ملتقي اهل اللغه (صفحة 2529)

وإن قال للإنسان والطير وللحيوان فيما يرحم، قيل له فإن العرب إذن وضعت هذا اللفظ للجميع لهذين فقط أو وضعت كلية فطبقت على الإنسان والحيوان وعلى الطير؟ فمُؤدى الأمر أن هذه الكلمات مبنية على برهانين:

البرهان الأول: معرفة نشأة اللغات، وأن الوضع الأول للأشياء في الإنسان أو في الطير فقط أن هذا غير جارٍ؛ لأنه ما يتصور -كما قلت لك أنه خيال أن العرب اجتمعت ووضعت هذه الأشياء على هذا النحو-.

الأمر الثاني: أن يقال المعاني الكلية المشتركة هذه لها تعريف عام لغوي، وإذا كان لها تعريف عام، ووجودها في الإنسان تمثيل، ووجودها في الطير تمثيل ووجودها في الأم من الحيوان لابنها تمثيل، وهكذا.

فإذن القضية الكلية أو التعريف الكلي لا يسلَّط عليه المجاز بالأمثلة.

هذه قضية كبيرة بلا شك، ولابد منكم لمن أراد التحقيق في علوم العقيدة وفي علوم اللغة أن ينتبه في هذه المسألة؛ وهي نشأة اللغات، كيف نشأت اللغات؟ كيف نشأت اللغة العربية؟ اللغة العربية أتى العرب موجودون فكانت أمامهم لغة؟ لا، الأسماء عُلَّمها آدم ?وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا? [البقرة:31]، هذه الأسماء هل كانت باللغة العربية؟ لا، كانت بلغة، ثم بعد ذلك تداخل أولاد آدم تنوعت لغاتهم، اكتسبوا أشياء من الأصوات، اكتسبوا أشياء من الرؤية، كلمة كانت بسبب الصوت مثلا مثل كلمة جرّ، جرّ هذه أنت لو حملت جذع شجرة تحتاجه في إيقاد النار، تأتيه من مكان بعيد عن المكان الذي تطبخ فيه، تسمع صوته في الأرض لهذه الكلمة جَرْرْرْرْ، فتسمع هذه. مثل كلمة خرير؛ خرير الماء هذا الصوت. مثل كلمة وسوسة الصوت هذه الوسوسة مأخوذة بالسمع.

إذن هناك اللغة تشكلت من أشياء، فالوضع الأول الذي أعتمد عليه بالمجاز من درس نشأة اللغات يقول: الوضع الأول البرهان عليه ممتنع.

وأنا أريد الحقيقة من باب طلب الحق أن يأتي باحث ممن يبحث في اللغة ويُثبت لي هذا الوضع الأول كيف جاء؟ كيف تواضعت العرب على أنّ الكلمة بهذا المعنى في الإنسان المحدّث أو في الحيوان إلى آخره.

خذ مثلا كلمة جناح، جناح في اللغة فيها دلالة على الميل، ميل واستطالة في الميل؛ يعني مال وثم زيادة واستطالة في الميل، ليس ميلا خفيفا لكن فيه استطالة، لهذا قال وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا [الأنفال:61]، لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [الممتحنة:10]؛ يعني لا إثم عليكم لأن الإثم ميل واستطالة.

إذن تسمية جناح الطائر بجناح، هل هو لأنهم أطلقوا على هذا الجزء؛ يعني قسموا الطائر إلى أجزاء، وقالوا هذا سموه جناح، أو لمعنى كلي موجود قبل وجدوه في هذا الجزء من الطائر فسموه به، فعندهم الميل رأوا أن جناح الطائر فيه استطالة وميل يمتد يستطيل ويميل إلى آخره، نفس الجناح، لكن الجسم ثابت، جسم الطائر ثابت؛ لكن هذا الذي يذهب ويجيء هذا الجناح، فسمّوا هذا الجناح بهذا الاسم، الإنسان فيه أيضا شيء يميل وهو اليد، اليد تميل، فإذن اليد أيضا جناح، فلذلك قول الله جل وعلا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، كما قال المفسرون اخفض لهما جناحك الذليل، ليست استعارة وليست مجازا وإنما اليد جناح؛ لأنها فاعلة وتذهب وتجيء، ولهذا قال جل وعلا في قصة موسى عليه السلام وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ [القصص:32]، ?وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ? الجناح إيش هو؟ اليد ليست استعارة لأنها المعنى الكلي.

لهذا نقول اللغة كلية جاءت أمثلة عنها تطبيقات في الواقع، قواعد عامة، لهذا من عرف أقيسة اللغة فَهِمَ حقيقتها، أما وجود وضع أول يبنى عليه المجاز فهذا غير ممكن.

من شرح الطحاوية

للشيخ صالح آل الشيخ

باختصار يسير

ـ[تألق]ــــــــ[11 - 10 - 2011, 05:09 م]ـ

أيضا قوله تعالى (إنا لما طغى الماء ..)

سمعت أحد المتخصصين في البلاغة أن الآية فيها استعارة

ولم أفهم وجه ذلك؟

فناقشت إحدى المعلمات فقالت: لأن الطغيان فعل والفعل لا يصدر إلا من حي فاستعير هذا الفعل للماء فكانه صار كالإنسان الطاغي.

الحقيقة لم أقتنع بذلك فالله عز وجل نسب أفعالا كثيرة إلى جمادات (الشمس تجري)

(ولله يسجد من في السموات ...) (والليل إذا أدبر و ...) إلخ

أيضا كل كلامنا مثل هذا: سقط القلم، اتسخ الثوب , هبت الريح، هطل المطر ......

فما الإشكال أن ينسب الفعل إلى جماد؟

هل لأن الفعل يحتاج إلى إرادة من الفاعل؟

لاشك هناك فرق بين فعل الإنسان وفعل غيره

والعرب دائما تنسب الأفعال للجمادات فما أحد قال أن هذا استعارة

أرجو النقاش حول هذا

فلست ممن يتعصب للقول بالمجاز او عدمه إنما أٍيد أن أقتنع حتى أستطيع إيصال المعلومة بشكل صحيح لغيري

بارك الله في الجميع

ـ[تألق]ــــــــ[13 - 10 - 2011, 02:02 ص]ـ

أين المنازعات يا أهل اللغة؟؟

هيا شاركوني الموضوع

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015