أما العصرُ الحديثُ، فمن أهمِّها كتابُ (المطالع النصرية) لنصر الهوريني، و (كتاب الإملاء) لحسين والي.
-فضلُه:
ليس من العلومِ علمٌ الناسُ إليهِ أشدُّ حاجةً من الإملاءِ؛ فإنه ممَّا لا يستغني عنهُ كاتبٌ، خلافًا لسائرِ العلومِ؛ فربَّما جهِلَها المرءُ طولَ حياتِهِ، ثمَّ لا تجِدُ ذلكَ يغضُّ من قدرِهِ، أو يضَع من شأنِهِ. أمَّا الإملاءُ، فالخطأ فيهِ عيبٌ لصاحبِهِ، ودلالةٌ على نَقصٍ فيهِ. لذلكَ كانَ حقًّا على كلِّ مَن يعرفُ الكتابةَ أن يضبطَ أصولَهُ، ويتحفَّظَ من الزللِ فيهِ.
-أنواعُه:
للإملاءِ أنواعٌ ثلاثةٌ:
1 - رسمُ المصحفِ. ولا يُقاسُ عليهِ، وإن كانَ أصلَ الإملاءِ الذي عليهِ الناسُ. وذلكَ لخروجِه عن القياسِ مراعاةً لأمورٍ:
الأول: بناء الكلمة على وجهٍ يمكن معَهُ تعدّدُ القراءةِ. وذلك كثيرٌ في ما حُذفت ألفُه؛ نحو ((ملك يوم الدين)).
الثاني: أنّه كان قبل ظهور الشكل والنقط؛ فربما زُيدَ فيه بعض الأحرفِ دلالةً على حركةِ ما قبلها؛ نحو ((لأاذبحنّه))، حتى لا يُتوهم أنها بالتشديدِ، كـ ((لأعذبنّه)) التي قبلَها.
الثالث: أنّ الصحابة لما رسموا المصحفَ، كانوا في بداءته؛ فلا جرم أن تظهرَ بعض الشواذّ، والآراء غيرِ المحكَمة؛ إذ الرسمُ اجتهادٌ من الصحابة رضيَ الله عنهم، وليس وحيًا من الله تعالى. وذلكَ نحوُ رسمِهم (سعَوا) في سورة سبأ بدون ألف ((سعو)) معَ أنهم رسموها في سورة الحج بألفٍ. وليس لهذا علةٌ صحيحةٌ.
2 - رسمُ العَروضِ. وهو خاصٌّ بتقطيعِ الشِّعْرِ.
مِثالٌ:
** لولا الحياء لهاجني استعبارُ **
تكتبُها عَروضيًّا هكذا:
لولَ لْحياء لهاجنِ سْتعبارو
وضابطُه: كلُّ ما يُنطقُ يكتبُ. وكلُّ ما لا يَنطق لا يُكتب.
وفائدته: التوصُّلُ إلى معرفةِ بحرِ البيتِ.
3 - الرسمُ القياسيُّ. وهو وحدَه الذي يَعنينا. وفرقُ ما بينه وبينَ رسم العروض أنَّ هذا الرسمَ تدخلُه الزيادةُ، والحذف، ومراعاةُ الأصلِ، وأشياءُ أخَرُ.
-أبوابه:
جعلتُه بابينِ:
الأول: في ذواتِ الحروفِ
الثاني: في عوارضِها
وتحتَ كلٍّ فُروعٌ.
وألحقتُ بهما (علاماتِ الترقيمِ).
هذا، وأتمنَّى أن تطرحوا ما لديكم من اعتراضٍ، أو أسئلةٍ، أو نِقاشٍ، أو استيضاحٍ في هذا الحديثِ.
- لا بأسَ عندي أن تُنشَرَ هذه الدروسُ في المنتدياتِ، لأجلِ الفائدةِ؛ سواءٌ أشيرَ إلى مصدرِهِ، وكاتبِهِ أم لمْ يُشَرْ.
