ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله على قوله تعالى (وجاء ربك) (هل ينظرون أن يأتيهم الله) الآية
ونظائره قيل هو من مجاز الحذف تقديره وجاء أمر ربك. وهذا باطل من وجوه أحدها أنه إظهار ما لا يدل عليه اللفظ بمطابقة ولا تضمن التزام وادعاء حذف ما لا يدل عليه يرفع الوثوق من الخطاب ويطرق كل مبطل على ادعاء إظهار ما يصحح باطله.
الثاني أن صحة التركيب واستقامة اللفظ لا تتوقف على هذا المحذوف بل الكلام مستقيم تام قائم المعنى بدون إضمار مجرد خلاف الأصل فلا يجوز.
ثالثاً أنه إذا لم يكن في اللفظ دليل على تعيين المحذوف كان تعيينه قولاً على المتكلم بلا علم وإخباراً عنه بإرادة ما لم يقم به دليل على إرادته وذلك كذب عليه.
رابعاً في السياق ما يبطل هذا التقدير وهو قوله وجاء ربك والملك فعطف مجيء الملك على مجيئه سبحانه يدل على تغاير المجيئين وأن مجيئه سبحانه حقيقة كما أن مجيء الملك حقيقة فمجيء الرب سبحانه أولى أن يكون حقيقة من مجيء الملك. وكذلك فمجيء الرب سبحانه أولى أن يكون حقيقة من مجيء الملك. وكذلك قوله (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك)، ففرق بين إتيان الملائكة وإتيان الرب وإتيان بعض آيات ربك فقسم ونوع ومع هذا يمتنع أن يكون القسمان واحداً فتأمله وذكر وجوهاً أخر يطول ذكرها قال وأما قول من قال يأتي أمره وينزل رحمته فإن أراد أنه سبحانه إذا نزل وأتى حلت رحمته وأمره فهذا حق وإن أراد أن النزول والمجيء والإتيان للرحمة والأمر ليس إلا فهو باطل من وجوه عديدة قد تقدمت ونزيدها وجوهاً أخر منها أن يقال أتريدون رحمته وأمره صفته القائمة بذاته أم مخلوقاً منفصلاً سميتموه رحمة وأمراً فإن أردتم الأول فنزوله يستلزم نزول الذات ومجيئها قطعاً وإن أردتم الثاني كان الذي ينزل ويأتي لفصل القضاء مخلوقاً محدثاً لا رب العالمين وهذا معلوم البطلان قطعاً وهو تكذيب صريح للخبر فإنه يصح معه أن يقال لا ينزل إلى سماء الدنيا ولا يأتي لفصل القضاء وإنما الذي ينزل ويأتي غيره ومنها كيف يصح أن يقول ذلك المخلوق لا أسأل عن عبادي غيري ويقول من يستغفرني فأغفر له.
ونزول رحمته وأمره مستلزمٌ لنزول سبحانه ومجيئه وإثبات ذلك للمخلوق مستلزم للباطل الذي لا يجوز نسبته إليه سبحانه مع رد خبره صريحاً.
ومنها أن نزول رحمته وأمره لا يختص بالثلث الأخير ولا بوقت دون وقت ينزل أمره ورحمته فلا تنقطع ولا أمره عن العالم العلوي والسفلي طرفة عين (مختصر الصواعق ص 260ج 2).
أنت تنتقد تأويل الصفات واستعمال المجاز في الآية: ((وجاء ربك)) على اعتبار أنها مخالفة لقول السلف ولكنك تفعل الشيء نفسه فلا تأتي بقول السلف في المسألة، فأنت لم تستشهد لا بآية قرآنية ولا بحديث نبوي شريف في المسألة، وإنما تستشهد بكلام ابن القيم - رحمه الله - وكلامُه ليس سوى اجتهادٍ عقلي في إطار اللغة.
أما قضية استعمال المجاز في القرآن، فحتى كبار أئمة اهل السُّنَّة والجماعة كابن تيمية - رحمة الله عليه - الذي أنكر وجود المجاز في اللغة وفي القرآن من الناحية النظرية، إلاَّ أنه يستعمل التأويل المجازي من الناحية التطبيقية ويقول إن الكلمة لها أصلٌ وضعي في الاتفاق كما لها أيضاً معنى مجازي (انظر دقائق التفسير للإمام ابن تيمية)
السؤال الثالث:- هل يجوز أن نقول " واعلم أنه ثبت بالدليل العقلي أن الحركة على الله تعالى محال، لأن كل ما كان كذلك كان جسما، والجسم يستحيل أن يكون أزليا فلا بد فيه من التأويل."، وهل صفات الله تدرك بالعقل؟
الإمام ابن تيمية - رحمه الله - حين ردَّعلى الباطنية في قولهم بالتفويض في الصفات - بيَّن أن صاحب اللسان العربي يعرف الصفات ويفهم الفرق بينها بالعقل، والدليلُ على ذلك قدرتُه على التمييز بينها، ولكنه لا يدركها على ماهي عليه في الحقيقة فهي مما استأثر الله بعلمه، لذلك فرَّق ابن تيمية بين المعرفة والإدراك. والدليل على معرفتنا للصفات بالعقل أننا نُميّز الفرق بين اليد والاستواء والكلام والسمع والبصر، ولكننا لا نستطيع إدراك كُنهها حقيقةً.
ـ[أم عبد السميع]ــــــــ[24 - 11 - 2011, 08:45 ص]ـ
أشكرك أخي أحمد بن حسنين المصري على ما تفضلت به
¥