ومما يُعينه على حسن الخَتْم أن يَشفَعَ كلَّ ما يكتمل من أجزاء بحثه أبوابًا كانت أو فصولًا أو مباحث، بملخَّص ما حصل له فيها من نتائج، حتى إذا ما قائم قائم الختم وأَزِفَ الترحل اعتمد على ملخصات نتائج الأجزاء، ولم يَجْنِ عليه تَعَجُّلُ الفراغ.
ولا ريب في أنه إذا كَثُرَتْ نتائجُه الكبيرةُ استغنى بها في الخاتمة عن الصغيرة، وأحقُّ الأفكار بمقام النتائج الكبيرة تلك التي فَصَلَ فيها بالرأي الواحد. وإذا أَعْوَزَتْهُ النتائجُ الكبيرة التجأ إلى الصغيرة حتى تكتمل الخاتمة؛ فكما يَحْذَرُ أن تَطُولَ فتُظَنّ أحدَ فصول بحثه، يَحْذَرُ أن تقصُرَ فتُظَنَّ إحدى حواشيه.
?
"أَكْمِلْ=الْإِلْحَاقُ=8"
ثامنُ فروع المنهج التكميلية التحشيةُ والختمُ والإلحاقُ والفهرسةُ والتقديمُ، وبِحَسْبِنا الآنَ الإلحاقُ، وعلامتُه التنبيهيةُ أَكْمِلْ؛ إذ ربما احتاج الباحث إلى إضافة مجموعات تَوضيحيّة من المعلومات المُنظَّمة المتعلقة ببحثه، التي لا تتسع لها حواشيه ولا تناسبها؛ فسَلَكَها في ملحقات، وأَضَافَها إلى بحثه من آخره.
مِنْ هذه الملحقات مُلْحَقُ مُفْردات المادة التي كان فيها البحثُ من أصله، ومُلْحَق مُصطَلحات مجال البحث الذي يُقابَلُ فيه أحيانا بين اللغات المختلفة، ومُلْحق الصورِ والرسوم والخرائط والجداول، وغير ذلك.
ولا تستوي هذه الملحقاتُ، لا أهميةً ولا إمكانًا؛ فبعضُها أهمُّ في بعض الأبحاث منه في بعض، وبعضها أظهر إمكانا في بعضها منه في بعض. وربما اقتضى بعضُ الأبحاث من الملحقات ما لم يُعْهَد في غيره؛ فكان من فطنة الباحث وتوفيقه.
?
"أَكْمِلْ=الْفَهْرَسَةُ=8"
ثامنُ فروع المنهج التكميلية التحشيةُ والختمُ والإلحاقُ والفهرسةُ والتقديمُ، وبِحَسْبِنا الآنَ الفهرسةُ، وعَلامتُه التنبيهيةُ أَكْمِلْ؛ إذ البحثُ بيتٌ مُغلق على ما فيه لا يعرفه ويحسن وصفه إلا صاحبُه الذي بناه وعاش فيه، فأما زائرُه الذي يمر عليه مُرورًا فلا يستطيع وصفه حتى يُعْطَى مَفاتيحَه، وما مفاتيحُ البحث إلا فهارسُه.
إن فهرسةَ البحث هي جمعُ عناوينِه الداخلية وكلِّ ما أَشْبَهَها من دقائقه المهمةِ المُؤَثِّرة في حركته، وترتيبُها على حسب وُرودها فيه أو على حسب علاقة بعضها ببعض، ثم مُقابلتُها بأرقام صفحات ورودها فيه حتى يستطيع المتلقي أن يَتَخَيَّل باجتماعها في الفهارس أمامه بُنيانَ البحث، وأن يتتبع منها ما شاء. وليس الباحث نفسه بعد حين بأغنى عنها من المتلقي.
وأصلحُ مواضع الفهارس من البحث أن يَتَقَدَّمَ فهرسُ العناوين إلى عَقِبِ صفحة عنوان البحث نفسه، وتَتَأَخَّرَ سائرُ الفهارس إلى ما بعد البحث، ويشار إليها في فهرس العناوين.
ولقد ينبغي للمتلقي أن يعرف وللباحث أن يعترف، أن ليس كل ما يُنْشَرُ يُطَّلَع عليه كاملا، وإلا ما صَحَّ استقراءٌ مع استقصاءٍ- وأنَّ من مَناقب الفهارس المُتْقَنَةِ أن تُعينَ المتلقيَ على اختيار أَحَدِهِما (الاستقصاء والاستقراء). وما أَشْبَهَ الفهارسَ المُبْتَسَرةَ أو المضطربةَ بالمفاتيح الناقصة أو الصَّدِئة، يُعطيها صاحبُ البيت زائرَه عفوًا أو قصدًا؛ فيَعرف منه، ويُنكر، ويَرتاب!
"أَكْمِلْ=التَّقْدِيمُ=8"
ثامنُ فروع المنهج التكميلية التحشيةُ والختمُ والإلحاقُ والفهرسةُ والتقديمُ، وبِحَسْبِنا الآنَ التقديمُ، وعَلامتُه التنبيهيةُ أَكْمِلْ؛ إذ لن يتحدث عن البحث مثل صاحبه، فيُفْسِح بين يديه الطريقَ إلى إقناع المتلقي وإقباله، مثلما تفعل نَشْرَةُ الدواء الملفوف بها في عُلبته بِمُتَناوِلِه؛ فعلى رغم أنها ليست من الدواء لا يرتاح إليه مُتناوِلُه إلا بها.
إن تقديم البحث هو سَبْقُه بعد الفراغ منه بما يُشيرُ إلى طبيعته ويَطمحُ بجسارته ويُنبهُ على قيمته، من عرض مسألته ودواعيها ومناقبها ومواعدها ومصادرها ومصاعبها ومسالكها، وشكر كل من ساعد على إنجاز بحثها، من غير إكراه هذه المقدمة على ما أغناها عنه قبلها فهرسُ العناوين.
وإن من حكمة الباحث أن يؤخر كتابة مقدمة بحثه حتى يفرغ منه كله، فيحرص على أن تَتلاءمَ هي وخاتمتُه مثلما تتلاءم نغمتا القرار والجواب في اللحن المستقيم الواحد، من غير حِنْثٍ بموعدة، ولا حَيْدةٍ عن قصد.
?
"هَذِّبْ=إِعَادَةُ الْكِتَابَةِ=9"
¥