ومنه قولُه تعالى: ?وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا?؛ فاعترض بقوله: ?وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ? بين الجُمَل المعطوف بعضها علَى بعض؛ إعلامًا بأنَّ تدارُؤَهُمْ وتدافُعَهُمْ في شأن القتيل ليس نافعًا لَهُمْ في كِتْمانه؛ فالله يُظْهِرُه ولا بُدَّ.
وتأمَّلْ حُسْنَ الاعتراضِ وجزالته في قول الرَّبِّ تعالى: ?وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ?؛ فقوله: ?وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ?: اعتراضٌ بين الشَّرْطِ وجَوابه؛ أفادَ أُمورًا:
مِنْها: الجوابُ عن سُؤال سائلٍ: ما حكمة هذا التَّبديل؟ وما فائدته؟
ومِنْها: أنَّ الَّذي بُدِّلَ وأُتِيَ بغَيْره: مُنَزَّلٌ مُحْكَم نزوله قبل الإخبار بقولهم.
ومنها: أنَّ مَصْدَرَ الأَمْرَيْن عَنْ عِلْمِهِ -تبارك وتعالى-، وأنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا مُنَزَّلٌ؛ فيجب التَّسليم والإيمان بالأوَّل والثَّاني.
ومِنْ ألطفِ الاعتراضِ وأحسَنِهِ: قولُه تعالى: ?وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ?؛ فاعترض بقوله: ?سُبْحَانَهُ? بين الجُمْلَتَين.
وتأمَّل الاعتراض في قوله تعالى: ?فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ?؛ فاعترضَ بين القَسَم وجوابه بقوله: ?وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ?، واعترض بين الصِّفة والموصوف في جُملة هذا الاعتراض بقوله: ?لَوْ تَعْلَمُونَ? فجاء هذا الاعتراض في ضمن هذا الاعتراض، ألطف شيءٍ، وأحسنه مَوْقِعًا.
قال ابن القيِّم -رحمه الله-: ولا تَسْتَطِلْ هذا الفَصْلَ وأمثالَه؛ فإنَّه يُعْطيكَ ميزانًا، وينهجُ لكَ طريقًا؛ يُعينكَ علَى فَهْمِ الكتابِ، واللهُ المستعانُ. انظُر -فيما سَبَقَ-: " التِّبيان في أقسام القرآن " للإمام ابن قيِّم الجوزيَّة: (ص 197 - 200).
ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 02:25 ص]ـ
شكرَ الله لكِ أختَنا عائشةَ.
أبو قصي
ـ[أبو عبد الله]ــــــــ[12 - 06 - 2008, 09:10 م]ـ
)))) البسملة1
شكر الله لك أيتها الأخت عائشة، وجزاك خيرا، ووفقنا جميعا لما يحب ويرضى.
وأود أن أضيف شيئا لما كتبته الأخت الفاضلة، وهو أن الجملة الاعتراضية قد جاءت كثيرا جدا في القرآن، ولأغراض بلاغية متعددة غير الأغراض التي أشارت إليها الأخت الفاضلة، ومن هذه الأغراض:
1 - التنزيه: كقوله تعالى: ((ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون)) فقوله ((سبحانه)) جملة اعتراضية للمبادرة إلى تنزيه الله عن اتخاذ البنات.
2 - التعظيم، ومنه قوله تعالى: ((فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم)) فقوله: وإنه لقسم لو تعلمون عظيم جملة اعتراضية يقصد بها التعظيم
3 - التوبيخ، ومنه قوله تعالى: ((فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون))، فقوله: وانتم حينئذ تنظرون جملة اعتراضية يراد بها توبيخ قوم لم يتعظوا بما يرون. والله أعلم بمراده.
وبعد: فقد كتب الدكتور سامي عطا حسن بحثا قيما عنوانه: الجملة المعترضة في القرىن مفهومها وأغراضها البلاغية، ومن هذا البحث أفدت، وعنه نقلت، فليرجع إليه من أراد المزيد.
والبحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بالكويت العدد (56) 1425هـ = 2004 م. والله ولي التوفيق
ـ[فهد بن محمد الغفيص]ــــــــ[22 - 08 - 2008, 01:16 ص]ـ
شكر الله لأختي عائشة وأخي أبي عبدالله هذه الفوائد الجمة
ـ[أحمد مرغم]ــــــــ[09 - 11 - 2008, 10:48 م]ـ
هل تستطيعون أن تبعثوا لي البحوث المتعلقة بالااعتراض وأعراضه في القرآن الكريم، ولكم مني جزيل الشكر
وأفصل البريد الإلكتروني: bouzid1925@yahoo.fr
ـ[محمد محمد مقران]ــــــــ[25 - 06 - 2014, 06:58 م]ـ
هذا الفن من أجلّ فنون البلاغة، وشواهده في القرآن كثيرة، وقد أحسنتِ جدا في اختيار الأمثلة، ويضاف إليها قوله تعالى:
(وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ -وَلَوْ حَرَصْتَ- بِمُؤْمِنِين)
وكذلك قوله عز وجل:
¥