ملتقي اهل اللغه (صفحة 3045)

أوصاف بليغة في البلاغات على ألسنة أقوام من أهل الصناعات

ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 06 - 2008, 08:44 ص]ـ

أوصاف بليغة في البلاغات على ألسنة أقوام من أهل الصناعات:

قال بعضُ من ولَد عقائل هذا المنثور، وألَف فواصل هذه الشذور: تجمَع قوم من أهل الصناعات، فوصفوا بلاغاتِهم، من طريق صناعاتهم:

فقال الجوهري:

أحسنُ الكلام نِظاماً ما ثقبته يَد الفكرة، ونظمته الفِطْنة، ووُصِل جَوْهَرُ معانيه في سُموط ألفاظه، فاحتملته نحورُ الرواة.

وقال العطار:

أطيبُ الكلامِ ما عُجِنَ عَنْبَر ألفاظه بمسْك مَعَانيه، ففاح نسيمُ نَشَقِه، وسطعت رائحة عبَقه، فتعلّقت به الرُوَاة، وتعطَرت به السَّراة.

وقال الصائغ:

خيرُ الكلام ما أَحْمَيْتَه بكِير الفِكر، وسبَكْتَه بمشَاعِل النّظر، وخلَّصته من خَبَث الإطناب، فبرز بروزَ الإبريز، في معنى وَجيز.

وقال الصيرفي:

خيرُ الكلام ما نَقَدَتْهُ يدُ البصيرة، وجلَته عين الروية، ووزنْتَه بمِعْيار الفصاحة، فلا نظر يُزَيّفه، ولا سماعَ يُبَهْرِجُه.

وقال الحداد:

أحسن الكلام ما نصبت عليه مِنْفَخة القريحة، وأشعلْتَ عليه نارَ البصيرة، ثم أخرجتَه من فحم الإفحام، ورقَّقته بفطِّيس الإفهام.

وقال النجار:

خيرُ الكلام ما أحكمتَ نَجْرَ معناه بقدُوم التقدير، ونَشَرْتَه بمنشار التدبير، فصار باباً لبيت البيان، وعارِضة لسَقفِ اللسان.

وقال النجاد:

أحسنُ الكلام ما لطُفت رَفَارِف ألفاظه، وحسُنت مَطارح معانيه، فتنزّهت في زَرَابيِّ محاسنه عيونُ الناظرين، وأصاخت لنمارِق بَهْجَتهِ آذان السامعين.

وقال الماتح:

أبْيَن الكلام ما علقتْ وَذَمُ ألفاظه ببكرة معانيه، ثم أرسلته في قَلِيب الفطَن فمتحت به سقاء يكشِفُ الشبهات، واستنبطت به معنى يروي من ظمإ المشكلات.

وقال الخياط:

البلاغة قميص؛ فجُربانه البيان، وجَيْبُه المعرفة، وكُفَاه الوجازة، ودَخَارِيصه الإفهام، ودُرُوزُه الحلاوة، ولابس جَسَدُه اللفظ، وروحُه المعنى.

وقال الصباغ:

أحسن الكلام ما لم تنْضَ بهجة إيجازه، ولم تكشف صبغة إعجازه، قد صَقَلتْه يَدُ الروِيةِ من كُمُود الإشكال، فَرَاعَ كواعِبَ الآداب، وألَف عَذَارَى الألْبَابِ.

وقال الحائِك:

أحسنُ الكلام ما اتَّصَلت لُحمة ألفاظه بسَدَى معانيه، فخرج مُفوَّفاً مُنيراً، وموشَّى محبراً.

وقال البزار:

أحسن الكلام ما صدقَ رقم ألْفاظه، وحسن نَشْرُ معانيه فلم يستَعْجِم عنك نَشر، ولم يستبهم عليك طَيّ.

وقال الرائض:

خيرُ الكلام ما لم يخرج عن حَدِّ التَّخْليع، إلى منزلة التَّقْرِيب إلاَّ بعد الرياضة، وكان كالمُهْرِ الذي أطمع أوَل رياضته في تمام ثَقافته.

وقال الجمَال:

البليغُ من أخذَ بخِطام كلامه، فأناخَه في مَبْرك المعنى، ثم جعل الاختصار له عِقَالاً، والإيجاز له مَجالاً، فلم يَندَّ عن الآذان، ولم يشذَّ عن الأذهان.

وقال الخمّار:

أبلغُ الكلام ما طبَخَتْه مَرَاجِلُ العلم، وصَفَاه رَاوُوق الفَهْمِ، وضمَّته دِنَان الحكمة، فتمشَّت في المفاصل عُذُوبَتُه، وفي الأفكارِ رِقَته، وفي العقول حِدّته.

وقال الفقاعي:

خيرُ الكلام ما رَوَّحَتْ ألفاظُه غَبَاوَةَ الشكّ، ورفعت رِقَته فظاظةَ الجهل، فطاب حِساءُ فطنته، وعذُب مَصُّ جُرَعِهِ.

وقال الطبيب:

خيرُ الكلام ما إذا باشر دواءُ بيانه سَقَمَ الشُبهة استطلقت طبيعةُ الغباوة؛ فشُفِي من سوء التفهّم، وأورث صحة التوهم.

وقال الكحَّال:

كما أن الرمَد قذى الأبصارِ، فكذا الشبهة قَذَى البصائر، فاكْحَلْ عَيْنَ اللكنة بميلِ البلاغة، واجْلُ رمَصَ الغَفْلة بِمرْوَدِ اليقظة.

ثم قال:

أجمعوا كلّهم على أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمْسُه، انكشف لَبْسه، وإذا صدقت أنواؤه اخضرّت أحماؤه.

ـ[سلسبيل]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 02:57 م]ـ

جزاكم الله خيرا على هذه الأوصاف البلغية!

وماذا عسانا نقول بعد مقال أهل الصناعة؟؟

فهم أدرى بصنعتهم؟

وأبلغ بيانا، وأفصح إفادة

لكأنما يتكلمون غير لغتنا؟!

لكأن العربية حصر عليهم!!!

فلله درهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015