ملتقي اهل اللغه (صفحة 2379)

موضع التعجب والتعجيب والتنبيه في هاتين الآيتين حال هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزل على الأنبياء من قبله، يريدون أن يتحاكموا إلى غير الله ورسوله إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به.

ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا، ويستجيبون لتلك الإرادة، فإذا قيل لهم تعالوا إلى حكم ما أنزل الله وإلى حكم الرسول أعرضوا عن التحاكم إليك أيها الرسول إعراضا شديدا.

الآية التاسعة:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}. الآية - 77 - من سورة النساء.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام تعجب وتعجيب وتنبيه، وموضع التعجب حال جماعة من الصحابة رغبوا في قتال مشركي مكة، فطلب منهم الموادعة وأن يكفوا أيديهم عن ذاك القتال ثم فرض عليهم ذلك القتال الذي كانوا يودونه، فإذا فريق منهم يخافون أولئك الذين كانوا يرغبون في قتالهم أشد ما يكون عليه الخوف، {وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيب} قالوا ذلك خوفا من الموت لا إنكارا للحكم ولا اعتراضا على إيجابه.

قل متاع الدنيا فانٍ لا يدوم، ونعيم الآخرة هو الدائم الباقي، وهو خير للذين يتقون الله ويتمثلون أوامره، وسيجزيهم الله ثواب أعمالهم لا ينقصون منه شيئا.

الآية العاشرة:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ, جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ}. الآية -28 ,29 - سورة إبراهيم.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام تعجب وتعجيب وتنبيه، وموضع التعجب والتنبيه حال أهل مكة، أنعم الله عليهم خلقهم ورزقهم وأسكنهم بيته الحرام الآمن يجبى إليه ثمرات كل شيء، وجعلهم قُوّاما عليه، ثم أكرمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبدل أن يشكروا الله على هذا كله كفروه جميعا، وأحلوا قومهم الذين اتبعوهم على الكفر أحلوهم دار الهلاك، وبئس القرار تلك الدار.

الآية الحادية عشرة:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً، ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً}. الآيتان: - 45 - 46 - من سورة الفرقان.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام يثير تعجب المخاطب من هذا الظل الدال على عظمة الله جلت قدرته، وبديع صنعه، وبالغ حكمته، ويدعو المتأمل المتبصر إلى التفكير فيه: كيف يمده الله ويبسطه فينتفع به الناس انتفاعا لا يبلغه إحصاء ولا وصف، ولو شاء لجعله ساكنا لا يتحرك.

ثم كيف جعل الشمس دليلا عليه، يستدل الناس بها وبأحوالها على أحوال الظل: أين يمتد وينبسط ومتى يكون ذلك، وأين يتقلص ويتلاشى ومتى يكون ذلك.

ثم كيف جعل الشمس بمشيئته تعالى تنسخ شيئا شيئا هذا الظل الممتد المبسوط.

الآية الثانية عشرة:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ}. الآية: - 69 - سورة غافر.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام تعجب وتعجيب وتنبيه وموضع التعجب والتنبيه حال هؤلاء الذين كذبوا بالقرآن الكريم وبما أرسل به الرسل من قبل، يجادلون في آيات الله بالباطل وعلى غير علم ولا هدى.

كيف يصرفون عن تلك الآيات الواضحة البينة الهادية إلى الصراط المستقيم؟!! سوف يعلمون يوم القيامة عاقبة هذا الجدال والتكذيب.

الآية الثالثة عشرة:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015