ملتقي اهل اللغه (صفحة 2400)

ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[25 - 11 - 2012, 06:14 م]ـ

(الدرس السابع)

تقسيم التشبيه إلى مقلوب وغير مقلوب

قد علمتَ أن التشبيه يكون صريحا وهو ما كان التشبيه فيه واضحا، ويكون ضمنيا وهو ما كان التشبيه فيه خفيا.

ثم إن التشبيه ينقسم قسمة أخرى بحسب وجه الشبه إلى تشبيه على الأصل وتشبيه مقلوب وإليك البيان:

إذا قلتَ: زيدٌ كالأسدِ في الشجاعةِ، فوجه الشبه وجوده في الأسد أقوى منه في زيد كما هو واضح ولذا شبه زيد به فالأسد هو الأصل في الشجاعة وقد شبهنا زيدا به فهذا هو التشبيه الأصلي وأكثر التشبيهات جارية عليه بأن يكون وجه الشبه في المشبَّه به أقوى منه في المشبَّه في الواقع.

وكذا إذا قلنا زيدٌ كالبدر، وعمرو كالبحر، وبكر كالجبل ونحو ذلك.

ولكن أحيانا يحاول المتكلم أن يلجأ إلى أسلوب آخر مبني على الإدعاء والمبالغة بأن يشبه الأصل بالفرع زاعما أن وجه الشبه فيه أقوى مثل: الأسد كزيد في الشجاعة، فهو لأجل المبالغة في وصفه بالشجاعة ادعى أن الأسد يشبه زيدا في الشجاعة لا أنه هو يشبه الأسد وهذا هو ما يسمى بالتشبيه المقلوب.

فالتشبيه المقلوب: ما جعل فيه المشبَّه مشبَّها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى.

مثل المسك كرائحتك، فهنا الأصل هو رائحتك كالمسك ولكن للمبالغة في التشبيه ادعى المتكلم العكس.

ومثل: كأن ضوء النهار جبينك، والأصل كأن جبينك ضوء النهار ولكنه عكس للمبالغة.

مثال: قال الله تعالى عن مستحلي الربا: (إنما البيعُ مثلُ الربا) أي في الحل والإباحة، ولا يخفى أن الإباحة ظاهرة في البيع بلا خلاف فكان الأصل أن يقولوا: إنما الربا مثل البيع، ولكنهم بالغوا في ادعاء الحلية حتى زعموا أن البيع يشبه الربا في الحل وهذا من انتكاس الفطرة عافانا الله.

وهنا تنبيهان:

الأول: قد يكون التشبيه المقلوب تمثيليا فلا يختص القلب بتشبيه المفرد بالمفرد. مثل: الدمع على خد الطفلة كنقط طل على رمان، فهذا تشبيه تمثيلي غير مقلوب، فإذا أردنا قلبه للمبالغة قلنا: نقط الطل على الرمان كدمع على خد الطفلة، فهذا تشبيه تمثيلي مقلوب.

الثاني: قد يكون التشبيه المقلوب ضمنيا فلا يختص القلب بالتشبيه الصريح، مثل: الذي يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس معرض نفسه للهلاك فإنَّ من يتناول السم للتجربة محقق هلاكه، فهذا تشبيه ضمني غير مقلوب، فإذا أردنا قلبه للمبالغة قلنا: متناول السم للتجربة محقق هلاكه فإنَّ من يزاول عملا ضارا يتحاشاه الناس معرض نفسه للهلاك، فهذا تشبيه ضمني مقلوب.

فتلخص أن التشبيه ينقسم باعتبار وجه الشبه إلى مقلوب وغير مقلوب، فغير المقلوب ما كان وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبه، والمقلوب هو: ما كان وجه الشبه في المشبه أقوى منه في المشبه به.

(الأسئلة)

1 - في ضوء ما تقدم ما هو التشبيه المقلوب؟

2 - هل يختص التشبيه المقلوب بتشبيه المفرد والتشبيه الصريح؟

3 - مثل بمثال من عندك لتشبيه مقلوب وآخر غير مقلوب؟

(التمارين 1)

ميِّز التشبيه المقلوب من غير المقلوب فيما يأتي:

(الريشة في مهب الرياح كقلوب العباد- بائع المخدرات كبائع السم الفتاك- كأنَ البرق في السحاب سيف مسلول في يدكَ- حمرة الوردِ خداكَ- وجعلنا الليل لباسا- مثلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأَتْرُجَّةِ ريحها طيب وطعمها طيب (الأترجة هي: فاكهة من الحمضيات بحجم الجريب فروت تقريبا).

(التمارين 2)

حول التشبيهات غير المقلوبة الآتية إلى تشبيهات مقلوبة:

(كأنَّ غضبَ زيد صاعقة- إنَّ صوتها المنكر نهيق الحمار- حجتكَ الساطعة كالصبح المنير).

(التمارين 3)

رد التشبيهات المقلوبة الآتية إلى أصلها:

(الماءُ مثلُ طَبْعِكَ في الصفاءِ- كأنَّ سوادَ الليلِ شَعركَ الفاحم- الخشب الفارغة كالمنافقين).

ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[25 - 11 - 2012, 06:17 م]ـ

وبذا نكون قد انتهينا من مبحث التشبيهات.

بقي علينا المجاز والكناية.

نسأل الله التيسير.

ـ[أبو مصطفى البغدادي]ــــــــ[02 - 02 - 2013, 06:16 ص]ـ

(الدرس الثامن)

الحقيقة والمجاز

قد علمتَ أن أبحاث علم البيان هي: التشبيه، والمجاز، والكناية، وقد فرغنا من التشبيه، فلنتبعه ببيان المجاز، ولكي يعرف المجاز لا بد أن نعرف ما المقصود أولا بالحقيقة.

فالحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015