ملتقي اهل اللغه (صفحة 2546)

اهتمام العرب والمستعربين بكتاب «مفتاح العلوم» للسكاكي / د. محمود السيد الدغيم

ـ[سلمان بن أبي بكر]ــــــــ[03 - 08 - 2011, 03:38 ص]ـ

البسملة1

مجالس

- اهتمام العرب والمستعربين بكتاب «مفتاح العلوم» للسكاكي

2007 - 10 - 05

محمود السيد الدغيم

كتاب «مفتاح العلوم» الذي ألفه أبو يعقوب، يوسف بن أبي بكر محمد بن

علي السكاكي الخوارزمي، من الكتب التي خصصت لدراسة علوم اللغة

العربية، واستمد الكتاب والكاتب مكانة مرموقة بين مؤلفي ومؤلفات

دراسات اللغة العربية، ولاقى قبولاً ورواجاً بين الدارسين والمدرسين من

العرب والمستعربين، فدُّرس الكتابُ في المدارس العباسية والمملوكية والعثمانية

في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، ولتسهيل فَهْمِ الكتاب على الدارسين قام

العلماءُ بشرح كتاب مفتاح العلوم، وتفاوتت الشروح بين المطوَّل والمُختصَر،

وبعضها استوفى الكِتابَ كاملاً، واقتصر البعضُ الآخر على قسم من أقسام

الكتاب الثلاثة: الصرف، والنحو، والمعاني والبيان وما يلحق بهما.

وصلتنا نسخ من كتاب مفتاح العلوم لأن النُّسّاخَ لم يقصّروا باستنساخه جراء

الإقبال عليه، وتوافر النسخ مكّن العلماء من دراسة الكتاب وتدريسه وشرحه

قديماً، كما مكَّن الناشرين واللغويين من تحقيق الكتاب وطباعته في عصر

الطباعة.

شُرُوحُ كتاب «مفتاح العلوم» وحواشيه ومختصراته كثيرة، ضاع بعضُها ولم

تصلنا أخباره، ووصلتنا أخبار بعضها، لكن مخطوطاتها لم تشتهر حيث تلِفتْ أو

أُتْلِفَتْ جرّاء ما تعرضتْ له المكتبات من عبث الجاهلين، وحقد الحاقدين،

وكانت طامّة المخطوطات العربية والإسلامية حينما اجتاحت العالم الإسلامي

جيوش المغول وأهل البدع سنة 656 هـ/ 1258م، وذلك بعد وفاة

السكاكي الخوارزمي بثلاثين سنة، ففي تلك الطامّة استُبيحت المكتباتُ في

المدارس النظامية الشافعية، وفي المدرسة المستنصرية، وخشي العلماء والطلبة

على أنفسهم فأخفوا الكتب مما حرمنا الكثير من علم العلماء وفكر المفكرين،

ثم تكررت الطامة على أيدي تيمورلنك وأتباعه، ولا سيما من سنة 803

هـ/ 1400م حينما أحرقت قواته مكتبات بلاد الشام، واستمرت فتنته

وفتنة أنصاره من أهل الأهواء حتى مات سنة 807 هـ/ 1404م، وامتدت

كوارث العِلم والعلماء والمخطوطات إلى الأندلس، إذ حُرِقتْ مخطوطات

غرناطة العربية والإسلامية التي جُمِعتْ خِلال ثمانمئة سنة، وأُتلِفت بعد احتلالها

سنة 897 هـ/ 1492م، ولم ينجُ منها إلا القليل الذي ما زال محفوظاً في

دير الإسكوريال في إسبانيا، ولاقت مخطوطاتُ الهند مصيراً بائساً بعد احتلالها

وذهاب رياح المسلمين فيها، وكذلك مخطوطات البلقان الكبير، لا سيما أثناء

الحرب البوشناقية الصربية الكرواتية، وتعرضت المخطوطات للتلف جراء

العوامل الطبيعية من حرارة ورطوبة. وتضافُرُ كلّ هذه العوامل الهدّامة حَرَمَنا

الكثيرَ من مُنجزات الحضارة العربية الإسلامية الإنسانية، ومِمّا حُرِمنا منه

الكثير من مخطوطات مفتاح العلوم وشروحه ومختصراته.

وعلى رغم الكوارث الطبيعية والمصطنعة التي أحاقت بالمخطوطات العربية

والإسلامية في بلاد العرب والعجم، فالمعلومات تفيد أن وفاة السكاكي الحنفي

كانت في سِجْنِ من سجون المغول سنة 626 هـ/ 1228م ودُفنَ في قرية

اسمها «آت نام» في أول شهر رجب، لأن المغول اجتاحوا بلاد تركستان قبل

الوصول إلى بغداد بعقود عدّة من الزمن، وكانوا يغتالون علماء المسلمين غير

الموافقين لأهوائهم ونِحلتهم الفاسدة، وقد هرب منهم ياقوت الحموي الذي

توفي في العام الذي توفي فيه السكاكي الخوارزمي، ولما سقطت بلاد خوارزم

بأيدي المغول قال بعضُ المسلمين: لقد انْهَارَ السدُّ، وأقبل يأجوج ومأجوج.

وأغزر المعلومات التي وصلتنا حول كتاب «مفتاح العلوم» ذَكَرَها حاجي

خليفة في كتاب «كشف الظنون»، إذ قال: «مفتاح العلوم، للعلامة سراج

الدين أبي يعقوب، يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي، المتوفى سنة

ست وعشرين وستمئة/ 1228م. أوَّلُه أحق كلام ان تلهجُ به الألسنة (...)

وجمعته ثلاثة أقسام، الأول في علم الصرف، الثاني في علم النحو، الثالث في

علم المعاني والبيان انتهى. (...) وأورد الكلام في تكملة علم المعاني في

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015