حيث تعرضت تفعيلة (مُفَاعَلَتُنْ) للحذف، فحُذِفَ منها آخر ساكن مع المتحرّك قبلَه (تُنْ)، فصارَتْ (مُفَاعَلَ)، ثم سُكنت اللاَّم -وهو ما يُسمَّى بالعَصْب-، فصارت: (مُفاعلْ)، ثم نُقلت إلى (فعولُنْ).
ولا يُستعمل الوافر التامُّ على صورة غيرِ هذه.
ويُمكن أن يأتيَ بحر الوافر مجزوءًا، فتُحذفُ من شطرَيه تفعيلة (فعولن)، فيبقى على:
مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ ......... مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ
ولهذا المجزوء صورتان اثنتان:
الأولى: أن تكون العروض صحيحة، والضرب صحيحًا، هكذا:
مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ ......... مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ
والأُخْرَى: أن تكون العروض صحيحة، والضرب معصوبًا. والعصب يعني تسكين الخامس المتحرّك، وهو اللام في (مفاعلَتُنْ)، فتصير: (مفاعلْتُنْ)، ثم تنقل إلى (مفاعيلن)، فتكون صورته على هذا النحو:
مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ ......... مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعيلُنْ
ولكن ينبغي التنبيه على أنَّ العَصْب زحافٌ يدخل على (مفاعلَتُنْ) في الوافر التام والمجزوء، إلاَّ في ضَرْب صورة المجزوء الأُولى، فإن الضَّرْب في تلك الصورة ينبغي أن يكون على (مفاعلَتُن)، ولا يجوز أن يدخله العصب؛ لأنَّ مثل هذا يُلتَزَم. والأمرُ بالعكس في الصورة الأُخْرَى: فإن ضربَها ينبغي أن يكون معصوبًا، ولا يجوزُ أن يكونَ صحيحًا البتَّة. أمَّا العَروض في الصورتَيْن؛ فيجوز أن يدخلها العَصْب، ولكن لا يلزم. ومثل ذلك يُقال في تفعيلات حشو البيتِ.
وتجدرُ الإشارة إلى أنَّ هنالك بحرًا يتشابه مع الوافر المجزوء، إذا كانت تفعيلاتُهُ معصوبةً كلّها، وهذا البحر هو (الهزج)، وتفعيلاتُه:
مفاعيلن مفاعيلن ............. مفاعيلن مفاعيلن
فنحن نرى أنَّ (مفاعلَتُنْ) إذا جاءَ معصوبًا نُقلَ إلى (مفاعيلن)، فإذا كانت جميع التفعيلات معصوبةً؛ كان ذلك متفقًا تمام الاتفاقِ مع (الهزج).
ولذلك ذكروا أنَّه إذا كانت القصيدة جميعها على (مفاعيلن مفاعيلن)؛ فإنها تُنسب إلى الهزج، وإذا وَرَدَتْ فيها تفعيلةٌ -ولو واحدة- على (مفاعلَتن)؛ نُسبَتْ إلى الوافر.
نعودُ إلى قصيدة الأستاذ / نور الدين، ولننظر إلى أول بيت:
وغام الأفق بالقهرِ ..... وراح الظلم يستشري
مفاعيلن مفاعيلن ...... مفاعيلن مفاعيلن
هنا لا نستطيع أن نحكم حتى نكمل القصيدة؛ لأنها قد تكون من الهزج كما ذكرنا.
فننظر في البيت الثاني:
وحام البوم في جذلٍ ..... بليل ٍ آفل البدرِ
مفاعيلن مفاعلَتن ....... مفاعيلن مفاعيلن
هنا ظهرت لدينا تفعيلة (مفاعلَتن) من غير عصبٍ؛ ولذا: نستطيع أن نحكم الآن على القصيدة بأنها من مجزوء الوافر؛ ولكن إلى أي صورة تنتمي؟
نجد أن العروض صحيحة، والضرب قد جاء معصوبًا.
وقد ذكرت أن العروض يمكن أن يدخلها العصب، ولكن لا يلزم، أما الضرب؛ فيجب أن يلتزم الشاعر فيه العصب. فهل التزم الشاعر بهذا؟
نجد في القصيدة بعض المواطن التي لم يلتزم فيها الشاعر بعصب الضرب، وهي هذه:
إليكِ الروح فاعتصري
فدمع القلب كالمطرِ (ولو قيل: كالقَطْرِ؛ لكان الضرب معصوبًا، واستقام الوزن).
ويا طوفان فلتثُرِ
براكين الأسى انفجري
ويا ريحان فاعتبرِ
هم الأذيال للبشرِ
وكم في الأرض من أشِرِ
خَئونُ القول والفِكَرِ
عذاب الهون في الحفرِ
كل مداهن قذِرِ
بآيات من القدر
وقد جاءت بعض الأبيات مدوَّرة. وأترك لك المجال لتُشيرَ إليها.
يبقى التنبيه على شيء يتعلق بالرسم الإملائي في قولك:
رؤوس غير أنهموا
ميم الجمع هنا يُكتفَى بوضع الضمة عليها. وهذا رابط للفائدة:
http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=2065
والله تعالى أعلم.
وأرجو المعذرة على ضعف الأسلوب؛ لأني كتبتُ ذلك على عجلٍ. ولكن يهمُّني أن تكون الفائدةُ قد وصلت. وإن كان هنالك أي غموضٍ؛ فأرجو الإشارةَ إليه بلا تردُّدٍ. كما أرجو تنبيهي على أي خطإٍ.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[نور الدين]ــــــــ[26 - 04 - 2011, 06:15 م]ـ
أخي الحبيب ومعلمي (بو إبراهيم)
=================
جزاك الله خيرا وزادك علما وسددك دوما
قولك:
يحيك الغدر مشؤوماً .... خَئونُ القول والفِكَرِ
أظن أن فيه كسرا في الشطر الأول.
لا أظن أن في الشطر الأول كسرا , حيث أنه على وزن: مَفَاعِيلُنْ مَفَاعِيلُنْ
أليس كذلك
وقولك قبله:
أترحل والورى ظمِئٌ .... يلوك العار في الإثرِ
كلمة (الورى) جمع، فهل يصح وصفها بالمفرد (ظمئ)؟
وهل يصح أن يرجع إليها ضمير المفرد (يلوك)؟
بالنسبة لكلمة (الورى): ألا يمكن معاملتها ككلمة (الركب) أو (الجمع)؟
بحيث تعامل معاملة المفرد , كما تقول: الركب سائر على الطريق
لا أدري مدى صحة كلامي , لذا أرجو الإفادة بخصوص الفارق بينهما
أختي الكريمة ومعلمتي (عائشة)
=================
جزاك الله كل خير
كفيت ووفيت , وأحسب أنني قد وعيت الدرس بفضل الله , وجاري تعديل الأبيات
وبالنسبة لحديثك عن ضعف الأسلوب والعجلة في الكتابة, فلا الأسلوب ضعيف ولا العجلة مخلة إن شاء الله
والشرح مفصل وبسيط في الوقت ذاته , كما عودتنا دوما
بارك الله في الجميع
.
¥