ملتقي اهل اللغه (صفحة 2525)

تأملات صوتية في كتاب الله.

ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[18 - 10 - 2011, 02:33 م]ـ

لقد أولى القرآن الكريم المستوى الصوتي من اللغة اهتماما بالغا، حتى تتم العملية التواصلية بين الخالق عز وجل وبين عباده. لذلك نجد القرآن الكريم يدقِّق في اختيار حروف الألفاظ تدقيقا متناهيا. وويحيط المستوى الصوتي ــــ كأحد المستويات اللغوية التي تضم كذلك الصرف والتركيب والدلالة ــــ بكتاب الله من جميع جوانبه:

أـ فقد كان نزوله نزولا صوتيا حيث كان جبريل عليه السلام يتلو الآية أو الآيات على الرسول صلى الله عليه وسلم تلاوة صوتية مسموعة، أي أن تلقِّيه كان صوتيا.

ب ـــ وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغه إلى الناس تبليغا صوتيا كذلك.

ج ـــ ولا زال القرآن الكريم إلى الآن يُتناقل جيلا بعد جيل بطريقة شفوية صوتية. مما يدل دلالة واضحة أن الجانب الصوتي كأحد جوانب اللغة يحُف بكتاب الله من كل جانب: في تنزله وتلقيه، وتبليغه، وتناقله في الأمة.

ولعل ما يزيد من تأكيد أن القرآن الكريم أولى اهتماما بالغا للجانب الصوتي ما أورده الإمام الزمخشري في تفسيره "الكشاف " من أن الحروف المقطعة التي افتُتحت بها بعض سور القرآن الكريم تجمع كل الظواهر الصوتية العربية. بمعنى أن جميع صفات الحروف المعروفة قد تمثلت كلها في الحروف المقطعة.

وإذا رجعنا ـــ عمليا ـــ إلى المصحف للتأكد من هذه الظاهرة سنلاحظ ما يلي:

ــــ إذا كانت الحروف المهموسة في العربية 10هي ما جُمع في قولهم: "فحثه شخص سكت " فإنه ورد منها في الحروف المقطعة بكتاب الله نصفها أي 5 حروف وهي: (ص ك هـ س ح). وجاءت في فواتح السور التالية: مريم، يس، فصلت.

ـــ وإذا كانت الحروف المجهورة (وهي ما سوى المهموسة) (18حرفا)، فإن القرآن الكريم استعمل كذلك نصفها تقريبا في الحروف المقطعة وهي 9 حروف: (أ، ل، م، ر، ع، ط، ق، ي، ن). وذكرت في فواتح الرعد، طه، يس، الشورى، القلم.

ــــ وإذا كانت الحروف الشديدة 8 هي المجموعة في قولهم:"أجد قط بكت " فقد وَرَد في القرآن الكريم نصفُها أيضا في الحروف المقطعة وهي: (أ، ك، ط، ق) أي 4 أحرف. وذلك في فواتح العنكبوت، الشعراء، مريم، طه، ق.

ــ وإذا كانت الحروف الرخوة 20 حرفا (وهي ما سوى الشديدة)، فقد ورد منها في الحروف المقطعة 10 حروف (ح، ر، س، ص، ع، ل، م، ن، هـ، ي)، وقد جاءت في فواتح السور التالية: الحجر، مريم، النمل، الزخرف، القلم.

ــ وإذا كانت الحروف المطبقة 4 وهي: (ص، ض، ط، ظ) فقد ورد منها في الحروف المقطعة نصفها كذلك، أي حرفان: (ص، ط)، وقد ذكرت في فواتح ص وطه.

ـــ وإذا كانت الحروف المنفتحة (وهي ما سوى المطبقة) (24حرفا) فقد استخدم القرآن الكريم نصفها في الحروف المقطعة وهي الحروف التالية (أ، ح، ر، س، ع، ق، ك، ل، م، ن، هـ، ي) أي 12 حرفا. ونجدها في فواتح كل من: البقرة، مريم، الشورى، الدخان، القلم.

ـــ وإذا كانت حروف الاستعلاء 7 جمعت في قولهم "خص ضغط قظ " فقد ورد منها في الحروف المقطعة 3 أحرف هي (ص، ط، ق) وذكرت في فواتح السور التالية: ص، النمل، ق.

ـــ وإذا كانت الحروف المنخفضة (وهي ما سوى المستعلية) وعددها 21 فإن القرآن الكريم استعمل كذلك نصفُها كذلك تقريبا في الحروف المقطعة أي 11 حرفا هي (أ، ل، م، ر، ك، هـ، ي، ع، س، ح، ن)، وجاءت هذه الحروف في فواتح: الرعد، ومريم، وغافر، والقلم.

ــــ وإذا عرفنا أن حروف القلقلة 5 هي التي جمعت في قولهم: "قطب جد " فإن كتاب الله استعمل منها النصف كذلك تقريبا وهما: (ق، ط)، اللتان نجدهما في فواتح سورتي طه، ق.

هذه بعض أمثلة الإعجاز الصوتي في القرآن الكريم، وسنتناول ـــ إن شاء الله ـــ أمورا أخرى متعلقة بهذا النوع من الإعجاز الذي يزخر به كتاب الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015