أبو قصي
ـ[طه المصرى]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 09:18 م]ـ
ياأبا قصي ـ وفقك الله ـ؛
أراك تتعمد ترك فراغ بين علامة الترقيم، والكلمة السابقة لها، وأخص النقطة، والفاصلة بشكليها، وعلامتي الاستفهام والتعجب، فلم؟
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 03:13 ص]ـ
الفاضلُ / طاها
سؤالٌ منكَ جميلٌ، لعلي أعرِضُ للإجابةِ عنه في باب (الفصل والوصل) من هذه الدورةِ.
لك شكري.
ـ[بالقرآن أحيا]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 05:53 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا على هذا الجهد المبارك.
ـ[أبو أيمن]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 06:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا على هذه الدورات ..
3 - الرسمُ القياسيُّ.
لم سمّي قياسيًا؟
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خيرًا على هذه الدورات ..
لم سمّي قياسيًا؟
لأنه وحدَهُ الذي تُتَّبَعُ قواعدُهُ، ويُقاسُ عليها في عمومِ الكتابةِ. أما رسم المصحفِ، فخاصٌّ بالمصحفِ. وأما رسمُ العروض، فخاصّ بتقطيع أبيات الشعرِ.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 06:40 م]ـ
بارك الله فيك أبا قصيّ
لي سؤالان:
الأول: قولك من حيثُ تصويرُها للمنطوقِ
هل ما يأتي بعد "حيث" يكون مرفوعًا دائمًا أم له أحوال؟
الثاني: سألك الأخ /طه سؤالاً فأجبتَه بقولك:
الفاضلُ / طاها
لماذا قمتَ بتغيير الاسم؟
ـ[طه المصرى]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 10:16 ص]ـ
الفاضلُ / طاها
سؤالٌ منكَ جميلٌ، لعلي أعرِضُ للإجابةِ عنه في باب (الفصل والوصل) من هذه الدورةِ.
لك شكري.
في انتظارك ياولدي، ولو ناجيتني لكان أفضل؛ لشدة حاجتي لتلك المسألة الآن.
(ملحوظة):
لا تكتب اسمي بتلك الطريقة (طاها)؛ فكتابة اسم "طه" معروف أنه يكتب هكذا (طه)، إلا إن كنتَ تقصد سخرية بهذا الرسم.
ـ[فهد بن محمد الغفيص]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 10:32 م]ـ
أحسن الله إلى أبي قصي وزادنا وإياه من واسع فضله
أعقب على سؤال أخي يحيى صالح عن كلمة (حيث) والشوق يملأ جوانبي لمتابعة كتابات معلمنا أثابه الله ونفع بعلمه
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 10:52 م]ـ
قد زدتُّ من بعدُ هذا الكلامَ:
1 - رسمُ المصحفِ. ولا يُقاسُ عليهِ، وإن كانَ أصلَ الإملاءِ الذي عليهِ الناسُ. وذلكَ لخروجِه عن القياسِ مراعاةً لأمورٍ:
الأول: بناء الكلمة على وجهٍ يمكن معَهُ تعدّدُ القراءةِ. وذلك كثيرٌ في ما حُذفت ألفُه؛ نحو ((ملك يوم الدين)).
الثاني: أنّه كان قبل ظهور الشكل والنقط؛ فربما زُيدَ فيه بعض الأحرفِ دلالةً على حركةِ ما قبلها؛ نحو ((لأاذبحنّه))، حتى لا يُتوهم أنها بالتشديدِ، كـ ((لأعذبنّه)) التي قبلَها.
الثالث: أنّ الصحابة لما رسموا المصحفَ، كانوا في بداءته؛ فلا جرم أن تظهرَ بعض الشواذّ، والآراء غيرِ المحكَمة؛ إذ الرسمُ اجتهادٌ من الصحابة رضيَ الله عنهم، وليس وحيًا من الله تعالى. وذلكَ نحوُ رسمِهم (سعَوا) في سورة سبأ بدون ألف ((سعو)) معَ أنهم رسموها في سورة الحج بألفٍ. وليس لهذا علةٌ صحيحةٌ.
¥