ملتقي اهل اللغه (صفحة 2403)

مثل: رأيتُ أسدا يحمل سيفا، فالأسد هنا لم يرد به حقيقته وهو الحيوان المفترس المعروف، وإنما يراد به الشجاع ولو نظرنا إلى وجه الصلة والمناسبة بين (ذلك الحيوان) و (الشجاع) لوجدناها المشابهة فإن الشجاع يشبه الأسد في جرأته، فحينئذ يكون استعمال الأسد بمعنى الشجاع استعارة.

ومثل: جاءَ الثعلبُ في سيارته، فالثعلب هنا لم يرد به حقيقته وإنما يراد به الماكر، والعلاقة بين المعنيين هي المشابهة فإن الماكر يشبه الثعلب في مكره، فحينئذ يكون استعمال الثعلب بمعنى الماكر استعارة.

والمجاز المرسل هو: مجاز لغوي علاقته غير التشبيه.

مثل: رأيتُ فاجرا يعصر خمرا، والخمر هنا لم يرد بها حقيقتها وهي الشراب المسكر؛ لأنه لا يتأتى عصر الشراب وإنما يراد بها حبات العنب، والعلاقة بين (الشراب المسكر) و (العنب) ليست المشابهة بل هي علاقة تسمى اعتبار ما يكون أي أنه قد سمي العنب خمرا نظرا لما سيصير إليه في المستقبل فهو مجاز مرسل.

وكذا إذا قيل: سأشعل نارا، فلا معنى لإشعال النار وإنما المقصود هو سأشعل حطبا يؤول إلى نار فهو مجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون.

ومثل: أكلت الحليب مع الخبز، تقصد الجبن الذي كان حليبا أي أنه قد سمي الجبن حليبا نظرا لما كان عليه في الماضي فهذه علاقة أخرى تسمى اعتبار ما كان.

مثال: قال الله تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم) اليتيم هو الصغير الذي مات والده وهو حال صغره ويتمه لا تدفع إليه أمواله لأنه لا يعرف يتصرف فيها ولكن يعطى ماله عندما يبلغ، فالمقصود إذاً آتوا الذين كانوا يتامى أموالهم فبعد البلوغ والرشد يدفع لهم أموالهم لا حال يتمهم وصغرهم فهو مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان في الماضي.

ومثل: أرسل الملكُ عيونَه، والمقصود بالعيون هم الجواسيس، والعين حقيقتها هي العضو المبصر، ولكن المراد هو الإنسان الذي يتجسس والعلاقة بين (العين المبصرة) و (الجاسوس) هي أن العين جزء وبعض من الجاسوس. فالعلاقة هي الجزئية أطلق البعض وهو العين والمراد الكل وهو الإنسان الجاسوس.

مثال: قال الله تعالى: (فتحرير رقبة) أي عتق إنسان، والرقبة حقيقتها هي العضو الذي يقف عليه الرأس، وواضح أنه ليس المقصود أن نعتق رقبته ويبقى باقيه عبدا، وإنما هو مجاز مرسل أطلق البعض وهو الرقبة وأريد به الكل والعلاقة هي الجزئية لأن الرقبة جزء من الإنسان، وهذه من أساليب العرب الاقتصار على ذكر بعض الشيء وهم يريدون كله. ومثل: شربتُ ماءَ زمزم، ولا يعقل أنه يشرب زمزم كله، بل أريد بعضه فأطلق الكل (زمزم) وأريد بعضه فهو مجاز مرسل علاقته الكلية لأنه أطلق الكل وأريد البعض.

مثال: قال الله تعالى: (جعلوا أصابعهم في آذانهم) ومعلوم أن إدخال الأصبع بكامله في الأذن غير ممكن بل المقصود هو بعضه وهو الأنامل فأطلق الكل (الأصبع) وأريد بعضه (الأنملة) فهو مجاز مرسل علاقته الكلية.

فهذه أربع علاقات للمجاز المرسل: (اعتبار ما سيكون- وضدها اعتبار ما كان)، (والجزئية- وضدها الكلية).

فتلخص أن المجاز اللغوي نوعان: ما علاقته التشبيه، ويسمى استعارة، وما علاقته غير التشبيه ويسمى مجازا مرسلا، ومن علاقاته: اعتبار ما سيكون، واعتبار ما كان، والجزئية، والكلية.

(الأسئلة)

1 - في ضوء ما تقدم ما هي الاستعارة؟

2 - ما هو المجاز المرسل وما هي علاقاته؟

3 - مثل بمثال من عندك لكل علاقة من علاقات المجاز المرسل؟

(التمارين 1)

بيِّن المجاز المرسل وعلاقته فيما يأتي:

(شربتُ البنَّ- فبشرناه بغلام حليم- سكنتُ العراقَ - ولا يلدوا إلا فاجرا كفَّارا - ناصية كاذبة خاطئة- أيها الطينُ لا تتكبر - ألقى الشاعر كلمة بليغة- دماؤنا فداء للإسلام).

(التمارين 2)

اجعل الكلمات التالية مجازا مرسلا في جملة: (رأس- رَجُل- سيارة).

ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[23 - 02 - 2013, 12:37 م]ـ

(الدرس الحادي عشر)

تتمة أقسام المجاز المرسل

قد علمتَ أن المجاز اللغوي ينقسم إلى مجاز مرسل، واستعارة، وأن المجاز المرسل تكون علاقته غير التشبيه، مثل: اعتبار ما سيكون، واعتبار ما كان، والجزئية، والكلية.

وله علاقات أخرى هي:

1 - السبَبِيَّة مثل: رعَت الماشيةُ المطرَ، ومعلوم أن الماشية لا تأكل المطر بل العشب والعلاقة بين (المطر) و (العشب) هي أن المطر سبب ظهور العشب.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015