أوضاعها الدالة.
ويرى جميل حمداوي أنّ البنيوية طريقة وصفيّة في قراءة النص الأدبي تستند إلى خطوتين أساسيتين هما: التفكيك والتركيب، كما إنها لا تهتم بالمضمون المباشر، بل تركز عل شكل المضمون وعناصره وبناه التي تشكل نسقية النص في اختلافاته وتآلفاته. ويعني هذا أن النص عبارة عن لعبة الاختلافات ونسق من العناصر البنيوية التي تتفاعل فيما بينها وظيفيا داخل نظام ثابت من العلاقات والظواهر التي تتطلب الرصد المحايد والتحليل من خلال الهدم والبناء أو تفكيك النص الأدبي إلى تمفصلاته الشكلية وإعادة تركيبها من أجل معرفة ميكانيزمات النص ومولداته البنيوية العميقة قصد فهم طريقة بناء النص الأدبي. ومن هنا، يمكن القول: إنّ البنيوية جاءت لتكون منهجاً ونشاطاً وقراءة وتصوراً فلسفياً يقصي الخارج والتاريخ والإنسان وكل ما هو مرجعي وواقعي، ويركز فقط على ما هو لغوي ويستقرىء الدوال الداخلية للنص دون الانفتاح على الظروف السياقية الخارجية التي قد تكون قد أفرزت هذا النص من قريب أو من بعيد. ويعني هذا أنّ المنهجية البنيوية تتعارض مع المناهج الخارجية كالمنهج النفسي والمنهج الاجتماعي والمنهج التاريخي والمنهج البنيوي التكويني الذي ينفتح على المرجع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتاريخي من خلال ثنائية الفهم والتفسير قصد تحديد البنية الدالة والرؤية للعالم.
ومن النقاد العرب الذين أسسوا لهذا المنهج وأعملوه في قراءة كثير من نصوص الأدب العربي القديم والحديث، نجد فؤاد أبو منصور، وحسين الواد، ومحمد سويرتي، وعبدالسلام المسدي، وجمال الدين بن الشيخ، وعبدالفتاح كليطو، وعبدالكبير الخطيبي، ومحمد بنيس، ومحمد مفتاح، ومحمد الحناش، وموريس أبو ناضر، وجميل شاكر، وسمير المرزوقي، وفؤاد زكريا، وعبد الله الغذامي، وصلاح فضل.
ومن هؤلاء على سبيل المثال الناقدة سيزا أحمد قاسم التي اهتمت بالمنهج البنيوي كوسيلة لتحليل النص الروائي، وتصرح في كتابها (بناء الرواية) أنّها تتبنى هذا المنهج في دراستها المقارنة لثلاثية نجيب محفوظ، فتقول: "وفي ضوء التزامنا بالدراسة النقدية التطبيقية، كان لا بد لنا أن نستند إلى المنهج البنائي حيث إنّ السمات التي نريد أن نرصدها بين الأعمال موضوع الدراسة هي سمات تتعلق بالشكل والبناء وهذا المنهج سماه (رينيه ويلك) في كتابه نظرية الأدب المنهج الداخلي". وتحدد المنهج الداخلي بالمنهج الذي يتعامل مع النص الأدبي مباشرة كبنية واحدة معزولة عن مؤلفها وبيئتها التي كتبت، باعتبارها كياناً له عناصره الخاصة، لا بد للناقد من التعامل معه على هذا الأساس. وإذا اختارت المنهج البنيوي فلأنها لا تولي اهتماماً لما سمته الناقدة يمنى العيد بـ"الخارج" وألحت على ضرورة دراسته، وهذا الخارج "يجعل النص كائناً حياً متطوراً" بتعبير سيزا قاسم، لكنها رغم اعترافها بأهميته تبعده عن دراستها. وتختلف قاسم عن الناقدة يمنى العيد التي لم تكتف بتحليل العناصر البنائية للنص ورصد علاقاتها وراحت تربطها بالبنية الاجتماعية والثقافية، محاولة كشفها داخل النص. بينما على العكس اختارت سيزا قاسم المنهج البنيوي للتجنب الوقوع في الأحكام الجاهزة والتركيز على الوصف المقارن، وتعاملت مع الثلاثية كوحدة مستقلة تحلل من الداخل.
ـ[د. طارق البكري]ــــــــ[15 - 02 - 2011, 11:37 ص]ـ
البنيوية
بقلم: مارك جليزر
أعداد: د. طارق البكري
http://www.utpa.edu/faculty/mglazer/theory/structuralism.htm
ربما كان من الأفضل لنهج مصطلح (البنيوية) من خلال محاولة فهم ماهية كلمة (البنية) في ناحيتها النظرية.
ولعله من دون استيعاب هذا المفهوم الأساسي، فإنّه من الصَّعب التوصُّل إلى فهم واقعي للحركة البنيوية.
تقليديا المشكلة الكبرى مع مصطلح (بنية) قضية "ملموسة". فهي كلمة تشير إلى الظواهر، على سبيل المثال: المباني، والتي هي الأكثر مادية في جوهرها.
وغني عن القول، فإن "الهياكل" البنيوية ليست ملموسة ولا مادية.
البنية (أو الهيكل) تشير إلى نماذج عقلية بنيت بعد حقيقة ملموسة. وعلاوة على ذلك فإنّ هذه النماذج ليست واضحة، لكنّ الطلب على فهم الجوانب الخفية، أو العميقة، في هذه المسألة في متناول اليد.
¥