ملتقي اهل اللغه (صفحة 3101)

وليس أدلَّ تعبيرا عن قُدْرة الجداول ثم الرسوم البيانية على عَرْضِ مادةِ أيِّ بحثٍ -مهما كانت- من قول المصريين: "الفِيل في المنديل"، الذي يصفون به إحاطةَ الصغير بالكبير، وما أَشْبَهَهُ عندهم بعَمَلِ السَّحَرَة!

?

"حَلِّلْ=النَّقْدُ=7"

سابعُ فروع المنهج التكميلية الاستيعابُ والعرضُ والنقدُ والفصلُ، وبِحَسْبِنا الآنَ النقدُ، وعلامتُه التنبيهيةُ حَلِّلْ؛ إذ ينبغي للباحث أن يُقَلِّبَ مادتَه المعروضة على كلِّ ما تحتمله من وجوه قريبة كانت هذه الوجوه أو بعيدة، وقوية أو ضعيفة، وحسنة أو قبيحة.

لقد حَدَسَ من قبل بأَدَلِّ مظاهرها على ظواهرها، وجَدْوَلَ مُفرداتِ هذه المظاهر، وحَدَّدَ نِسَبَ بعضِها من بعض؛ فالآن يَستخرجُ مُعطياتِها، ويَتأمَّلها، ويَتذوَّقُها، ويُمَيِّزُ بعضَها من بعض بكل ما تتميز به، ويُفسّر حدوثها بكل ما يصح لديه، مما ثبت في كلِّ علمٍ تَعَلَّمَه.

ولا ريب في أن العرض هو باب النقد؛ ومن ثم لا حَرَجَ على الباحث في أن يضبط بعضهما ببعض، فيعتني في العرض بما يحتفي به في النقد، ويوضح في العرض ما يسهل عليه في النقد، فإذ استترتْ عنه في النقد مُعطياتٌ أو غَمَضَتْ عليه، عاد إلى العرض، فعالجه بما يُبْرِزُها ويُبَدِّدُ غُموضَها.

?

"حَلِّلْ=الْفَصْلُ=7"

سابعُ فروع المنهج التكميلية الاستيعابُ والعرضُ والنقدُ والفصلُ، وبحسبنا الآن الفصلُ، وعلامتُه التنبيهيةُ حَلّلْ؛ وإنما حَلَّلَ الباحثُ ما حَلَّلَ مِنْ أجل هذا الموقف الذي يبدو فيه كأنه يُركِّبُ ما حَلَّلَ؛ فتستبين له ملامحُ وجهِ الرأي الصحيح، فيقطع به دون غيره قولًا واحدًا لا ثاني له؛ فإنه إن لم يفعل كان كأنه عَبِثَ عَبَثًا، ولم يُحلِّل، ولَهُوَ أَشْبَهُ عندئذ بالطفل الطُّلَعَةِ الذي لا يترك جهازا إلا فَكَّكَه، ولا يُفَكِّك جِهازًا إلا تَرَكَه!

ربما رأى بعض الباحثين أن في النقد أَيْ تَقْليب المادة وتمييز وجوهها، إيحاءً بالفصل أو إغناءً عنه- وأن في الاقتصار عليه وجهًا من حسن سياسة المتلقي؛ إذ يُوهمُه عندئذ بأنه هو الذي فَصَلَ، وهو إنما وُجِّهَ فاتَّجَهَ. ولكنها حالٌ لا تخلو من شكٍّ ورياءٍ وإهمالٍ وقلقٍ وبَرَم، فأما اليقينُ والإخلاصُ والإتقانُ والثباتُ والرضا فهي كلُّها في مجاوزة النقد إلى فَصْلِ الرأيِ الصحيحِ الواحدِ.

?

"أَكْمِلْ=التَّحْشِيَةُ=8"

ثامنُ فروع المنهج التكميلية التحشيةُ والختمُ والإلحاقُ والفهرسةُ والتقديمُ، وبحسبنا الآن التحشيةُ، وعلامتُه التنبيهيةُ أَكْمِلْ؛ إذ ينبغي للباحث أن يُخْلِيَ مَتْنَ بحثه مِمّا يَعوقُ انطلاقَ فَهْمِ المتلقي، فأما ما لا فائدة فيه ولا منفعة به فلابد له من مَنْعِه أنْ يُغَافِلَه إلى المتن، أو حذفه إذا غَافَلَه إليه- وأما ما فيه فائدةٌ وبه منفعةٌ فلابد له من نقله إلى حاشيته.

إن تحشية متن البحث هي إحاطته من خارجه بكل ما يفيده وينفعه، حتى إذا ما ارتاح منه المتلقي إلى قرارٍ انصرف إلى حاشيته؛ فازداد بما فيها فائدة ومنفعة.

وربما حَرَصَ بعض الباحثين على ألا تتجاوز الحاشية بِضعَ كلمات، وأَدْرَجَها في أَثْناء المتن بين شَرْطَتَيْنِ حتى يستوي البحثُ إراحةً للمتلقي كأنه مَتْنٌ لا حاشيةَ له. أما إذا زادت الحاشية على ذلك فلابد له من تأخيرها إلى هامش الصفحة، وهذه هي الحاشية السُّفْلِيَّة- أو إلى ما بعد البحث أو بعض أبوابه أو فصوله، وهذه هي الحاشية البَعْدِيَّة.

وقد التزمتْ بعضُ منابر النشر بعضَ أنواع الحواشي دون بعضٍ، وألزمتْ باحثيها، ولا ريب في أن المُدْرَجَةَ أَخَفُّ على الباحث، والبَعْدِيَّة أخفُّ على الناشر، والسُّفليَّة أخفُّ على المتلقي، إلا أن تَسوءَ التَّحْشِية، فيستخفّ بها الناشر والمتلقي كلاهما، ويَندمَ الباحث!

"أَكْمِلْ=الْخَتْمُ=8"

ثامنُ فروع المنهج التكميلية التحشيةُ والختمُ والإلحاقُ والفهرسةُ والتقديمُ، وبِحَسْبِنا الآنَ الختمُ، وعلامتُه التنبيهيةُ أَكْمِلْ؛ إذ ينبغي للباحث أن يجمع خيوط نتائج بحثه ليعقد بها عُقْدَةَ خاتمته -والأعمال بخواتيمها- فيَدُلّ على عمله، ويُدِلّ به، ويُثبت وفاءَه بما سَيَعِدُ في المقدمة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015