ـ[محمود محمد محمود مرسي]ــــــــ[24 - 12 - 2013, 03:04 م]ـ
أختي في الله
السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته، وبعدُ:
فأولًا: جزاك الله خيرًا
وثانيا: اعلمي ـ رحمني اللهُ وإياك ـ أنَّ ما عدا الأعاريض والضروب المستعملة شاذٌّ، فالهزجُ لا يأتي إلا مجزوءًا وجوبًا بالنظرِ إلى الاستعمال، وشذَّ مجيئُه تامًّا كقولِ الشاعر:
ترفقْ أيها الحادي بعشاقِ ... نشاوى قدْ تعاطوا كأسَ أشواق
والوافر ـ كذلك ـ لم يستعمل إلا مجزوءًا أو مقطوفًا، وما سواه شاذٌّ، قلتُ في المشاركة رقم 34 في ضبط منظومة معيار اللآلئ:
قُلْتُ فِي الْكَافِي:
وَبِانْتِهَاءِ الْمُحْدَثِ الْمَذْكُورِ ... قَدِ انْقَضَى الْكَلَامُ فِي الْبُحُورِ
وَهَذِهِ كَمَا خَلَا مُسْتَعْمَلَهْ ... وَمَا عَدَاهَا مِنْ بُحُورٍ مُهْمَلَهْ
وَأَجْمَعُوا عَلَى الْأَعَارِيضِ الَّتِي ... جَاءَتْ بِهَا مَعْ أَضْرُبٍ قَدْ حَلَّتِ
وَمَا أَتَى خِلَافَ ذَاكَ فَاقْضِ ... أَنْ شَذَّ عِنْدَهُمْ وَعَنْهُ أَغْضِِ
وَلْيُعْتَمَدْ مَا جَاءَ مِنْ زِحَافِ ... أَوْ عِلَلٍ فِيهَا بِلَا خِلَافِ
وَالْجُزْءُ بِالْأَوْلَى لَدَيْنَا يَسْلَمُ ... إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يُلْتَزَمُ
وَمَا أَتَى مِنْ خَالِصِ الْعِلَّاتِ ... فَلْيَلْزَمِ التَّالِي مِنَ الْأَبْيَاتِ
وَمَا انْتَفَى مِنْ عِلَّةٍ فِي الْأَوَّلِ ... فَلْيَخْلُ مِنْهَا كُلُّ أَبْيَاتٍ تَلِي
وعلى هذا فالأبيات التي ذكرتِها للبحتري شاذةٌ سواء اعتبرناها من الوافر أم من الهزج.
ثالثا: أنت تعلمين أنَّ العصبَ إذَا حَلَّ بِالْوَافرِ الْمَجْزُوءِ انقلَبَ أوْ صارَ كالْهَزَجِ الصَّحِيحِ، وهُنا نبْحَثُ فِي القصيدةِ عنْ جزءٍ لم يعصب، فإنْ وُجد فالقصيدةُ من الوافرِ، وَإِذَا فقدْنا هَذا الْجُزْءَ فَالقصيدَةُ مِنَ الهَزَجِ بِاعْتبَارِ الأصلِ، وقدْ أشَرْتُ إلَى هَذا بقوْلِي:
واعْلَمْ بِأَنَّ الْعَصْبَ فِي الْمجْزُوِّ ... يجْعلُه كالرَّجَزِ الْمَتلُوِّ
وَالْفَصْلُ إِنْ وَجَدْتَ جزءًا سَلِمَا ... مِنْ ذَلِكَ الْعَصْبِ فَوَافِرٌ نَمَا
وحَيْثُما فقَدْتَ مَا لمْ ينعَصِبْ ... فَهَزَجٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ يَجِبْ
وأظنك قد فصَّلت هذا الأمر في المشاركة التي أحلتِ أخانا المقدشيَّ إليها،
وما قيل في المجزوء هنا ينطبق على التام الشاذ، فاعتبار الأبيات إذا افتقدنا (مفاعلتن) ولو واحدةً من الهزج أولى باعتبار الأصل، ثم لسبب آخرَ عندي، وهو ارتكاب أخف الضررين؛ فالكف في الهزج أخفُّ من نقص الوافر، بل قد حكموا بحسن الكف في الهزج، وقبح النقص في الوافر، وفي الأبيات التي ذكرتها تفاعيلُ كثيرةٌ جاءت على: (//0/ 0/) وهي تصلح أن تكون: (مفاعيلن) مكفوفة، وتصلح أن تكون: (مفاعلتن) منقوصة، فأيهما أولى إن عدمنا تفعيلةً واحدةً على وزن: مفاعلتن؟
أكرر: اعتبار الأبيات من الهزج التام الشاذ أولى عندي للسببين المذكورين إذا افتقدنا: مفاعلتن، ـ ومعذرة فلم أقرأ جميعَ الأبياتِ؛ لأتبيَّن هل ضمَّت (مفاعلتن) ولو مرةً أمْ لا ـ.
