قلتُ: إن التحام هذه الضمائر بالفعل (زوج) وإدماجها فيه لتصير معه كالكلمة الواحدة يحمل مغزى خفيا من أن الله سبحانه قضى بالخِطبة فالتزويج بوحي منه سبحانه إذ هو وليُّ زينب بنت جحش في ذلك التزويج، فدخول الرسول عليها بلا تباطؤٍ كل ذلك تم بكلمة واحدة أو كالكلمة الواحدة، وكانت تفخر بذلك وتقول لسائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
(أما أنتن فزوجكن آباؤكن، وأما أنا فزوجني الله من فوق سبع سماوات)
وبالله التوفيق.
ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[19 - 11 - 2011, 02:13 ص]ـ
_ كقول المتنبي:
خلت البلاد من الغزالة ليلها * * * * * * * * * فاعاضهاك الله كي لاتحزنا
عذراً للتأخر في الإجابة لأني لم أرَ السؤال إلا اليوم عندما أردتُ إرسال موضوع في قسم البلاغة.
ولو تمعّنتَ - أخي - جيداً في البيت الذي ضربوه لك مثلاً لَما وجدت أدنى علاقة له بقوله تعالى: (زوجناكها)، لماذا؟
لأن الشاعر خرَقَ قاعدةً متعلِّقة بالأفعال المتعدية لأكثر من مفعول واحد، وهي أنه إذا كانت المفاعيل متعددة لابدَّ أن يتقدّم فيها الفاعل في المعنى (أو المفعول الأول) مثل: (كسوتُ الفقيرَ ثوباً)، فالفاعل في المعنى الذي يقوم بفعل الاكتساء هو الفقير (لبس الفقيرُ الثوبَ) لذلك تقدّم على (ثوباً)، ومنه قوله عز وجل: (ولنُسكِنَنَّكم الأرضَ من بعدهم = سكن الصالحون الأرضَ)، وقوله: (وإذا أذقنا الناسَ رحمةً = ذاق الناسُ االرحمةَ)
وهذا ما وقع في الآية الكريمة (زوَّجناكها)، حيث تقدَّم الفاعل في المعنى (كاف الخطاب = الرسول صلى الله عليه وسلم)، وتلاهُ المفعول الثاني (ها = زينب بنت جحش) لأننا نقول في اللغة العربية: تزوّج فلانٌ فلانة.
أما الشاعر فقد خرق هذه القاعدة حين قال: فأعاضهاك الله كي لا تحزنا والصواب: فأَعَاضَكَها، حتى يكون هناك تسلسل منطقي لمكوِّنات الجملة.
والخلاصة أنه ليس هناك أي وجه شبه بين الآية القرآنية الكريمة والبيت الشعري، لأن الآية تحققَتْ فيها قواعد العربية (وإن كان هذا التعبير لا يليق في حقّ كتاب الله لأنه منه استُنبطت العلوم اللغوية من نحو وصرف ومعجم وبلاغة و ... ولكن استعملتُه بغرض الإفهام فقط) بل تحقَّقتْ فيها قواعد البلاغة والبيان القرآنيَيْن اللذين لا يرقى إليهما أي بيان.