ملتقي اهل اللغه (صفحة 3100)

خامسُ فروع المنهج التكميلية تَبطيقُ المادة المناسب وتوثيقُها وعنونتُها، وبِحَسْبِنا الآنَ عنونتُها، وعَلامتُه التنبيهيةُ جَهِّزْ؛ إذ لا سبيل للباحث إلى تمييز مواد بطاقاته الكثيرة ورقيةً ورقميةً إلا بعَنْوَنَتِها أي تسميتها بعبارة موجزة واضحة، وإلا عَجَزَ عن معاملتها؛ فيئس منها، وأعرض عنها.

ولن يستقيم للباحث عنوانٌ على مادةٍ حتى يقرأ بطاقتها، ويقف على فكرتها؛ فيعنونها بها مِنْ فَوْرِهِ قبل أن تُفْلِتَ منه، في مُنْتَصَفِ أعلاها بلون غير لَوْنَيْ كتابتها وتوثيقها كليهما، وهو العنوانُ الذي سيُسمِّي به رَقْميَّتَها على حاسوبه.

لا ريب في أن العنونة مِنْ أصلِها إما صريحةُ الدلالة على فكرة المادة، وإما مُوحية غيرُ صريحة، ربما اشتملتْ على طبيعة إحساس الباحث بها. ولكن لا موضعَ هنا إلا للعنوان الصريح الذي يدُلّ على فكرة المادة دَلالةَ اسم الباحث على الباحث. ومَنْ شاءَ الإيحاء بإحساسه فَدُونَه فَضاءَ البطاقة مُتاحًا يَرْتَعُ منه ما شاء!

إنَّ عناوين البطاقات ورقية ورقمية هي التي ستُمكّن الباحث من أن يَمُرَّ في مادته سريعا كلَّما شاء أن يفتشها لِيتأمَّل ويجمع ويفرق. ومن ذَكَرَ لها هذه الجدوى عَمِلَ لها في مَشْغَلَةِ التَّجْهيز ما لا يَنْدَمُ عليه في مَعْمَعَةِ التَّمْييز!

?

"انْتَبِهْ=اتِّبَاعُ انْقِسَامِ الْمَادَّةِ=6"

سادسُ فروع المنهج التكميلية اتباعُ انقسام المادة، وعلامتُه التنبيهية انْتَبِهْ؛ إذ ينبغي للباحث أن يَخْضَعَ لما بين مفردات مادته من فروق، فيُراعِيها في تقسيمها وتصنيفها.

وقد استقر مِنْ قبلُ أنْ ليس في هذا المنهج العلمي مادَّةٌ لا تنقسم، وأنها إن لم تَنقسمْ باختلاف طبائعها انْقسمتْ باختلاف خصائصها، وإن لم تَنقسمْ في رأيه انقسمتْ في رأي غيره- وأَنَّه لا غنى به عن أقسامها فيما سيُبَوِّبُه بها من أبواب عمله، ويُفَصِّلُه من فصول ومباحث ومطالب.

ولكن ينبغي هنا تنبيه الباحث على أنْ يَلينَ لِمادته، فلا يَأْبى ما تجري عليه من انقسام، أو يتغافل عنه تَحْكيمًا لانقسام غيرها فيها أو انْخداعًا بتقسيم غيره لها، بل يُنصت لصوتها هي، ويُصدّقها؛ فإنها المادة التي لم يَستمدَّها من مصادرها إلا هو، ولن تَكْذِبَه.

?

"حَلِّلْ=الِاسْتِيعَابُ=7"

سابعُ فروع المنهج التكميلية الاستيعابُ والعرضُ والنقدُ والفصلُ، وبِحَسْبِنا الآنَ الاستيعابُ، وعلامتُه التنبيهيةُ حَلِّلْ؛ إذ لن يتيسر للباحث بحثٌ حتى يستوعب ما اجتمع له من مادة، ولن يستوعبها حتى يُحلِّل مُركَّباتها وَيَتَدَسَّس إلى مُضْمَن طواياها ويَطَّلِع على مكوناتها.

ولْتَكُنْ هذه المادةُ من مظاهر الظواهر الطبيعية أو الاصطناعية، أو من آراء المتأملين المتفكرين، أو أَيًّا ما تكون؛ فلابد للباحث أن ينقطع لها مفرداتٍ وأقسامًا مثلما ينقطع الناسكُ، ويتأملها مثلما يتأمل العاشقُ، حتى تَتَكشَّف له مثلما تَتَكشَّف في ظهيرة النهار شمسُ الصحراء؛ فعندئذ يستوعبها مثلما يستوعب الوعاءُ مُوعَبَهُ؛ فلا يذهب ولا يؤوب إلا بها، ولا يقوم ولا يقعد ولا ينام ولا يصحو، وتبوح له بأسرارها، وتَتَأَنَّى حتى يسجلها!

ولا حَرَجَ على الباحث أن يَتَّهِمَ هو نفسُه استيعابَه لمادَّته قبل أن يتهمَه غيرُه، فيُراجعها مرةً أخرى، حتى يستقرَّ استيعابُه- بل الحرجُ أنْ يظل معها على قلق، كأنه أَسيرٌ ينتظر الإطلاق، ولا استيعابَ مع قَلَقٍ.

?

"حَلِّلْ=الْعَرْضُ=7"

سابعُ فروع المنهج التكميلية الاستيعابُ والعرضُ والنقدُ والفصلُ، وبِحَسْبِنا الآنَ العَرْضُ، وعلامتُه التنبيهيةُ حَلِّلْ؛ إذ ينبغي للباحث أن يُحْسن عَرْضَ مادَّته على مُتلقِّيها مثلما تُعرَضُ عليهم مطالبُهم في مَعَارِضِها، عَرْضًا ذكيًّا يجذبهم إليها ويُقْنِعُهُمْ بها.

وأحسنُ مَعارض مادة البحث الجداولُ الإحصائيةُ التي يَحْدِسُ فيها الباحثُ بأهم مظاهرها دلالة على ظواهرها؛ فيُجَدْوِلُ مفرداتها بحيث تدُلّ عليها نِسَبُها منها دلالةً واضحةً، ثم إذا شاء استفاد من بيانات الجداول في صناعة رسوم بيانية أوضح دلالة وأسرع إقناعا.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015