ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[08 - 02 - 2011, 05:18 م]ـ
جَزاكمُ اللهُ خيرًا على هَذهِ الاستِفَاضَة ..
،،،،،،،،،
وسُؤَالي في الحقيقةِ لم يكن عن دُخولِ (الكَفِّ) في بَحرِ الرَّجَز، والخطأُ مِنِّي حينَ تركَتُ تَشكِيلَ التَّفعيلاتِ في صَدرِ الموضوعِ، فالعفو ..
إنَّما كانَ سُؤالي عن (القَطعِ) في تَفعيلاتِ الحشوِ، هل يصحُّ أم لا؟ سواءٌ كانَ معه (خَبْنٌ) أو (طَيٌّ) ـ كما مَثَّلتُ ـ أو غيرَ ذلك من الزِّحَافَات ..
وقد اكتفيتُ بما ذَكرتْهُ الأختُ الفاضلةُ عائِشةُ ـ جزاها اللهُ خيرًا ـ من أنَّ التَّغييراتِ الدَّاخِلَةِ في حَشوِ الرَّجَزِ ثلاثٌ لا غَير، ومفهومُه أنَّ القَطعَ لا يَصِحُّ في الحشوِ، فكانَ هذا الجوابُ كافيًا عن استِفسارِي ..
،،،،،،،،،
وسَبَبُ هذا الاستِفسَارِ هو:
أنَّ بعضَ مَن كَتبَ في ضَبطِ مَتنِ الجزريَّةِ أشارَ إلى أنَّ قولَ ابن الجزري رحمه الله تعالى:
10ـ لِلْجَوفُ أَلِفٌ وَأُختَاهَا وَهِيْ ... ................................
وَقعَ فيه (الكفُّ) في قولِه: (لِلجَوفِ أَلِفٌ) ـ على هذهِ الرِّوايةِ، وقد رجَّحَها على الرِّوايةِ الأُخرَى ـ ثمَّ قالَ: ويُمكِنُ التَّخلُّصُ مِن هَذا الكَسرِ بِتَسكِين اللَّامِ مِن (أَلِفٌ) فيكونُ البَيْتُ هَكذَا:
لِلْجَوفِ أَلْـ // ـفٌ وَأُخْـ // ـتَاهَا وَهِيْ ... ........................
مُسْتَفْعِلُنْ // مُسْتَعِلْ //مُسْتَفْعِلُنْ ... .........................
وقد عَلِمتُ أنَّ هذا التَّغييرَ الذي ذَكرَهُ لا يُصلِحُ الكَسرَ، بَلْ يَزيدُ الطِّينَ بلَّةً ـ كما يُقَالُ ـ فأردتُ أن أُجيبَ عن ذلك، وأوثِّقَ كلامي بعَزْوِ ما أذكرُه إلى أهلِ العَروضِ، لكنَّني لم أهتَدِإلى ذلك فيما اطَّلَعْتُ عليهِ مِن كُتُبِ العَروضِ، ولم أَجِد مَن نصَّ على عَدمِ دُخولِ القَطعِ في حَشوِ البَيتِ، وغابَ عن ذِهني أنَّ (القَطعَ) لَيس زِحافًا، بل هو عِلَّةٌ.
فوَضعتُ هذا الاستفسارَ، علَّ أحدَ الإخوةِ في هذا المنتَدى المبارَكِ يدلُّني على ما أُريدُ، ولذا اشترطتُ في الجوابِ ذِكرَ المصدَرِ؛ لأنَّه هُو بَيتُ القَصيدِ ..
فجزاكمُ الله خيرًا على ما سَطَّرتموهُ، وأحسنَ اللهُ إليكم ..
ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[08 - 02 - 2011, 05:20 م]ـ
وبِالإِضافَةِ إلى ما ذَكرتهُ الأختُ الفَاضِلَةُ عائشةُ ـ باركَ اللهُ في عِلمِها ـ مِن أمثلةِ (الكفِّ) الواقعةِ في منظومةِ (المقدِّمةِ) فقد وقفتُ على أمثلةٍ أخرَى ـ وقد وَرَدت في تَحقيقِ الشَّيخِ أيمن سُوَيد حفظه اللهُ تعالى ـ لَا أَذكُرُ أحدًا أشارَ إليها، وهي:
قولُه:
11ـ ثُمَّ لِأَقْصَى الحَلْقِ هَمْزٌ هَاءُ ... (وَمِنْ وَسَـ) ـطِهِ فَعَيْنٌ حَاءُ
وقَولُه:
30ـ وَهُوَ إِعْطَاءُ الحُروفِ حَقَّهَا ... (مِنْ كُلِّ صِـ) ـفَةٍ ومُستَحَقَّهَا
ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[08 - 02 - 2011, 05:26 م]ـ
وقد أفادَني أحدُ المشايخ المقرئينَ الفُضَلاء -جزاه الله خيرًا- قبلَ أربع سنوات- أنَّه يُمْكِنُ أن يقومَ الوَزْنُ في نحو هذا بإشباعِ الحَرَكَةِ؛ وعليه: يرَى بعضُهم أن لا كسرَ في قولِه: (تنزيلُ شُعَرَا)؛ لأنَّ إشباعَ الحَرَكَةِ شائعٌ.
