ملتقي اهل اللغه (صفحة 2978)

أ. د. سالم آل عبد الرحمن وحلقاته في المعاظلة

ـ[المعقل العراقي]ــــــــ[18 - 02 - 2009, 01:23 م]ـ

البسملة1

أ. د. سالم آل عبد الرحمن ووقفات من حلقاته في المعاظلة

قال د. سالم آل عبد الرحمن: " عاظل معاظلة: لزم بعضه بعضاً، وتعاظلت الجراد: إذا تداخلت، ويقال تعاظلت السباع وتشابكت، وعاظل الشاعر في القافية عظالاً: ضَمّنَ. وروي عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال لقوم ٍ من العرب:" أشعركم شعرائكم من لا يعاظل الكلام، ولم يتتبع حوشيّه "، أي: لم يحمل بعضه على بعض، ولم يتكلم بالرجيع من القول، ولم يكرر اللفظ والمعنى (اللسان – عظل).

وقال: وعدّ قدامة بن جعفر المعاظلة على أنها من عيوب اللفظ، وهي التي وصف عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) زهيراً بمجانبته لها فقال:" كان لا يعاظل بين الكلام ". ولا يريد عمر مداخلة بعض الكلام فيما يشبهه من بعض، أو فيما كان من جنسه، وإنما أنكر أن يدخل بعضه فيما ليس من جنسه، وما هو غير لائق به وقد هذبنا لذلك الوقفات يوم تكلمنا عن مقومات الخطبة ومقاماتها عند الخطيب وكذلك ذكرناه في محاضراتنا عن إنشاء الكلام وكيف يكون له سلطة وتأثير.

قال قدامة:" وما أعرف ذلك إلاّ فاحش الاستعارة "

أنظر: نقد الشعر – تحقيق كمال مصطفى، القاهرة 1963م- ص 201

ومثل ذلك كقول:

وذات هدْم ٍ عار ٍ نواشرها ...... تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدَعا

ذات هدْم: يعني امرأة ضعيفة والهدم: الكساء. النواشر: عروق وعصب في باطن الذراع. والتولب: ولد الحمار، والجدع: الصغير، السيئ الغذاء.

فسمّى الصبي " تولباً " وهو ولد الحمار.

ومنه قول جبيهاء الأسدي:

وما رَقَدَ الوِلْدان حتى رأيته .... على البِكْر يَمْريه بساق ٍ وحافر ِ

فسمى ر ِجْل َ الإنسان " حافرا ".

وقال الآمدي:" وقد فَسّر أهل العلم هذا قول عمر، وذكروا معنى المعاظلة وهي: مداخلة الكلام بعضه في بعض، وركوب بعضه لبعض ".

أنظر: الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي - تحقيق السيد أحمد صقر ج 1 – ص 276.

وردّ الآمدي كلام قدامة وقال: " إنّ الأمثلة التي ذكرها ليست من المعاظلة ".

(أنظر: الموازنة ج 1 – ص 277،وينظر الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور لضياء الدين بن الأثير – ص 230، وكذلك: الأقصى القريب في علم البيان لمحمد بن محمد التنوخي – ص 101).

وذكر الآمدي أنواع المعاظلة في شعر أبي تمام، من ذلك قوله:

خان الصفاء َ أخ ٌ خان الزمان ُ أخاً ... عنه فلم يتخوّنْ جسْمَه الكَمَد ُ

وذكر ابن رشيق للمعاظلة عدة معان ٍ: فالعظال في القوافي: التضمين في رأي الخليل، والمعاظلة: سوء الاستعارة في رأي قدامة، والمعاظلة: تداخل الحروف وتراكبها، والمعاظلة: تركيب الشئ في غير موضعه. (أنظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده لابن رشيق القيرواني – تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، ج 2، ص 264).

وقال الحسن بن عبد الله العسكري:" إن المعاظلة "من سوء النظم "

أنظر: كتاب الصناعتين تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم – القاهرة 1371 هجرية – 1952ميلادية – ص 162.

