في نقل الأصول النظرية وفي تطبيقها على النصوص الأدبيّة العربيّة،ويمكن أن نذكر في هذا السياق على سبيل التمثيل لا الحصر تحليل مصطفى ناصف للصورة الأدبيّة في الشعر العربي، فقد ميّز ناصف ببراعة نادرة الخيال البياني أو التركيبي أو الصناعي من الخيال الشعري أو الإبداعي،بين الأدبين القديم والحديث في الاتجاه الإحيائي والرومانسي، وسعى إلى النظر في نماذج من الشعر القديم والحديث من خلال استغلال الطراز النفساني على وجه لا يخلو من نفس تأصيلي لافت للانتباه، وفي الفصل السادس من كتابه الصورة الأدبيّة تحليل تأليفي رصين لإحدى قصائد إلياس أبو شيكة وازن فيه الباحث بين نظام الصور في القصيد ونظام الرموز التي تحيل عليها ومنها على وجه التخصيص إحالة هروب الفتاة التي يتحدّث عنها الشاعر إلى البحر على رغبة الشاعر في العودة إلى الرحم باعتباره حلما من أحلام الفرد بإزاء قيم الجماعة (مصطفى ناصف الصورة الأدبيّة منشورات دار الأندلس د-ت ص ص 177 - 180).
وقد كان مصطفى ناصف على وعي تامّ بحدود هذا المنهج فختم تحليله بقوله:" وأنا حريص على ألاّ يحيل التطبيق النصّ الأدبي إلى وثيقة تخضع طائعة أو كارهة لنظريات معيّنة فإنّ النص ّدائما ذو كيان فردي وإضافة جديدة وكثيرا ما لا ينتهي إلى نقطة حاسمة في أمر التطبيق ولن يؤدّي إلى زعزعة طائفة من المثل الأولى للتجربة " (م. ن ص 180)
ومن أهمّ المراجع الممكن اعتمادها:
- قاستون باشلار: * جماليات المكان تعريب غالب هالسا المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والتوزيع والنشر بيروت 1987.
* شاعريّة أحلام اليقظة تعريب جورج سعد، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والتوزيع والنشر بيروت 1991.
-عبد القادر فيدوخ: الاتجاه النفسي في نقد الشعر، دار الصفاء للنشر والتوزيع عمّان 2009.
- مدخل إلى مناهج النقد الأدبي: تعريب رضوان ظاظا، سلسلة عالم المعرفة الكويت عدد221 لسنة 1997 (مقال النقد التحليلي - النفسي ص ص 49 - 94 ومقال النقد الموضوعاتي ص ص 95 - 142).
- مصطفى سويف: الأسس النفسية للإبداع الفنّي دار المعارف القاهرة 1962.
فضلا عن المؤلّفات الرائدة مثل التفسير النفسي للأدب لعزّ الدين إسماعيل،وإن كان هذا الكتاب لا يخلو من خلط بين التحليل النفسي
والنقد التعبيري، ويمكن أن نعود في هذا السياق إلى م. هـ. أمبراز المدارس النقدية الحديثة تعريب عبد الله معتصم الدبّاغ (الفصل الخاصّ بالنقد التعبيري) للتمييز بين الاتّجاهين.
3 - المنهج الحواري: هو منهج ينهض على دراسة تعدّد الأصوات في الكلمة الأدبية، وهو مشتقّ من أعمال ميخائيل باختين وتلاميذه، إذ هذا يرى العالم أنّ الجنس الروائي جنس حواري بالضرورة، ولا يعني بالحوارية تعدّد الأصوات النصيّة فحسب بل يعني كذلك تعدّد سجلاّت التعبير عن الأصوات التي تؤلّف الثقافة الاجتماعية، فالكلمة الأدبية في الجنس السردي عموما كلمة غيرية تسكنها أصوات قديمة ويعاد سبكها ونسجها وفق عمليات إبداعبة مختلفة مثل المحاكاة الساخرة وتقليد الأسلوب والقلب والتضخيم وغيرها من الآليات التي تعرف بالتناصّ فحين نعود إلى مراجع من قبيل المبدأ الحواري لتزفيتان طودوروف والتناصّ عند مايكل ريفاتار وجوليا كريستيفا،ومفهوم النصّ
والكتابة عند رولان بارت، نتبيّن أن الأجناس الأدبية لا تنمو ولا تتطوّر إلاّ إذا انفتحت على بعضها بعض،بل إنّ الجنس الأدبي لا يمكن أن ينغلق على بنيته اللغوية، فهو ضرب من الكتابة الحوارية، أي الكتابة التي تحيلُ على أنظمة من النصوص اللغوية وغير اللغوية: النصوص اللغوية من جهة انفتاح النصّ على السجلات التعبير ذات البعد الاجتماعي والمهني والإيديولوجي وغيرها، والنصوص غير اللغوية من جهة انفتاح النصّ على كافة الأصوات الثقافية وسجلات التعبير الفنّي من رسم وموسيقى ومعمار وغيرها. واستوحى الدارسون العرب رأي ميخائيل باختين الذي مؤدّاه أنّ الكلمة الأدبيّة مسكونة بالكلمة الغيرية وأنّ الشعر جنس مونولوجيٌّ، بخلاف الرواية، فهي بمقتضى ما توفّره من إحالة على مرجعٍ اجتماعي أو نفسي، ينهض على حوارية الكلمة وتعدّد الأصوات بالضرورة.
¥