رابعا: لديَّ سؤالٌ لكنْ لغيرِك:
ما نوع هذه الأبيات التي كأنَّها قيلتْ فيَّ:
واللهِ لوْ علموا قبيحَ سريرتي ... لأبى السلامَ عليَّ مَنْ يلقاني
ولأعرضوا عنِّي وملُّوا صُحْبَتي ... وَلَبُؤْتُ بعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
لكنْ سَتَرْتَ معايبي ومثالبي ... وحلمْتَ عنْ سَقطِي وعَنْ طغْياني
فلكَ الْمَحَامِدُ والْمَدائحُ كلُّها ... بخواطرِي وجوارِحي وَلِسَاني
أهي من الوافي أم التام؟ ولماذا؟
وكذلك: ما لقبُ البيتِ الثاني في قوله:
وإذا الفتى لبس الأسى ومشى به ... فكأنما قد قال للزمن اقعدِ
فإذا الثواني أشهر وإذا الدقا ... ئق أعصر والحزن شيء سرْمدي؟
هذا، والله أعلمُ، والسَّلام
ـ[ابن أيمن الصرفي]ــــــــ[24 - 12 - 2013, 08:34 م]ـ
شيخنا محمود محمد محمود مرسي، الأبيات من الكامل الوافي؛لسلامتها من الجَزء والنهك والشطر ودخول العلل فيها كـ (القطع) وكثير من الزحافات.
ثانيا: البيت الثاني:
فإذا الثواني أشهر وإذا الدقا ... ئق أعصر والحزن شيء سرْمدي؟
أليس مدورا؟ أم أنك تقصد شيئا آخر. هذا ما لدي والله أعلم.ومنكم ننتظر الإفادة.
ـ[محمود محمد محمود مرسي]ــــــــ[24 - 12 - 2013, 09:37 م]ـ
أخي في الله ابن أيمن الصرفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعدُ:
فقد أصبت ـ يا أخي ـ باعتبارك أبياتَ القحطاني ـ رحمه الله ـ وافية؛ حيثُ إنها استوفت أجزاء دائرتها لكن مع نقصٍ لازمٍ في أضربها؛ إذ جاءت مقطوعةً، والقطع ـ كما تعلم ـ علةٌ لازمة لا تحلُّ الحشو؛ فكانت الأبيات وافيةً، ولو أنك قلت لأنها استكملت أجزاء دائرتها، ولم تستو أجزاؤها في الحكم لأصبت، وكذلك لو قلتَ لأن أضربها تخالف الحشو في الحكم؛ حيث يجوز فيها ما لا يجوز في الحشو من النقص اللازم.
لكن الذي لم يرق لي في جوابك أمران:
الأول: قولك هي من الكامل الوافي لسلامتها من الجزء والنهك والشطر، وأنت تعلمُ أن النهك والشطر لا يحلان الكاملَ.
الثاني: قولك لدخولِ القطع فيه وكثير من الزحافات، وأنت تعلمُ أن المؤثِّرَ هنا في جعلها وافيةً القطعُ، أما الزحاف (الإضمار) فهو غيرُ لازمٍ ويدخل العروضَ والضربَ والحشوَ، ومن ثم لا يؤثر في خلع لقب الوافي على الأبيات.
وأما البيتُ الثاني فهو ـ كما قلتَ ـ مُدوَّرٌ، لكنني كنتُ أتساءلُ عن لقبٍ آخرَ: أوافٍ هو أم تامٌّ، والجوابُ: هو تامٌّ؛ لاستكمالِه أجزاءَ دائرته، وسلامة عروضه وضربه من النقص اللازم، فإن تقلْ: أليس الإضمار وهو تسكين الثاني المتحرك (أو حذف حركة الثاني المتحرك) نقصا؟ قلت: بلى، لكنه ـ كما قلت من قبل ـ: لا يلزمُ، ويدخل الحشوَ والعروض والضرب؛ فتستوي جميعُ الأجزاء في الحكم؛ فكان البيتُ تاما.
هذا، والله أعلم، والسلام.
¥