ملتقي اهل اللغه (صفحة 2341)

وقال تعالى: الم*ذلك الكتاب لا ريب فيه* فصل الجملة الثانية "لا ريب فيه" عن الأولى"ذلك الكتاب "لأن الثانية توكيد للأولى، والتوكيد لا يحتاج إلى رابط يربطه بالمؤكد بسبب قوة العلاقة المعنوية بينهما.

وقال تعالى: أمدكم بما تعلمون*أمدكم بأنعام وبنين*فصل لأن الثانية بدل بعض من كل من الثانية والعلاقة بين البدل والمبدل منه لا تحتاج إلى رابط كالواو.

وقال تعالى: اتبعوا المرسلين. اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون*فصل لأن الثانية بدل اشتمال من الأولى، والبدل لا يحتاج إلى رابط كالواو يربطه بالمبدل منه.

وقال تعالى: فوسوس إليه الشيطان قال يا اّدم" فصل الثانية عن الأولى لأن الثانية تفسير للوسوسة،والتفسير له قوة علاقة معنوية مع المفسر ولا يحتاج إلى رابط كالواو يربطه معه.

فاللغة تقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.

(10)

دور الاحتياج المعنوي في التكميل

يتحدث الإنسان بحسب الاحتياج المعنوي غالبا والاحتياج اللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض،كما في الأمثلة التالية:

قال الشاعر:

فسقى ديارك غيرَ مُفسِدها//صوبُ الربيع ودِيمة تهمي

فقدجاء بقوله "غيرَ مفسدها" خوفا من توهم خلاف المقصود،لأن المطر أحيانا يسبب السيول ويهدم البيوت والخيام،فجاء قوله"غير مفسدها" بسبب الاحتياج المعنوي من أجل أمن اللبس.

وقال الشاعر:

صببنا عليها ظالمين سياطنا//فطارت بها أيد سراع وأرجل

فإنه لو لم يقل "ظالمين" لأوهم أن فيها حِرانا وهي تستحق الضرب لأنها بليدة،فجاءت كلمة"ظالمين" بسبب الأهمية المعنوية عند المتكلم لأمن اللبس.

وقال الشاعر:

حليم إذا ما الحلم زيَّن أهله//مع الحلم في عين العدو مهيبُ

فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم لأوهم أن حلمه عن عجز، فلم يكن صفة مدح،فقال: إذا ما الحلم زيَّن أهله، فأزال هذا الوهم، وجاء قوله"إذا ما الحلم زيَّن أهله" بسبب الاحتياج المعنوي من أجل أمن اللبس.

(11)

دور الاحتياج المعنوي في التذييل

التذييل هو: تعقيب الجملة بجملة تشتمل على معناها للتوكيد، وهو ضربان: ضرب لا يخرج مخرج المثل لعدم استقلاله بإفادة المراد وتوقفه على ما قبله كقول ابن نباتة السعدي:

لم يُبق جودك لي شيئا أؤمله//تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

وضرب يخرج مخرج المثل،كقول الحطيئة:

تزور فتى يعطي على الحمد ماله//ومن يُعط أثمان المكارم يُحمد

وقد اجتمع الضربان في قوله تعالى"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون*كل نفس ذائقة الموت "فإن قوله "أفإن مت فهم الخالدون" من الأول، وما بعده من الثاني،كل منهما تذييل على ما قبله.

(12)

دور الاحتياج المعنوي في التتميم

التتميم هو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة تفيد نكتة كالمبالغة في قوله تعالى"ويطعمون الطعام على حبه"أي: مع حبه،والضمير للطعام،أي: مع اشتهائه والحاجة إليه.

وكقول الشاعر:

إني على ما ترين من كبري//أعرف من أين تؤكل الكتف

(13)

دور الاحتياج المعنوي في الترقي

الترقي هو: أن يُذكر المعنى ثم يردفه المتكلم بما هو أبلغ منه،كقوله تعالى: هو الله الخالق البارئ المصور"أي: قدَّر ما يوجده ثم أوجده ثم صوَّره.

(14)

دور الاحتياج المعنوي في التنكيت

التنكيت: أن يقصد المتكلم إلى لفظ يسد غيره مسده،لولا نكتة فيه لكان اختصاصه بالذكر خطأ،ومنه قوله تعالى"وأنه هو رب الشِّعرى" خص الشِّعرى بالذكر من دون النجوم لأن من العرب من كان يعبدها.

فاللغة تقوم على الاحتياج المعنوي، والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.

(15)

دور الاحتياج المعنوي واللفظي في الإيغال

الإيغال: ختم الآية أو البيت بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها،كقوله تعالى"اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون "

وكزيادة المبالغة في قول الخنساء:

وإن صخرا لتأتم الهداة به //كأنه علم في رأسه نار

لم ترض أن تشبهه بالعلم الذي هو الجبل المرتفع المعروف بالهداية حتى جعلت في رأسه نارا،وتمت الزيادة بالضابطين المعنوي واللفظي.

وكتحقيق التشبيه في قول امرئ القيس:

كأن عيون الوحش حول خبائنا//وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

فإنه لما أتى على التشبيه قبل ذكر القافية واحتاج إليها جاء بزيادة حسنة في قوله: لم يثقب،لأن الجزع إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعيون، وقد تمت الزيادة بالضابطين: المعنوي واللفظي.

فالإنسان يتحدث تحت رعاية الضابط المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس.

ـ[ممدوح غالى]ــــــــ[05 - 06 - 2014, 10:53 ص]ـ

بارك الله فيك وزادك علما

ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[05 - 06 - 2014, 02:17 م]ـ

وفيكم بارك الله وأحسن إليكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015