أ- ذكر الخاص بعد العام،كقوله تعالى"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى"والهدف منه التنبيه على فضل الخاص حتى كأنه لفضله ورفعته جزء آخر مغاير لما قبله،وبهذا يُذكر الخاص مرتين مرة مع العام ومرة بذكره منفردا.
ب- ذكر العام بعد الخاص، كقوله تعالى"ربِّ اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات" والهدف منه الاهتمام بالخاص لذكره ثانيا مع العام في عنوان عام بعد ذكره في عنوان خاص.
ج- الإيضاح بعد الإبهام، لتقرير المعنى في ذهن السامع بذكره مرتين:مرة على سبيل الإبهام ومرة على سبيل التفصيل والإيضاح،كقوله تعالى"وقضينا إليه ذلك الأمر أنَّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين"فقوله:" أنَّ دابر هؤلاء مقطوع مصبحين"تفسير وتوضيح لذلك الأمر، والهدف من ذلك تفخيم شأن المبيَّن وتمكينه في النفس زيادة تمكُّن.
د-التوشيع: وهو أن يؤتى في آخر الكلام بمثنى مفسَّر بمفردين ليُرى المعنى في صورتين، يخرج فيهما من الخفاء المُستوحش إلى الظهور المأنوس،كقولهم: العلم علمان:علم الأبدان وعلم الأديان.
هـ -الاحتراس: وهو أن يأتي المتكلم بعد كلام يوهم خلاف المقصود بكلام يدفع الإبهام كقوله تعالى"ويطعمون الطعام على حبه "أي:مع حب الطعام واشتهائهم له،وذلك أبلغ في الكلام وبيان لكرمهم وإيثارهم لغيرهم على أنفسهم،وقوله"على حبه"يدفع إيهام استغنائهم عن الطعام، أي أنهم يطعمون فضلة الطعام.
و-التتميم: وهو زيادة كلمة أو أكثر توجِد في المعنى حسنا بحيث لو حُذفت صار الكلام مبتذلا كقول ابن المعتز يصف فرسا:
صببنا عليها ظالمين سياطنا//فطارت بها أيد سراع وأرجل
إذ لو حذف كلمة"ظالمين"لكان الكلام مبتذلا لا رقة فيه ولا طلاوة،ولتوهم السامع أن الفرس بليدة تستحق الضرب،أما قوله "ظالمين"فقد أثبت أنها سريعة بدون ضرب.
ز-التكرار: وهو ذكر الشيء مرتين أو أكثر لهدف ما، كالتلذذ بذكره مثلا،كقول مروان بن أبي حفصة:
سقى الله نجدا والسلام على نجد//ويا حبذا نجدعلى القرب والبعد
فبحسب الحاجة والأهمية المعنوية عند المتكلم يكون الكلام،والكلام تقديما وتأخيرا،ذكرا وحذفا، تعريفا وتنكيرا،إيجازا وإطنابا ومساواة ..... إلخ يكون بحسب الحاجة المعنوية عند المتكلم،فالمتكلم يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة،وهو يقول وهو يفكر ويفكر وهو يقول تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
(9)
دور الاحتياج المعنوي في الفصل والوصل
الوصل: عطف بعض الجمل على بعض بالواو، والفصل: أن تذكر الجملة بعد الجملة دون عطف، وتتحكم منزلة المعنى وأهميته في وصل الجمل وفصلها، كما في الأمثلة التالية:
أولا:الوصل
قال تعالى:"والله يقبض ويبسط"عطف "يبسط" على "يقبض"،لأن الهدف هو إثبات الخبرين لله تعالى، وإن فصلنا الجملة الثانية عن الأولى صار المعنى وكأننا نتراجع عن الخبر الأول ونريد إثبات الخبر الثاني، مما يحدث اللبس، لأن الهدف هو الجمع بين الخبرين، وهذا كقولنا: هو ينفع ويضر، فإن فصلنا صارت الثانية هي المثبتة والأولى منفية، ومُتراجع عنها، ولهذا يحتاج المتكلم إلى الواو للجمع بين الاثنين.
قال تعالى:"وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين إحسانا"عطف "وبالوالين إحسانا"على "لا تعبدون إلا الله"لأن المتعاطفات أجزاء من الميثاق، وإن لم يعطف انفصلت الجملة الثانيةعن (المبني عليه) وهو الميثاق فصارت وكأنها ليست منه.
وإذا سئلت: هل شربت العسل، فتقول: لا وسقاني الله منه، فلو أسقطت الواولفهم خلاف المراد، إذ عندها ستتصل "سقاني"مع "لا"وتصبح الجملة الثانية وكأنها دعاء على النفس، لأن "سقاني " صارت مبنية على "لا".
وهكذا تتحكم منزلة المعنى والاحتياج المعنوي في وصل الجمل بعضها ببعض
ثانيا: الفصل
وتتحكم منزلة المعنى وأهميته بين أجزاء التركيب في الفصل كما في الأمثلة التالية:
*قال تعالى: وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون*الله يستهزئ بهم"
لم يعطف "الله يستهزئ بهم" على "إنا معكم"،لأن الجملة الثانية ليست مبنية على الفعل:قالوا، وليس لها به علاقة، فالجملة الثانية ليست من مقول المنافقين، ولو تم العطف لكانت منه،مما يحدث اللبس.
¥