ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[06 - 05 - 2014, 02:38 م]ـ
دور الأهمية المعنوية في النقد الأدبي
النقد اللغوي للتراكيب
من المعروف أن النقد يعني: البحث عن الجماليات، ويهدف إلى بيان الجمال والقبح في الشيء المنقود، والنقد اللغوي يهتم بجماليات التركيب اللغوي من ناحية لغوية، ويبين محاسنه ومساوئه، ودرجة جودته أوقبحه.
وقد عرف النقد اللغوي في العصر الجاهلي اعتمادا على الأهمية المعنوية على المحورين: الرأسي والأفقي، حيث تذكر لنا الروايات نقد الأعشى للأشعار، والمقارنة بينها اعتمادا على اللغة، حيث كان يقول: لو استبدلت هذه بتلك لكان أفضل، ولو جاءت هذه في مكان آخر لكان أحسن، ونقده لبيت حسان بن ثابت - رضي الله عنه -معروف، حيث يقول حسان:
لنا الجفنات الغرُّ يلمعن في الضحى//وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فقال الأعشى: أسيافنا جمع قلة لأنها على أفعال والأفضل استخدام سيوف، والأفضل مجيء يسلن بدلا من يقطرن، للتكثير .... إلخ، وهكذا.
كما تذكر لنا الروايات النقد اللغوي الذي وجهه سيدنا عمر بن الخطاب لشعر زهير قائلا: كان لا يعاظل في الكلام، والمعاظلة كما هو معروف هي فقدان أو عدم وضوح العلاقات المعنوية داخل التركيب، كما تروي لنا الروايات إنكاره على الشاعر سحيم عبد بني الحسحاس قوله:
................................ كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
حيث قال له سيدنا عمر رضي الله عنه: لوقدمت الإسلام على الشيب، لأنه يريد أن يربط بين الفعل "كفى" والإسلام أولا.
وقد شاع النقد اللغوي أو نقد التراكيب من ناحية لغوية عند النحاة المتقدمين خاصة، كسيبويه، حيث نراهم يكثرون من وصف التركيب اللغوي بالجودة أو الرداءة، كقولهم: هذا عربي جيد، وهذا حسن، وهذا قبيح، وهذا خبيث ............ إلخ، والمعيار الذي يعتمد عليه نقد التراكيب هووضوح العلاقات المعنوية داخل التركيب، ودرجة التركيب من حيث الجودة تتناسب طرديا مع وضوح العلاقات المعنوية داخله، وهذا الوضوح أو عدمه ناتج عن تطبيق أو تجاهل أو إهدار مبدأ الاحتياج أو الأهمية المعنوية داخل التركيب، مما يؤدي إلى تمايز التراكيب من حيث الصحة النحوية والدلالية.
وقد ازدهر النقد اللغوي حديثا على يد الأسلوبيين المحدثين، الذين يتخذون من اللغة وسيلة للدراسة الأسلوبية.