ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[03 - 08 - 2008, 02:42 م]ـ
البسملة1
سأذكرُ أولُ خُطَّةَ هذه الدورةِ ونظامَها؛ فأقولُ:
1 - هذه الدورةُ للمبتدئينَ، والمتوسِّطينَ، وأرجو ألا يعدَمَ فيها المتقدِّمُ فائدةً.
2 - حاولتُ أن أجعلَ الإملاءَ على ترتيبٍ منطقيٍّ واضحٍ ينتظِمُ فروعَه، ومسائلَه.
3 - خلَّصتُ الإملاءَ ممَّا أقحِمَ فيه ممَّا ليسَ منه، من مباحثَ نحويةٍ، وتصريفيةٍ، ولُغويةٍ.
4 - حاولتُ أن أجعلَه ميسَّرًا واضِحًا، مُسنَدًا إلى الأمثلةِ الكافيةِ.
5 - لم أغفلِ النظرَ إلى العللِ، والاحتجاجِ؛ حتى يتلقَّى المرءُ القولَ بدليلِهِ ومرجِّحِهِ.
6 - جريتُ فيهِ على أصولٍ ثابتةٍ بيِّنةٍ تجدُها عند العُروضِ لها إن شاء الله، وخالفتُ في بعضِ ما أذكرُ رأيَ غيري. واجتهدتُّ في طردِ القياسِ، وإعطاءِ الشاذِّ حكمَ الغالبِ.
7 - حرَصتُ أن يَّكونَ شَاملاً لجميعِ ما مِن حَقِّهِ أن يَدخُلَ فيهِ؛ فأدخلتُ الكلامَ على الضادِ والظاءِ، والتاءِ والهاءِ، وعلاماتِ الترقيمِ، وأشياءَ أخرَ.
8 - وستكونُ مدةُ ما بين الدرسِ، والدرسِ نحوَ أسبوعٍ إن شاءَ الله.
9 - وإني لأرجو أن يكونَ كلُّ درسٍ موضعَ نِقاشٍ، وحوارٍ، وأسئلةٍ. وأنا أكتبُ ما يتيسَّرُ وقد أحدقت بي الشغولُ، وغشيَني من الأمرِ ما هو حقيقٌ أن يصرِفني عمَّا أريدُ؛ فالله المعينُ، وهو حسبي ونعمَ الوكيلُ.
الدَّرسُ الأوَّلُ:
مقدِّمةٌ تعريفيةٌ بعلمِ الإملاءِ
-تعريفُه:
هو علمٌ تُعرفُ بهِ أصولُ رسمِ الحروفِ العربيةِ من حيثُ تصويرُها للمنطوقِ.
-أسماؤه:
يسمَّى قديمًا (الكِتَابَ)، و (الكِتابةَ)، و (الخطَّ)، و (الهِجاءَ)، و (الرَّسمَ)، و (تقويمَ اليدِ). واصطلحَ المتأخِّرونَ على تسميتِهِ بـ (الإملاءِ)، لأنَّ الإملاءَ من قِبَلِ المعلِّمِ ممَّا يُمتحَنُ بهِ المرءُ في أماكنِ التعليمِ، ليُعرفَ مبلغُ إتقانِهِ لهذا العلمِ.
-واضعُه:
لا يُعرفُ على وجهِ القَطْعِ واضعُ الحروفِ العربيةِ. وكانتِ الحروفُ العربيةُ قبلَ الإسلامِ خاليةً من النَّقْطِ، معَ تشابهِ صُوَرِها. وذلكَ لقلةِ الكتابةِ يومَئذٍ، وقلَّةِ أهلِها. وكانوا يستعينونَ على التفريقِ بينَها بزيادةِ بعضِ الأحرفِ، ككتابتِهم (مئة) هكذا (مائه)، وكتابتِهم (ألئك) هكذا (أولئك) [بدون همز].
فلما جاءَ الإسلامُ، وانتشرتِ الكتابةُ، وخِيفَ اللَّبسُ، ابتدعَ أبو الأسودِ الدؤليُّ (69 هـ) صورَ الشَّكْلِ (الفتحةَ، والضمةَ، والكسرةَ)، وصورةَ التنوينِ، غيرَ أنها كانت جميعًا على هيئةِ نُقَطٍ معيَّنةٍ (.).
فلمَّا جاءَ نصرُ بنُ عاصمٍ الليثيُّ (90 هـ)، ويحيى بنُ يعمَرَ العَدوانيُّ (129 هـ) ابتدعَا بأمرٍ من الحجَّاجِ بنِ يُوسفَ نَقْطَ الحروفِ؛ فبدَلَ أن كانتِ الباء، والتاء، والثاء لها صورةٌ واحدةٌ، أضحَى لها ثلاثُ صُوَرٍ، وهكذا سائرُ الحروفِ. وبذلكَ أصبحتِ الحروفُ نوعينِ: حروفًا منقوطةً، وتسمَّى (مُعْجَمةً)، وحروفًا غيرَ منقوطةٍ، وتسمَّى (مُهمَلةً).
ثمَّ خلفَهم الخليلُ بنُ أحمدَ (170 هـ)، فابتدعَ الهمزةَ (ء)، والشدَّةَ (ّ)، والمدَّةَ (~)، وغيَّرَ صُوَرَ الحركاتِ (أيِ: الشكلِ)، والتنوينَ إلى الصورِ المعروفةِ الآنَ (َ ُ ِ) و (ً ٍ ٌ)، حتى لا تلتبسَ بالنُّقَطِ. وكانُ المصحفُ الشريفُ مرسومًا بغيرِ شَكلٍ، ولا نَقطٍ. فلما تمَّت صورةُ الرسمِ بنُقطهِ، وشَكلِهِ، أُجريَ هذا على المصاحفِ من بعدُ، وانتشرَ في الكتابةِ عامّةً.
-أهمّ كتبه:
لعلَّ أولَها (أدبُ الكاتب) لابنِ قتيبةَ؛ فقد أفردَ للإملاءِ فصلاً سمَّاه (تقويمَ اليدِ)، ثمَّ (الجمل في النحو) للزجَّاجيِّ؛ ففيه بابٌ سمَّاه (باب أحكام الهمزة في الخط)، و (كتاب الخطّ) له أيضًا، و (كِتاب الكِتَابِ) [هكذا، وليس الكُتَّاب] لابنِ دُرستويهِ، و (باب الهِجاء) لابن الدهَّانِ. هذا غيرُ كتبِ رسْم المصاحفِ، ككتابي النَّقط، والمقنع؛ كلاهما لأبي عمرو الداني. وغيرُ كتبِ النحوِ، والتصريفِ التي عرَضتْ له كشافيةِ ابن الحاجب، وتسهيل ابنِ مالكٍ، وهمع الهوامعِ للسيوطيِّ.
¥