وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوا: ?إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ?، فَهُوَ أُسْلُوبٌ شَرْطِيٌّ مُتَرَكِّبٌ مِن جُمْلَةِ الشَّرْطِ، وَالْجَوَابِ، وَالْمُسْنَدُ إِلَيْهِ فِي جُمْلَةِ الْجَوَابِ اسْمٌ مَوْصُولٌ، وَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى? جُمْلَةِ الصِّلَةِ، فَكُنَّ ثَلَاثَ جُمَلٍ لَا يَتِمُّ الْكَلَامُ إِلَّا بِهِنَّ جَمِيعًا.

وَقَدْ وَافَقَ وَزْنُهُ وَزْنَ شَطْرٍ مِن بَحْرِ الرَّجَزِ، فَيُمْكِنُ أَن يُتَمَّمَ بِعَجُزٍ وَيَكُونَ بَيْتًا آخَرَ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ الطُّولِ لَفَعَلْتُ ذَ?لِكَ.

• فَائِدَةٌ فِي اشْتِقَاقِ الْجُمْلَةِ:

«?لْجُمْلَةُ» تُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى?: «كُلِّ جَمَاعَةٍ غَيْرِ مُنفَصِلَةٍ»، وَلِذَ?لِكَ قِيلَ لِلْحِسَابِ الَّذِي لَمْ يُفَصَّلْ وَالْكَلَامِ الَّذِي لَمْ يُبَيَّنْ تَفْصِيلُهُ: مُجْمَلٌ، قَالَ فِي «الْعَيْنِ»: «الْجُمْلَةُ: جَمَاعَةُ كُلِّ شَيْءٍ بِكَمَالِهِ؛ مِنَ الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ، يُقَالُ: أَجْمَلْتُ لَهُ الْحِسَابَ وَالْكَلَامَ» ?هـ، وَمِنْ هَ?ذَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى?: ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَ?حِدَةً?، قَال الرَّاغِبُ: «أَيْ: مُجْتَمِعًا، لَا كَمَا أُنزِلَ نُجُومًا مُفْتَرِقَةً».

«وَمِنْهُ أَخَذَ النَّحْوِيُّونَ «الْجُمْلَةَ»؛ لِمُرَكَّبٍ مِن كَلِمَتَيْنِ أُسْنِدَتْ إِحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى?» ?هـ قَالَهُ الزَّبِيدِيُّ.

* * *

* ?لْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي تَقْسِيمِ الْجُمْلَةِ -مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ- إِلَى اسْمِيَّةٍ وَفِعْلِيَّةٍ:

(وَتُنسَبُ الْجُمْلَةُ) أَيْ: تُعْزَى? وَتُضَافُ (عِندَ) إِرَادَةِ (التَّسْمِيَهْ لِـ) شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلِمِ (غَيْرٍ حَرْفٍ) قَدْ (بُدِئَتْ بِهِ هِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ؛ لِلْوَقْفِ، فَلَا اعْتِبَارَ لِلْحَرْفِ فِي التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ، لَا يُحْسَبُ لَهُ حِسَابٌ فِي تَكْوِينِ الْجُمْلَةِ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْبَدْءِ: الرُّتْبَةُ.

وَلَيْسَ بَعْدَ الْحَرْفِ إِلَّا الِاسْمُ وَالْفِعْلُ، وَإِذًا؛ فَإِن كَانَتْ مَبْدُوءَةً بِاسْمٍ؛ فَهِيَ «جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ»، أَوْ بِفِعْلٍ؛ فَهِيَ «جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ».

سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْمُ صَرِيحًا أَمْ مُؤَوَّلًا بِهِ، وَلَوْ كَانَ اسْمَ فِعْلٍ.

وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ مُتَصَرِّفًا أَمْ جَامِدًا، تَامًّا أَمْ نَاقِصًا، وَلَوْ كَانَ مَحْذُوفًا مُفَسَّرًا، أَوْ تَقَدَّمَ مَعْمُولُهُ عَلَيْهِ.

وَالْأَمْثِلَةُ لَيْسَتْ بِخَافِيَةٍ.

* * *

* ?لْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْجُمْلَةِ الصُّغْرَى? وَالْكُبْرَى? وَذَاتِ الاعْتِبَارَيْنِ:

وَهِيَ مَبْحُوثَةٌ فِي الْجُمَلِ الِاسْمِيَّةِ الَّتِي وَقَعَتْ أَخْبَارُهَا جُمَلًا.

فَأَمَّا الْجُمَلُ الِاسْمِيَّةُ الَّتِي وَقَعَتْ أَخْبَارُهَا مُفْرَدَاتٍ، وَالْجُمَلُ الْفِعْلِيَّةُ الْمُسْتَقِلَّةُ؛ فَلَا تُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ هَ?ذَا، وَهَ?ذَا يُفْهَمُ مِنَ النَّظْمِ؛ عَلَى? وَجْهِ التَّقْيِيدِ الَّذِي سَيَأْتِي.

(وَسَمِّ مَا) هَ?ذِهِ صَادِقَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، أَيِ: الْجُمْلَةَ الَّتِي (أَسْنَدتَهَا) إِلَى? مُبْتَدَإٍ وَأَخْبَرْتَ بِهَا عَنْهُ؛ سَمِّهَا (بِـ) الْجُمْلَةِ («الصُّغْرَى?»)، سَوَاءٌ أكَانَ الْمُبْتَدَأُ مُبْتَدَأً فِي الْحَالِ، أَمْ فِي الْأَصْلِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ هَ?ذِهِ الْجُمْلَةُ الْمُسْنَدَةُ اسْمِيَّةً أَمْ فِعْلِيَّةً.

(وَ) سَمِّ (مَا) أَيِ: الْجُمْلَةَ الَّتِي (بِهَا) أَيْ: بِالْجُمْلَةِ الصُّغْرَى? (أَخْبَرْتَ) عَنِ الْمُبْتَدَإِ (فِيهَا)، أَيْ: الْجُمْلَةَ الَّتِي وَقَعَ الْخَبَرُ فِيهَا جُمْلَةً؛ سَمِّهَا الْجُمْلَةَ («الْكُبْرَى?»).

وَبِالْمِثَالِ يَتَّضِحُ الْمَعْنَى?، فَمِثَالُ الْجُمْلَةِ الصُّغْرَى? فِعْلِيَّةً قَوْلُهُ تَعَالَى?: ?وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ?، فَجُمْلَةُ «يُؤْتِي …» مُسْنَدَةٌ إِلَى?: «اللَّهُ»، وَهِيَ فِعْلِيَّةٌ.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015