ملتقي اهل اللغه (صفحة 3732)

وذكرتُه ثالثةً مثالاً لمبلغ اغترار العلماء الذين خلفُوا ابن مالكٍ بأبياتِه هذه، إذ نقلتُ قول الفاكهي (ت 972 هـ) في (مجيب النِّدا):

(وقد سُمع وقوع "غيرٍ" بعد "لا"، أنشد ابن مالكٍ في باب القسمِ من شرح التسهيلِ قولَه:

جوابًا به تنجو اعتمِد، فوربِّنا ... لعن عمَلٍ أسلفتَ، لا غيرُ، تُسألُ

فيُعمَل به من غير توقّفٍ، فما وقعَ في المغني، وفي شرح الشذور لا يُغترّ به).

ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[26 - 10 - 2013, 09:46 م]ـ

الأستاذ فيصل المنصور إذا تناول مسألة بالبحث أتى فيها بالأَدْب والعجب، وذلك أنه ذكر ما سماه (تساوق الألفاظ)، وأنشد البيت الذي سبق هذا بأسطر قليلة، وذكر أن الناظم كرر كلمة (أسلف)، وهذا تنبيه رجل عالم بصير حاذق، ولكني سأزيد على ما قاله، وهو الذي نبهني له، فأنا أسير في ذلك المسرى بدلالته، وأغترف من فضالته، فأزيد أن أقول:

ألا ترى أوجه شبه أخرى بين البيتين، فلنوردهما مرة أخرى:

جَوابًا به تَنْجُو اعْتَمِدْ فَوَرَبِّنا ... لَعَنْ عَمَلٍ أَسْلَفْتَ لا غيرُ تُسْأَلُ

فوربِّي لسوف يُجزى الذي أسـ ** ـلفَه المرءُ سيّئًا، أو جميلا

فهذه أوجه الشبه:

1 - تكرار كلمة (أسلف)، وقد ذكره الشيخ فيصل.

2 - تكرار القسم بلفظين متشابهين جدا، قال في الأول: "فوربنا"، وقال في الثاني: "فوربي".

3 - تشابه المعنى، ففي البيت الأول يقول: وربنا لتسألن عن عملك الذي أسلفته، ولن تسأل عن غير ذلك.

وفي البيت الثاني يقول: وربي لتجزين بعملك الذي أسلفته سيئا أو جميلا.

وهذا الذي ذكرناه فيه فائدة جديدة، وهو أن ابن مالك لم يصنع هذه الأبيات في الزمن الطويل مع التمحيص والتحكيك، وإنما كان يرتجلها في الموضع الذي يحتاج إلى ذلك، ولولا ذلك لما أتت الأبيات المتقاربة في الموضع الواحد من الكتاب أشد شبهها ببعضها من الأبيات المتفرقة في المواضع المتباعدة.

وأريد أن أنبه إلى أمر آخر قد نبه له أخي الحريري من قبل، وهو أنه ينبغي أن يُذم النظم دون المعنى، في مثل قولكم:

"وذكرتُه أيضًا في دليل المعنى شاهدًا على رداءة معانيه، وغثاثتها بحيثُ لا تخرج إلا من فم ناظم."

فإن قولكم إن هذا المعنى رديء غير صحيح، فإن المعنى الذي ذكره معنى شريف عظيم، وإنما الرداءة في النظم، ويصح على قولي هذا ما ذكرتموه بعد ذلك من أنه لا يخرج إلا من فم ناظم، فالنظم الرديء لا يخرج من فم شاعر فحل غالبا، وإنما يأتي به النظامون، لكن المعنى الرديء تجده عند كبار فحول الشعراء، فكيف يقال إن المعنى الرديء لا يخرج إلا من فم ناظم.

ـ[أبو طيبة]ــــــــ[28 - 10 - 2013, 06:42 ص]ـ

أ- لئن صح ما تقول فقد وقع هذا اللحن في معاجم اللغة، مثلا ورد في " العين" سبع مرار:

1 - قال عَرَّام: مَغَص لا غير. (1/ 136)

2 - قال زائدة: أقول: عارض الفم لا غيرُ. (1/ 276)

3 - قولك: فَصَّع تفصيعاً: يكنّى به عن ريح [سَوْء] وفسوة لا غير. (1/ 308)

4 - الرَّخْل لغة في الرِّخْل، وجمعه رخلان والرخال بالضم لا غير. (4/ 250)

4 - وأدنت الناقة فهي مدن لا غير. (5/ 154)

6 - قال زائدة: جَمَّمْتُه تجميماً لا غير. (6/ 27)

7 - والتّأويبة: مرّة لا غير. (8/ 417)

ووقع في " تهذيب اللغة" ثلاثا وثمانين مرة.

ووقع في كتاب سيوبه مرة واحدة.

إلى غيرها من كتب اللغة المعتمدة.

ولكن هيهات أن يكون ذلك لحنا، وإنما هو حجة نحوي، فالحريري الذي يعد أول من خطأ هذا الاستعمال وقع فيه في الكتاب نفسه ثلاث مرات!

ب- ابن مالك عالم حجة ثقة بشهادة أهل العلم، لم يتهمه أحد منهم بالكذب أو بأخيه، ومن تكلم فقد آذى نفسه. ولعل أول من اتهمه بالكذب المدعو نعيم سلمان البدري، ولا عجب في ذلك فقد زعم المستشرقون وأفراخهم من قبل أن الشعر الجاهلي كله منحول!

جـ- عدم العلم بالشيء ليس دليلا على العدم، ومن علم حجة على من لم يعلم، والمثبت مقدم على النافي. هذه قواعد علمائنا. وليس التشهي والتحكم والذوق الصوفي من العلم في شيء!

دـ -قال حميد بن ثور الهلالي، ديوانه ص/ 16، بتحقيق الميمني:

فَقُلنَ لَها قومي فَديناكِ فاركَبي = فَقالَت أَلا لا غَيرَ أَمّا تَكَلّما

ويروى: فأومت بلا لا غير أن تتكلما

ويروى: فقالت: ألا لا غير ما أن تتكلما

وقال العرجي، ديوانه 316، ط صادر:

مُستَتنشِداتٌ وَقَد مالَت سَوالِفُها = إِلى الوَلائِدِ لا غَيرَ الهَوى أَلَمُ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015