ملتقي اهل اللغه (صفحة 2968)

ـ[عمر خطاب]ــــــــ[01 - 03 - 2009, 04:54 م]ـ

--------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثالث

مناقشة أدلة من أنكر المجاز فى مراحله المختلفة

أولا: مرحلة ما قبل الإمام ابن تيمية:

ويجيب الأصوليون على الشُّبه التى ذكرت قبل مرحلة الإمام ابن تيمية فيقولون: المجاز لا بد فيه من قرينة فلا إلباس فيه إذن؟ وليس فى المجاز تطويل بلا فائدة: بل فيه فوائد من أجلها يصار إلى المجاز ويعدل عن الحقيقة ([109]).

أما امتناع إطلاق وصف (متجوز) على الله فليس علته نفى المجاز عن القرآن، وإنما أسماء الله توقيفية لا بد فيها من الإذن الشرعى. ولا إذن هنا، فلا يقال إذا على الله أنه (متجوز) لعدم إذن المشرع ([110]).

ويضيف بعض الأصوليين لأدلة الظاهرية على نفى المجاز فى القرآن أنهم قالوا: المجاز كذب لأنه يصح نفيه فيصح فى قوله تعالى] واشتعل الرأس شيبا [ما اشتعل، وإذا كان كذبا فلا يقع فى القرآن والحديث ([111]).

وفى عروس الأفراح: يقول بهاء الدين السبكى: «إن الاستعارة ليست بكذب لأمرين:

أحدهما: خفى معنوى وهو البناء على التأويل، لأن الكذب غير متأول ناظر إلى العلاقة الجامعة، وقد التبس ذلك على الظاهرية. فادعوا أن المجاز كذب ونفوا وقوعه فى كلام المعصوم وهو وهْمٌ منهم.

الثانى: ظاهرى لفظى أو غير لفظى وهو كالفرع عن الأول: أن المجاز ينصب قائله قرينة تصرف اللفظة عن حقيقتها وتبين أنه أراد غير ظاهرها الموضوع لها» ([112]).

وهذا مردود لأن النفى الذى جعلوه أمارة من أمارات المجاز المراد به نفى حقيقة اللفظ. فإذا قيل: رأيت أسدا يحمل السلاح. فإن النفى أن المتحدَّث عنه ليس هو الأسد الحيوان المعروف. وهذا ليس بكذب ولا يتوجه النفى إلى المعنى المراد وهو الشجاعة ([113]).

ومن حججهم أيضا: أن المجاز لا ينبئ بنفسه عن معناه، فورود القرآن به يقتضى الالتباس. والجواب عن ذلك أنه لا التباس مع القرينة الدالة على المراد ([114]).

ومنها: استعمال المجاز لموضع الضرورة، وتعالى الله أن يوصف بالاضطرار. والجواب عن ذلك: لا نسلم أن استعمال المجاز لموضع الضرورة بل ذلك عادة العرب فى الكلام وهى عندهم أمر مستحسن. ولهذا نراهم يستعملون ذلك فى كلامهم مع القدرة على الحقيقة والقرآن نزل بلغتهم فجرى الأمر فيه على عادتهم ([115]).

هذه هى شبه مانعى المجاز – على قلتهم- فى القرآن الكريم، ورأينا الأصوليين يردون عليهم بحجج أقوى، وبراهين أسطع ([116]).

ثانيا: مرحلة الإمام ابن تيمية

ذِكْر شُبَه الإمام ابن تيمية ومناقشتها

الشبهة الأولى:

القول بعدم ورود المجاز عن السلف فقد ورد فى كتابه (الإيمان) ما نصه: «وبكل حال فهذا التقسيم هو اصطلاح حادث بعد انقضاء القرون الثلاثة، لم يتكلم به أحد من الصحابة، ولا التابعين لهم بإحسان، ولا أحد من الأئمة المشهورين فى العلم، كمالك والثورى والأوزاعى، وأبى حنيفة والشافعى، ولا تكلم به أئمة اللغة والنحو، كالخليل وسيبويه، وأبى عمرو بن العلاء ونحوهم وأول من عرف أنه تكلم بلفظ المجاز أبو عبيدة معمر بن المثنى فى كتابه (([117]، ولكن لم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة، وإنما عنى بمجاز الآية ما يعبر عن الآية، ولهذا قال من قال من الأصوليين، كأبى الحسين البصرى وأمثاله: إنما تعرف الحقيقة من المجاز بطرق، منها نص أهل اللغة على ذلك بأن يقولوا: هذا حقيقة وهذا مجاز، فقد تكلم بلا علم، فإنه ظن أهل اللغة قالوا هذا، ولم يقل ذلك أحد من أهل اللغة، ولا من سلف الأمة وعلمائها. وإنما هذا اصطلاح حادث، والغالب أنه من جهة المعتزلة ونحوهم من المتكلمين» (([118]. وقال فى موضع آخر: لم يقل أحد بالمجاز إلا الإمام أحمد بن حنبل، فإنه قال فى كتاب الرد على الجهمية: «أما قوله] إنا معكم [فهذا فى مجاز اللغة، يقول الرجل للرجل: إنا سنجرى عليك رزقك، إنا سنفعل بك كذا» ([119]). فعبارة (إنا ونحن) ونحو ذلك فى القرآن من مجاز اللغة.

الرد على هذا الشبهة:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015