ملتقي اهل اللغه (صفحة 2402)

فالمجاز اللغوي هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادته.

أي هو ما سبق بيانه أن توجد كلمة أو أكثر في الجملة قد استعملت في غير معناها الحقيقي مثل استعمال الأسد للشجاع، والشمس لجميل الوجه.

والمجاز العقلي هو: إسناد الشيء إلى غير ما هو له.

مثل: (بنى الأميرُ المدينةَ) فلو نظرنا إلى هذا المثال لوجدنا ألفاظه قد استعملت في معناها الحقيقي؛ فإن المراد بالبناء هو وضع الحجر على الحجر وإقامة الدور ونحوها، والمراد من الأمير هو شخص تولى إدارة بلد، والمراد من المدينة هو المعنى المعروف لها المقابل للقرية، فلا توجد كلمة في تلك الجملة قد استعملت في غير معناها الحقيقي ومع هذا ففي الجملة مجاز ظاهر لأن الأمير ليس هو الذي يباشر البناء ويحمل الحجر بل هو الآمر بذلك فالمجاز قد وقع في إسناد ونسبة البناء للأمير أي أنه لما أسند الفعل بنى لغير ما هو له أي لغير فاعله الحقيقي صار مجازا ولهذا يسمى هذا المجاز أيضا بالمجاز الإسنادي لأنه يقع في الحكم والإسناد وليس في الألفاظ المستعملة في الجملة والأصل الحقيقي للمثال هو بنى العمالُ بأمر الأميرِ المدينةَ فالباني حقيقة هم العمال وليس الأمير.

فظهر أن الفرق بين المجاز اللغوي والعقلي هو أن اللغوي يكون المجاز في كلماته بينما العقلي يكون في إسناد الشيء لغير فاعله الحقيقي.

مثال: قال الله تعالى عن فرعون: (يُذَبِّحُ أبناءَهُم) هنا مجاز عقلي لأنه أسند التذبيح لفرعون مع أنه ليس الفاعل لأنه لم يكن يذبحهم بيديه والأصل الحقيقي هو يُذَبِّحُ الجنودُ بأمر فرعون أبناءَهم.

وهنالك عدة صور للمجاز العقلي هي:

1 - أن يسند الفعل إلى سبب الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل: بنى الأميرُ المدينةَ وإنما أسند البناء للأمير لأنه سبب البناء والأصل الحقيقي بنى العمال بأمر الأمير المدينةَ فالعلاقة هنا هي السببية.

2 - أن يسند الفعل إلى زمان الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل أنبتَ الربيعُ البقلَ، ولا ريب أن المنبت هو الله سبحانه والربيع هو زمان وقوع الإنبات لا أكثر فالأصل الحقيقي هو أنبتَ اللهُ في الربيعِ البقلَ، فالعلاقة هي الزمانية.

3 - أن يسند الفعل إلى مكان الفعل وليس للفاعل الحقيقي مثل جرى النهرُ، والمقصود بالنهر حقيقة هو الشق والحفرة التي فيها الماء، فالنهر هو مكان جريان الماء لا أنه هو الذي يجري فالأصل الحقيقي هو جرى الماء في النهرِ أو جرى ماء النهر، قال تعالى: (تجري من تحتها الأنهارُ) وهذا مجاز عقلي والحقيقة هي: تجري من تحتها مياه الأنهار فالعلاقة هي المكانية.

4 - أن يسند الفعل إلى المفعول به وليس للفاعل الحقيقي مثل خَسِرَ المالُ، والمال ليس هو الخاسر بل صاحبه والأصل الحقيقي هو خسرَ فلانٌ المالَ، فالعلاقة هي المفعولية.

فتلخص أن المجاز نوعان: لغوي وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادته، وعقلي وهو إسناد الشيء إلى غير ما هو له، وله أربع صور: أن يسند إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو المفعول.

(الأسئلة)

1 - في ضوء ما تقدم ما هو المجاز اللغوي والمجاز العقلي؟

2 - ما هي علاقات المجاز العقلي؟

3 - مثل بمثال من عندك لكل علاقة من علاقات المجاز العقلي؟

(التمارين 1)

ميز بين المجاز اللغوي والمجاز العقلي فيما يأتي:

(رأيتُ بحرا في المسجد- هذا ثعلبٌ يحتال على الناس- ازدحمت شوارعُ المدينةِ- يا هامانُ ابنِ لي صرحًا).

(التمارين 2)

وضح المجاز العقلي وبين علاقته:

(ضجَّ المسجدُ بالتكبيرِ- وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا- ستبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلا – رَضِيَت العيشةُ).

ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[09 - 02 - 2013, 03:15 م]ـ

(الدرس العاشر)

أقسام المجاز اللغوي

قد علمتَ أن المجاز ينقسم إلى لغوي، وعقلي، وأن الأول يقع في الألفاظ والثاني في الإسناد، وقد فصلنا الكلام على العقلي فلنتبعه ببيان اللغوي. فينقسم المجاز اللغوي إلى استعارة، ومجاز مرسل.

فالاستعارة هي: مجاز لغوي علاقته التشبيه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015