مثال: كلمة أسد وضعتها العرب للحيوان المفترس المعروف أي جعلوا هذه اللفظة دالة على هذا الحيوان بحيث متى ذكروا كلمة الأسد فهم يعنون به الحيوان المعروف، فإذا قالوا: رأيتُ اليومَ أسدًا فالمعنى رأيت الحيوان المعروف فيكون استعمال الأسد حقيقة لأنه استعمل في معناه الأصلي.
والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعَلاقة وقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
مثال: إذا استعملنا كلمة الأسد في الإنسان الشجاع لوجود المشابهة بين الأسد والرجل الشجاع فهذا يسمى مجازا لأنه لفظ استعمل في غير المعنى الذي وضعته له العرب فقد نقل هذا اللفظ أعني الأسد إلى الرجل الشجاع لوجود المشابهة بينهما.
مثال آخر: إذا قيل: أشرقت الشمسُ فالمعنى هو ظهرت الشمس المعروفة التي في السماء فهذا معنى حقيقي، وإذا قيل: رأيتُ شمسا تبتسم فالمقصود بالشمس هنا هو إنسان جميل الوجه بدليل أن الشمس الحقيقية لا تبتسم فهذا معنى مجازي.
وبتعبير آخر أوضح إن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل في المعنى الأصلي للكلمة، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير المعنى الأصلي للكلمة.
ولكن قد يقال كيف نعرف أن هذا هو المعنى الأصلي للكلمة فيكون الاستعمال حقيقة أو أنه ليس المعنى الأصلي للكلمة فيكون مجازا؟ والجواب: من خلال التبادر وعدم الاحتياج إلى القرينة.
فإذا قلتَ رأيتُ اليومَ أسدًا فلن يفهم السامع من كلامك ولن يتبادر إلى ذهنه إلا الحيوان المفترس المعروف ولن يفهم أنك رأيت رجلا شجاعا فيكون استعمال لفظ الأسد في الحيوان المفترس حقيقة واستعماله في الرجل الشجاع مجازا، وإذا قلت رأيت اليوم أسدا يحمل بندقيته فسيفهم السامع أنك تقصد الرجل الشجاع بدليل القرينة وهي: (يحمل بندقيته) فمثل هذا لا يكون للأسد.
فعلم أن الحقيقة لا تحتاج إلى قرينة لتفهم من اللفظ بينما المجاز لا يفهم إلا بقرينة.
ونقصد بالقرينة: الدليل الذي يمنع إرادة الحقيقة، كقولنا في المثال السابق (يحمل بندقيته) فهذه العبارة قرينة ودليل على إرادة المعنى المجازي وهو الرجل الشجاع لأن الحيوان المفترس لا يحمل البندقية.
والقرينة نوعان: لفظية، وغير لفظية.
فاللفظية هي: التي تكون مذكورة في الجملة، كما في المثال السابق فعبارة (يحمل بندقيته) دليل لفظي على المجاز.
وغير اللفظية هي: التي لا يكون لها لفظ يدل عليها في الجملة بل تفهم من الواقع.
مثل: أن يمشي زيد مع صاحبه فيلتفت إلى شخص قادم نحوهما فيقول زيد: (جاءَ الأسدُ) فالمعنى المراد هنا هو الرجل الشجاع بدليل أن الحديث كان على هذا الشخص القادم فلذا نقول هي قرينة حالية تؤخذ من الحال وليست قرينة لفظية.
ونقصد بالعَلاقة: المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي، مثل المشابهة فهي المناسبة التي تجمع بين الأسد والشجاع فإن الرجل الشجاع يشبه الأسد في شجاعته وجرأته، فحينما يستعمل اللفظ في غير ما وضع له لا بد من علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى الجديد كي يصح الانتقال من المعنى الأصلي إلى المعنى الجديد.
فاتضح أن المخلوقات لا بد لها من أسماء تدل عليها فنقول هذا جبل وهذا إنسان وهذا أسد وهذه شمس .. فهذه الأسماء هي حقيقة لمعانيها، فإذا جاء مَن يستعمل الأسماء في غير ما وضعت له أولا فهذا مجاز وحينئذ لا بد من علاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي تصحح الانتقال، ولا بد من قرينة تدل على أن المعنى الحقيقي غير مراد سواء أكانت لفظية أو حالية.
(الأسئلة)
1 - في ضوء ما تقدم ما هي الحقيقة وما هو المجاز؟
2 - ما المقصود بالقرينة والعلاقة؟
3 - مثل بمثال من عندك للحقيقة والجاز؟
ـ[تركي الحربي]ــــــــ[02 - 02 - 2013, 10:04 م]ـ
جزاك الله خيراً ...
نفع الله بك أخي، أتمنى استمرار هذه السلسلة الشيقة ...
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[05 - 02 - 2013, 08:05 م]ـ
جزاك الله خيراً ...
نفع الله بك أخي، أتمنى استمرار هذه السلسلة الشيقة ...
اللهم آمين جزاك الله خيرا.
نواصل إن شاء الله ونسأل الله التيسير.
ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[05 - 02 - 2013, 08:05 م]ـ
(الدرس التاسع)
أقسام المجاز
قد علمتَ أن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
ثم إن المجاز قسمان: لغوي، وعقلي.
¥