكن * تقارعُ بالأخرى تصبْكَ القوارعُ) انتهى

ـ[عائشة]ــــــــ[19 - 01 - 2013, 01:30 م]ـ

أشكرُ لجميعِ مَن شاركوا في إثراء هذا الحديثِ.

جزاكم الله خيرًا.

ـ[عائشة]ــــــــ[19 - 01 - 2013, 01:35 م]ـ

(الدَّأْبُ) و (الدَّأَب) لُغتانِ.

قالَ السَّمينُ الحلبيُّ في {الدرّ المصون 6/ 509}:

(قولُه: ((دأبًا)): قرأَ حفصٌ بفتحِ الهمزةِ، والباقونَ بسُكونِها، وهما لُغتانِ في مصدرِ دَأَبَ يَدْأَبُ؛ أي: داوَمَ علَى الشَّيْءِ، ولازمَهَ) انتهى.

وقد جَمَعَ بين اللُّغتينِ في بيتٍ واحدٍ البحتريُّ في قولِه:

مَن يتصرَّعْ في إثْرِ مَكْرُمَةٍ * فَدَأْبُهُ في ابْتغائِها دَأَبُهْ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015