، وقال: " وهذا غلط من قدامة كبير، لأن المعاظلة في أصل الكلام إنما هي ركوب الشئ بعضه بعضاً، وسمي الكلام به إذا لم يُنْضَدْ نَضْداً مستوياً، وأركب بعض ألفاظه رقاب بعض، وتداخلت أجزاؤه تشبيهاً بتعاظل الكلاب والجراد. وتسمية " القدم " بحافر ليست بمداخلة كلام في كلام، وإنما هو بُعْدٌ في الاستعارة "

أنظر: كتاب الصناعتين – ص 163.

المعاظلة عند ابن الأثير:

وقال د. سالم آل عبد الرحمن: قسم ابن الأثير المعاظلة الى نوعين:

الأول: المعاظلة اللفظية، وهي خمسة أقسام:

(أ) قسم يختص بأدوات الكلام نحو " من " و " إلى " و " عن " و " على " فان منها ما يسهل النطق به إذا ورد مع أخواته، ومنها ما لا يسهل بل يرد ثقيلا ً على اللسان. ومن ذلك قول أبي تمام:

الى خالد ٍ راحَت ْ بنا أرحبيّة ٌ .... مرافقها مِنْ عَنْ كراكرٍها نُكْبُ

الأرحبية: ناقة منسوبة الى أرحب. الكر اكر: جمع كركرة وهي رحى. نكب: جمع نكباء، وهي المائلة.

(ب) وقسم يختص بتكرير الحروف، ومن ذلك قولهم:

وقبر حرب بمكان قفر .... وليس قرب قبر حرب قبر

وقول الحريري:

وازوَرّ من كان له زائراً .... وعاف عافي العرف عِرفانَهُ

(ت) وقسم أن ترد ألفاظ على صيغة الفعل يتبع بعضها بعضاً، كقول بعضهم:

بالنار فرّقت الحوادث بيننا .... وبها نذرْت ُ أعود ُ أقتل ُ روحي

(ث) وقسم يتضمن مضافات كثيرة كقولهم:

حمامة َ جرعا حومة ِ الجندل اسجعي .... فأنت بمرأى من سعاد ومَسْمَع ِ

(ج) وقسم ترد صفات متعددة على نحو واحد، كقول المتنبي:

دان ٍ، بعيدٌ، محبٌ، مبغضٌ، بَهجٌ .... أغرّ، حلو ّ، محر ّ، ليّن، شَرِ ِس

(البهج: الفرح. الشرس: الصعب – ينظر المثل السائر ج 1، ص 294 - 304).

الثاني: المعاظلة المعنوية، وهي أن يقدم ما الأولى به التأخير، لأن المعنى يختل بذلك ويضطرب.

قال د. سالم آل عبد الرحمن: وهذا كثير الحدوث عند المحدثين اليوم وقد نبهنا على مواقع عدة وفي دواوين عدة عليه، وما ردنا على بعض النظّار إلا ّ فيه.

ثم قال: والمعاظلة المعنوية كتقديم الصفة أو ما يتعلق بها على الموصوف، وتقديم الصلة على الموصول، وغير ذلك.

ومن ذلك قول الشاعر:

فَقَد ْ والشك بيّنَ لي عناءٌ .... بوشك فِراقِهم صُرَد ٌ يَصيح ُ

وقول الآخر:

فأصْبَحَتْ بَعْدَ خطّ بهجتها ..... كأن ّ قَفْراً رسومها قَلَحا

ومن ذلك قول الفرزدق:

الى مَلِكٍ ما أمّه من محارب ٍ .... أبوه ولا كانت كليبٌ تصاهِرُه

وقوله:

وما مثلُه في الناس إلاّ مُملّكاً .... أبو أمّه حي ٌ أبوه يقارِبُه

(أنظر: المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر - ضياء الدين بن الأثير – ج 2، ص 44).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015