وَمِثَالُهَا اسْمِيَّةً قَوْلُهُ تَعَالَى?: ?وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ?، فَـ «حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ» جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مُسْنَدَةٌ إِلَى: «الَّذِينَ يُحَاجُّونَ».

وَهَ?ـكَذَا تَقُولُ فِي كُلِّ مَا شَاكَلَهَا، وَذَ?لِكَ (نَحْوُ) قَوْلِكَ: (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ أُولَاءِ يُؤْتِيهِمْ عَظِيمَ الْجَاهِ)، إِشَارَةً إِلَى? قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ?وَالَّذِينَءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَ?ئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ?.

وَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى?: «يُؤْتِيهِمْ» جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مُخْبَرٌ بِهَا عَنْ مُبْتَدَإٍ فِي الْحَالِ؛ وَهُوَ «أُولَئِكَ»، وَرَابِطُهَا بِهِ الضَّمِيرُ الْمُتَّصِلُ الْمَفْعُولُ بِهِ؛ فَهِيَ مُندَرِجَةٌ فِي «الْجُمْلَةِ الصُّغْرَى?»، وَقَوْلَهُ: «أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ» جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ أُخْبِرَ فيهَا بِجُمْلَةٍ، فَيَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ «الْجُمْلَةِ الْكُبْرَى?».

وَهَ?ـكَذَا جُمْلَةُ: «أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ» فِي نَفْسِهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ مُخْبَرٌ بِهَا عَنِ «الَّذِينَ»؛ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ فِي الْحَالِ، وَرَابِطُهَا بِهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ، فَتُسَمَّى? «أُولَئِكَ ...»: «الْجُمْلَةَ الصُّغْرَى?»، وَقَوْلُهُ: «الَّذِينَ آمَنُوا ...» جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ خَبَرُهَا جُمْلَةٌ، فَتَندَرِجُ فِي «الْجُمْلَةِ الْكُبْرَى?».

فَفِي قَوْلِكَ «أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِم» اعْتِبَارِانِ: اعْتِبَارُ الْإِخْبَارِ بِهَا عَن مُبْتَدَإٍ، وَاعْتِبَارُ الْإِخْبَارِ فِيهَا بِجُمْلَةٍ، فَتُسَمَّى بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ «الصُّغْرَى?»، وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي «الْكُبْرَى?». وَإِشَارَةً إِلَى? هَ?ذَا قَالَ: (وَالْحَشْوُ) أَيِ: الْوَسَطُ (فِي هَ?ذَا الْمِثَالِ) الَّذِي قُرِّبَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ؛ وَهُوَ قَوْلُكَ: «أُولَاءِ يُؤْتِيهِمْ» الْمُشَارُ بِهِ إِلَى الْآيَةِ: «أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ»؛ وَهُوَ ــــــ كَمَا تَرَى? ــــــ جُمْلَةٌ = (تُلْفِي فِيهِ اعْتِبَارَيْنِ)؛ كَمَا شَرْحْتُ لَكَ، اعْتِبَارَ كَوْنِ الْخَبَرِ فِيهِ جُمْلَةً؛ فَيُسَمَّى? بِهِ «الْجُمْلَةَ الْكُبْرَى?»، وَاعْتِبَارَ كَوْنِهِ خَبَرًا عَنْ مُبْتَدَإٍ؛ تُسَمَّى? بِهِ «الصُّغْرَى?»، وَمَا أَحَقَّهَا بِأَن تُسَمَّى? «ذَاتَ الْوَجْهَيْنِ»!

فَانتَظَمَتِ الْآيَةُ التَّمْثِيلَ لِلْجُمْلَةِ الصُّغْرَى? فِعْلِيَّةً وَاسْمِيَّةً، وَلِذَاتِ الِاعْتِبَارَيْنِ.

وَهِيَ فِي الِاعْتِبَارَيْنِ (كَحَرْفِ الْكَهْفِ) الَّذِي تَلَاهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى? حِكَايَةً: ?لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي?، وَقَدْ بَيَّنَ ذَ?لِكَ الشَّارِحُ الْأَزْهَرِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

• تَنبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: فِي الْآيَةِ الْمُسْتَحْضَرَةِ لِلتَّمْثِيلِ: بَيَانُ أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْجَنَّةِ بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، سُبْحَانَهُ مَا أَكْرَمَهُ! وَفِيهَا أَنَّ اعْتِقَادَ الْمُسْلِمِ هُوَ الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ جَمِيعِهِمْ؛ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ.

وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ -عِندَ أَهْلِ الْحَقِّ- حُجَّةٌ فِي إِخْرَاجِ الْأَعْمَالِ عَنِ الْإِيمَانِ، أَوْ إِثْبَاتِ الْجَنَّةِ مِن دُونِ الْعَمَلِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى? قَدْ رَتَّبَ الْجَزَاءَ بِهَا عَلَى مَجْمُوعِ التَّصْدِيقِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا؛ فِي مَا يَزِيدُ عَلَى? خَمْسِينَ مَوْضِعًا فِي الْقُرْآنِ، وَالْإِقْرَارُ لَازِمُهُ الطَّاعَةُ وَالِانقِيَادُ، فَالْعَمَلُ -بِاعْتِبَارٍ- لَازِمُ إِيمَانِ الْقَلْبِ، وَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا نَافِعًا؛ إِلَّا إِذَا وُجِدَ لَازِمُهُ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015