3 - وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِن جُمْلَتَيْنِ، وَذَ?لِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي أُسْلُوبِ الشَّرْطِ، وَفِي أُسْلُوبِ الْقَسَمِ، فَالْأَوَّلُ يَتَأَلَّفُ مِن جُمْلَتِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، نَحْوُ: ?مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ?، وَالثَّانِي مِن جُمْلَتَيِ الْقَسَمِ وَجَوَابِهِ، نَحْوُ: ?وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى? مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ?.
4 - وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِن فِعْلٍ وَاسْمَيْنِ، وَذَ?لِكَ مَعَ الْأَفْعَالِ النَّوَاسِخِ، نَحْوُ: ?وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا?.
5 - وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِن فِعْلٍ وَثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ، وَذَ?لِكَ مَعَ مَا يَنصِبُ مَفْعُولَيْنِ أَصْلُهُمَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، نَحْوُ: ?لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ?.
6 - وَإِمَّا مِن فِعْلٍ وَأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ؛ وَهُوَ أَقْصَاهَا، وَذَ?لِكَ مَعَ «أَعْلَمَ» وَشَبَهِهِ، نَحْوُ: «أَعْلَمْتُ زَيْدًا عَمْرًا فَاضِلًا».
فَهَذِهِ صُوَرُ التَّأْلِيفِ، وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْضُ بَلَدِيِّينَا فِي نَظْمٍ لَهُ عَلَى «الْقَطْرِ» بِقَوْلِهِ:
الْقَوْلُ ذُو الْإِفَادَةِ الْكَلَامُ ** وَهْوَ مِنِ اسْمَيْنِ لَهُ الْتِآمُ
وَالْفِعْلِ مَعْ سُمٍ، أَوِ اسْمَيْنِ مَعَهْ ** أَوْ مَعَهُ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَهْ
أَوْ جُمْلَتَيْنِ؛ نَحْوُ: «إِن قَامَ الْفَتَى? ** قُمْتُ»، وَ «أُقْسِمُ لَزَيْدٌ قَدْ أَتَى?»
وَأَقَلُّ ائْتِلَافِهِ مِنِ اسْمَيْنِ، أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:: «هَ?ذَا هُوَ مُرَادُ النَّحْوِيِّينَ، وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ تُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ أَوْ مِن فِعْلٍ وَاسْمٍ» ?هـ.
وَكُلُّ هَ?ذِهِ الصُّوَرِ السِّتِّ يُسَمَّى? جُمْلَةً، إِلَّا الثَّالِثَةَ؛ فَهِيَ جُمْلَتَانِ، لَا تَتِمُّ الْفَائِدَةُ إِلَّا بِهِمَا مَعًا.
ثُمَّ تَعْتَبِرُ مِنَ الْفَوَارِقِ بَيْنَ الْكَلَامِ وَالْجُمْلَةِ: اللَّفْظَ، فَالْإِسْنَادُ الْمُفِيدُ -وَلَوْ جُمَلًا كَثِيرَةً-؛ مَا لَمْ يُلْفَظْ: لَا يُسَمَّى? كَلَامًا.
وَمِمَّا تَدْخُلُهُ الْجُمْلَةُ وَلَا يَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ: الِاسْمُ الْمَوْصُولُ، وَالظَّرْفُ الْمُضَافُ إِلَى الْجُمَلِ، فَهَ?ذَانِ وَحْدَهُمَا: مُفْرَدَانِ، لَا يُسَمَّيَانِ كَلَامًا، وَلَا يُسَمَّيَانِ جُمْلَةً؛ لِعَدَمِ التَّرْكِيبِ وَالْإِسْنَادِ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ وَحْدَهُ وَالصِّلَةُ وَحْدَهَا يُسَمَّيَانِ جُمْلَةً؛ لِأَجْلِ التَّرْكِيبِ وَالْإِسْنَادِ، وَإِذَا كَانَا فِي سِيَاقٍ مُسْتَقِلٍّ عَن قَيْدِ الْمَوْصُولِ وَالْمُضَافِ وَمَا شَابَهَهُمَا، وَلُفِظَ بِهِمَا: كَانَا كَلَامًا.
(مِثَالُ مَا) هَ?ذِهِ صَادِقَةٌ عَلَى الْكَلَامِ، أَيْ: مِثَالُ الْكَلَامِ الَّذِي (مِن جُمَلٍ أَقَمْتَهُ)، وَلَمْ تَحْصُلِ الْفَائِدَةُ إِلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجُمَلِ = قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى? لِسَانِ عِيسَى? عليه السلام: ? (إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) ?، فَهَ?ذَا أُسْلُوبٌ شَرْطِيٌّ لَا تَتِمُّ الْفَائِدَةُ فِيهِ إِلَّا بِالشَّرْطِ وَالْجَوَابِ مَعًا، وَالشَّرْطُ جُمْلَةٌ، وَالْجَوَابُ جُمْلَةٌ، ثُمَّ وَقَعَ الشَّرْطُ فِعْلًا نَاسِخًا يَقْتَضِي خَبَرًا، وَوَقَعَ خَبَرُهُ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً، فَلَمْ يَتِمَّ الْكَلَامُ إِلَّا بِهَذِهِ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ.
وَهَ?ذَا الْمِثَالُ فِيهِ أَدَبٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى?؛ بِالِاعْتِرَافِ لَهُ بِعِلْمِهِ السَّابِقِ وَإِحَاطَتِهِ وَاطِّلَاعِهِ، وَفِيهِ مَا يَحْمِلُ عَلَى? مُرَاقَبَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ إِذْ هُوَ ? يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى?؛ فَكَيْفَ لَا يَسْتَحْيِي الْعَبْدُ أَن يَعْصِيَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ لَا يَخْفَى? عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.
¥