كيف لا يبهت {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} الذين يزعمون أنهم يقدرون على ما يقدر عليه الله سبحانه وتعال، ى ويرغبون عن ملة إبراهيم حنيفا؟!!.
إن الله لا يهديهم ولا يرشدهم إلى ما يدحضون به حجج أهل الحق والتوحيد.
الآية الرابعة:
قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ}. الآية – 23 - آل عمران.
الاستفهام في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام تعجب وتعجيب وتنبيه، وموضع هذا التعجب والتنبيه حال هؤلاء اليهود يزعمون أنهم يتمسكون بكتاب الله الذي بين أيديهم وهو التوراة، وإذا دعوا إلى هذه التوراة لتحكم بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بين من أسلم منهم ومن لم يسلم ركبوا مطايا العناد، وأعرضوا إعراضا شديدا، ذلك لأن في هذه التوراة نعوت النبي صلى الله عليه وسلم وحقّ اتباعه، وهذا مالا يوافق أهواءهم التي ضلت ضلالا بعيدا.
الآية الخامسة:
قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}. الآية (44) من سورة النساء.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام تعجب وتعجيب وتنبيه، وموضع هذا كله حال هؤلاء اليهود الذين أوتوا نصيبا من التوراة يوجب عليهم اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، ومع ذلك يؤثرون الكفر والمعاندة والمخالفة على الإيمان به واتباع هداه.
ولا تكفيهم ضلالتهم، بل يريدون أن تضلوا أيها المؤمنون السبيل المستقيم كما ضلوا، إنهم يكرهون أن تكونوا مختصين بالهدى واتباع الحق، {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}.
لقد رأيت - يا أخت - أن اليهود قد استبدلوا الضلالة بالهدى، وأن الآية الكريمة عبرت عن هذا الاستبدال بـ (يشترون) لتبين أن حرصهم على الضلالة ورغبتهم فيها حرص المشتري على السلعة، لقد كان في هذا توبيخ لهم وتقريع، وتشنيع عليهم أيما تشنيع.
ولقد رأيت أيضا أن التعبير بالفعل المضارع: (يشترون) و (يريدون) يدل على أن ذلك متجدد مستمر فيهم ما تجدد الليل والنهار.
الآية السادسة:
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً}. الآية - 46 - سورة النساء.
موضع ما تدل عليه همزة الاستفهام من تعجب وتعجيب وتنبيه موضعه حال هؤلاء اليهود الذين يزكون أنفسهم فيبرئونها من الذنوب ويطهرونها على حين أنهم أئمة الكفر رؤوس الفتن، لا يستأهلون هذه التزكية، ولا يعتد بها منهم.
فالله هو الذي يزكي من يشاء من عباده، لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسيء، يجازي كل إنسان بما يستحق، ولا يظلم أحدا شيئا مهما بلغ ذلك الشيء من القلة والحقارة والصغر.
الآية السابعة:
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}. الآية -50 - سورة النساء.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى} استفهام وتعجب وتعجيب وتنبيه، وموضع ذلك حال هؤلاء اليهود الذي أوتوا نصيبا من التوراة، ثم هم يخالفون ما جاء فيه، ويستجيبون لطلب كفار قريش في مكة فيسجدون للأصنام ويشركون بالله، ويقولون لهم أنتم أهدى من الذين آمنوا بمحمد سبيلا.
يقولون هذا وهم يعلمون أنه افتراء وبهتان، يقودهم إليه الحقد والحسد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن آمن به.
الآية الثامنة:
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً}. الآيتان: 60 - 61 من سورة النساء.
¥