واللهُ تعالى أعلمُ.
قُلتُ: مِثلُ هَذا كَثيرٌ في الشِّعرِ، وقد رُوِيَ نحوُه كذلك في النَّثرِ.
مِن ذلك ما رَواهُ قُطرُبٌ عن بَعضِ العَربِ أنَّه قالَ: نَعِيمُ الرَّجُل زَيدٌ. بإشباع كسرةِ العينِ، يُريدُ: نِعْمَ الرَّجلُ زَيدٌ.
قالَ الإمامُ أبو البَركاتِ الأنباريُّ في كِتابِه (كِتابُ أَسرَارِ العَربيَّة) عِندَ الكَلامِ عن (نِعْمَ) و (بِئْسَ) ردًّا على مَن قالَ بِإسمِيَّتِهما:
«وأمَّا قولُهم إنَّه قد جاءَ عن العَربِ أنَّهم قالوا: نَعِيمَ الرَّجُل زَيدٌ.
فنَقولُ: هَذهِ رِوايةٌ شاذَّةٌ تَفرَّدَ بها قُطرُبٌ وحدَه، ولَئِنْ صحَّت فلَيس فيها حُجَّةٌ؛ لأنَّ هَذه الياءَ نَشأَت مِن إِشباعِ الكَسرَةِ؛ لأنَّ الأَصلَ في (نِعْمَ): (نَعِمَ) بفَتحِ النُّونِ وكَسرِ العَينِ، فأُشبِعَت الكَسرَةُ فنَشأَت الياءُ، وهذا كثيرٌ في كَلامِهم، فإنَّ كُلَّ ما كانَ على (فَعِل) مِن الأَسماءِ والأَفعالِ، وثَانِيه حرفٌ من حروفِ الحَلْقِ فَفيهِ أربعةُ أَوجُه».
قالَ: «وكذلك (نِعْمَ) فيها أربعُ لُغاتٍ:
ـ (نَعِمَ) بفَتحِ النُّونِ وكَسرِ العَينِ، وهو الأَصْلُ.
ـ و (نَعْمَ) بفَتحِ النُّونِ وسُكونِ العَينِ.
ـ و (نِعِمَ) بكَسرِ النُّونِ والعَينِ.
وأمَّا (نَعِيم) بِالياءِ فإنَّما نَشأَت فيهِ اليَاءُ عن إِشباعِ الكَسرةِ كما قالَ الشَّاعرُ:
كَأنِّي بِفَتخَاءِ الجنَاحَينِ لَقْوَة ... عَلى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمَالِي
وكما قالَ الآخرُ:
لَا عَهْدَ لِي بِنِيضَالِ ... أَصْبَحْتُ كَالشَّنِّ البَالِي
وكما قالَ الآخرُ:
أَلَم يَأْتِيكَ والأَنباءُ تنمِي ... بِما لَاقَت لَبونُ بَني زِيَادِ
وهذا أكثرُ مِن أَنْ يُحصَى» اهـ (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(1) (كِتابُ أَسرَارِ العَربيَّة ـ ص: 109)، وقد قالَ بعدَ ذلك: «وقَد ذكرنَاهُ مُستقصًى في المسائلِ الخِلافِيَّة، فلا نُعيدُه هنا» اهـ
قَصدَ بذلك كِتابَه (الإِنصَاف) حَيثُ بَسَط فيه القَولَ في (نِعْمَ) و (بِئْسَ) والخِلافِ فيهما بَينَ البَصرِيِّينَ والكُوفِيِّينَ، وتكلَّمَ كذلك بتَفصيلٍ عن مَسألةِ إشباعِ الحركاتِ، ونُشوءِ حُروفِ المدِّ مِنها.
¥