ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[24 - 04 - 2014, 04:42 م]ـ
البسملة1
فِي عِلْمِ مَتْنِ اللُّغَةِ وَالْمُعْجَمَاتِ اللُّغَوِيَّةِ (1)
أحمد ربّي دائمًا أبدًا, له الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, له الحمد حتّى يرضى, وله الحمد إذا رضي, وله الحمد بعد الرضى, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا, أما بعد,
فهذه نظرة عجلى على باب من أبواب العلم, قد انتدبني للكتابة فيه بعض من أُحِبُّ؛ لِمَا رآه من نأي طلبة العلم عمّا كُتِب؛ لخصوصيّة جملة من التأليفات فيه, فلا يطّلع عليها غير المتخصص غالبًا, وسأضع في هذه النظرة معالم منهجيّة تبصّر الدارس والراغب ليتعرّف حدود علم «متن اللغة» , من حيثُ التصنيفُ والتأليفُ؛ ويكون على ذُكْر منها إن رام دراسة بعض مسائله, ولكيلا يخوض فيه إلا عن فهم ومعرفة, على أني سأكتفي بالإشارة في كثير من المواطن اعتمادًا على فطنة القارئ, ولا أذكر من الكتب إلا ما هو مطبوع في الغالب.
فأقول -مستعينًا بالله-:
درس الأئمة رحمهم الله متن اللغة دراسة بالغة؛ بُغْيَة حفظ العربية التي بها يُصَانُ فهم الوحيين, وقد أوعبوا في هذا العلم إيعابًا, ودوّنوا فيه الكتب العظيمة على شظف العيش وعُسْر الحال, وكان لإكثارهم في هذا الباب أسباب مختلفة, منها ما يتعلّق بطبيعة العربيّة, لما تشتمل عليه من: اتّساع ودقّة متناهيين, ولم تَحْظَ لغة في التاريخ ما حظيت به العربيّة في هذا.
ومع كثرة ما ألّفوه لم يظهر منهم تصنيفٌ لِمَا صنّفوه, وترتيبٌ لما وضعوه, يُؤَطِّره في أُطُر عامّة, تُعَرّف الطالب مسالك هذا العلم ومداخله ومخارجه ومدارجه, وتلم شمل ما تفرّق وظهر أنّه متباين, حتى أظلّ العصر الحديث, فقام بعض الدارسين للعربيّة وأظهر هذه التقسيمات, فكان نفعُهَا عميمًا.
وكان أوّل ظهور لهذه التقسيمات عام 1375هـ/1956م حين طبع (الصحاح) للجوهري بتحقيق الأستاذ أحمد عبد الغفور عطّار -رحمه الله-, فقد أشار إلى المدارس المعجميّة في مقدّمة تحقيقه وزعم أنّه السابق إليها, وفي العام نفسه طبعت رسالة الدكتور حسين نصّار: «المعجم العربي -نشأته وتطوّره-» , مبديًا تلك المدارس, زاعمًا أنّه السابق إليها, وبين عمله وعمل الأستاذ عطّار فروق طفيفة, ثم تتابع التأليف في هذا, وقُرِّرَتْ هذه المباحث بجعلها مادّة علميّة في كليات اللغة العربية بالجامعات بعد ذلك.
ولم تخل تلك البحوث والأعمال من استدراكات ونَقَدات, وتهذيب وتشذيب, إما لضعف الاستقراء, أو عدم وضوح بعض مناهج الكتب المؤلّفة في علم «متن اللغة».
وتجيء هذه النظرة لتسدّ شيئا من هذا, وتصحح ما علق في أذهان الطلبة وغيرهم.
• فقد جاءت كتب علم «متن اللغة» على أنواع ومدارس, فالأنواع ستّة:
1. معجمات الموضوعات والمعاني.
2. معجمات الألفاظ.
3. معجمات الأبنية.
4. كتب المسلسل والمشجّر والمتداخل والمُدَاخل.
5. كتب المثلث اللغوي.
6. كتب مصطلحات وكلمات الناس.
• والمدارس ثلاثة:
1. المدرسة الصوتية.
2. مدرسة القافية.
3. المدرسة الألفبائية.
وهذا أوان التفصيل في ما سبق ذكره.
أوّلًا: أنواع المعجمات.
1) معجمات الموضوعات والمعاني.
والمقصود: تلك الكتب المؤلّفة في موضوع واحد أو معان محددة, زمن بدءِ التدوين اللغوي فما بعده, وتسمية كل هذه الكتب بالمعاجم فيها تجوّز كبير, فغالب كتب المتقدّمين لم يكن همُّهَا شرحَ الغريب, بل جَمْعَ مادّة لغويّة, والكتب المؤلّفة في هذا النوع كثيرة.
فمنها ما يتعلّق بالإنسان وأوصافه وأسماء أعضائه, مثل: (خلق الإنسان) للأصمعي, و (خلق الإنسان) لأبي محمد بن ثابت الكوفي, و (خلق الإنسان) للزّجّاج, و (خلق الإنسان) و (استعارة أعضاء الإنسان) لابن فارس, وأرجوزة (نظم الجمان في حلى الإنسان) لتاج الدين ابن يحيى البلدي الموصلي في (337) بيتًا -منها نسخة بالظاهرية-. ومنها ما يتعلّق بالخيل, مثل: (خلق الفرس) لابن الأعرابي, و (الخيل) لأبي عبيدة معمر بن المثنّى, و (الخيل) للأصمعي. ومنها ما يتعلّق بالإبل, مثل: (الإبل) للأصمعي. ومنها ما يتعلّق بالوحوش, كـ: (كتاب الوحوش) لقطرب, والأصمعي. ومنها ما يتعلّق بالحشرات, كـ (كتاب الحشرات) لأبي خيرة الأعرابي -وهو مفقود-,
¥