ـ[رعد أزرق]ــــــــ[03 - 06 - 2008, 10:14 م]ـ
البسملة1
اصالة التفكير الادبي عند العرب - هل تأثرت البلاغة العربية باسلوب ارسطو في كتاب الخطابة؟ - عبد الرزاق الحروب
تتردد في بيئات التفكير الأدبي أسئلة تدور حول حقيقة واحدة هي معرفة مدي أصالة التفكير الأدبي عند العرب، ومدي اعتماده علي الأصول الأولي التي أرسي اليونان قواعدها، باعتبارها أعرف الأمم في دراسة فن الشعر وفن الخطابة.
هل تأثر النقد الأدبي عند العرب بالنقد الأدبي عند اليونان؟
هل تأثرت البلاغة العربية بما كتب أرسطو عن الأسلوب في كتاب الخطابة؟.
يذهب المثبتون لهذه الأصالة إلي ان النقد الأدبي هو خلاصة الفكرة العربية في الفن الأدبي الذي عرفت براعتهم فيه منذ عرق التأريخ المحقق للأمة العربية، وان البلاغة العربية لم تستحق مباحثها وفنونها إلا من هذا المورد الطبيعي، أما الآخرون فإنهم ينفون هذه الأصالة عن التفكير الفني عند العرب، وباستقاء الدراسات النقدية والبلاغية من معين يوناني اهتدوا إليه أبان ازدهار نهضتهم العلمية في العصر العباسي.
ان البحث المنصف الهادي إلي التعرف إلي الحقيقة ينبغي إلا تدفع إليه عصبية للعرب ولا تصعب ضد العرب حتي يستطيع البحث تأدية مهمته في الوصول إلي نتيجة صحيحة يخدم الفكرة وحدها دون ان يكون هدفها محاولة إثبات أمجاد أو هدم أمجاد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري لن يؤثر في التراث الفكري العربي ثبوت الإفادة من ثقافات الأمم الأخري لأن أمة العرب لم تعش وحدها علي الأرض ناهيك عن صلاتها القريبة أو البعيدة بكثير من هذه الأمم والأجيال ولا خير في تفاعلها وتأثرها وتأثيرها في الأمم الأخري، فالعرب قد وقفوا علي الآثار الباقية مما حفظ التأريخ من آثار اليونان وفي مقدمتها كتاب الشعر وكتاب الخطابة.
وهناك حقيقة مفادها ان تأليف الكلام المنظوم والكلام المنثور عند العرب لم يتأثروا بما لدي الأدباء اليونانيين ولم يكن له أثر علي نتاجهم الأزلي إذ ليس في شعرهم أثر لما عرف عند اليونان من فنون الشعر ولا تري فيه إشارة للإلياذة أو الأوديسا ولا بغيرهما من الشعر التراجيدي أو الشعر الكوميدي، ولم تظهر محاولة مجدية أو غير مجدية في تأليف شعر ملحمي أو شعر مسرحي في العصر الذي عرف فيه العرب أدب الإغريق، ومن هنا يمكن الحكم المطمئن بأصالة الأدب العربي واستقلاله، ولكن الأدب العربي في العصر العباسي بدت فيه بعض الاتجاهات الفكرية التي عرفت في الحياة العقلية إذ ذاك بتأثير نقل التراث اليوناني في الفلسفة والمنطق في ازدهار (علم الكلام) وفي نشأة الفلسفة الإسلامية. فإن مجال تأثر الأدب العربي محصور في التأثر بتلك الثقافة التي راجت في بيئات الفكر العربي والتي استطاع من خلال الأدب العربي ان يصور الحياة الفكرية الجديدة وان يفيد منها، وهناك فرق بين إفادة الأدب من حياة عقلية متأثرة بثقافة فكرية ما، وإفادة هذا الأدب العربي من أدب أمة ما، وهذا يعني ان تأثر الأدب العربي بمناهج التفكير الجديد وقضاياه، أو تصويره لما طرأ علي الفكر والحياة في العصر العباسي حقيقة من الحقائق تبدو في أدب بعض الشعراء أو بعض الكتاب أو بعض الخطباء، أما تأثر هذا الأدب بالمأثور من الأدب الإغريقي فلا يبدو له أثر في الأدب العربي.
وقد حاول ضياء الدين بن الأثير ان يوفق في ذلك في كلمة قرر فيها ان المعاني الخطابية وهو يريد بها معاني الأديب كله بفنونه المنظومة والمنثورة، كان أول من تكلم فيها حكماء اليونان، غير ان ذلك الحصر الذي حصروها فيه كلي لا جزئي، لأنه من المجال ان تحصر جزئيات المعاني وما يتفرع عنها من التفريعات التي لا نهاية لها وهذا الحصر لا يفتقر إليه الأديب ولم يكن البدوي راعي الإبل يمر بفهمه شيء من هذا، ومع ذلك قال شعراً، أو تكلم نثراً، لقد كان الشعر والخطابة للعرب بالطبع والفطرة والذين جاءوا بعدهم من الشعراء والخطباء من المتحضرين أجادوا في تأليف النظم والشعر وجاءوا بمعان كثيرة ما جاءت في شعر القدماء من غير ان يقفوا علي شيء مما ذكره علماء اليونان أو يتعلموا منه، مثل شعر أبي نواس وأبي تمام والبحتري والمتنبي وغيرهم وكذلك جري الحكم في أهل الكتابة من أمثال عبد الحميد وأبن العميد ويسوق أبن الأثير من نفسه شاهداً أنه لم يتعرض لشيء مما
¥