احْتَرْتُ في هذِه المشاركةِ أسْتَهِلُّها بالبَسْملةِ أمِ الاسْتِعاذَةِ؟ ثُمَّ قُلْتُ: حرِيٌّ بِهذَا الَّذي أَذْكُرُه أنْ يُتَمَضْمَضَ منهُ ويُسْتَنْثَرَ، فلا أَقلَّ مِنْ أَنْ أَتُوبَ وأَسْتَغْفِرَ، وإنْ كانَ ناقِلُ القَوْلِ لَيْسَ بِقائِلِه.
أَوْرَدَ الحافِظُ رحمَه اللهُ في (لِسانِ الميزانِ 7/ 111 ط الفاروق الحديثة) في تَرْجمةِ الكذَّابِ الماجِنِ المشْهُورِ ـ انظُرُوا إلى هذِه الألقابِ! ـ (مُطيعِ بْنِ إياسٍ الكوفيِّ) هذِه القِصَّةَ، قالَ:
(أرادَ المنصُورُ البيعةَ لِلْمَهْدِيِّ، فاعْتَرَضَ علَيْه ابْنُه جَعْفرُ بْنُ أبي جَعْفَرٍ، ثُمَّ عزمَ فأَحْضَرَ النَّاسَ، وقامتِ الخطباءُ والشُّعراءُ، فذَكرُوا فَضْلَ المهْدِيِّ فأكْثَرُوا، فقامَ مُطيعُ بْنُ إياسٍ فتكلَّمَ، فخطبَ وأنْشَدَ، ثُمَّ قالَ:
يا أميرَ المؤْمِنينَ، حدَّثَني فُلانٌ عنْ فُلانٍ عنْ فُلانٍ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسلَّمَ قالَ ـ عِياذًا بِالله مِنْ غَضَبِ اللهِ ـ: (المهْدِيُّ محمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَه يَمانيَّةٌ، يَمْلأُ الأرْضَ عَدْلًا)، وهذَا العبَّاسُ بْنُ محمَّدٍ أَخُوكَ يَشْهَدُ بِذلِكَ!
ثُمَّ أَقْبَلَ على العَبَّاسِ، فقالَ: أنشدُكَ بِاللهِ، هلْ سَمِعْتَ هذَا؟
فقالَ: نَعَمْ!
فلَمَّا انْفَضَّ المجلِسُ قالَ العَبَّاسُ لِمَنْ يَثِقُ بِه: رأيْتَ هذَا الزِّنْدِيقَ؟ لَمْ يَرْضَ أنْ كذَبَ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ علَيْه وعلى آلِه وسَلَّمَ حتَّى اسْتَشْهَدَني على كذِبِه؛ فشَهِدْتُ خَوْفًا مِنَ السَّيْفِ!) اهـ.
تخيَّلْتُ حالَ العبَّاسِ هذَا حِينَ فاجأهُ الزِّنْدِيقُ بِهذَا السُّؤالِ فضَحِكْتُ ضَحكًا أجْرَى مَدامعي! والحمدُ للهِ الَّذي عافانا مما ابْتلَى بِه كثيرًا منَ النَّاسِ.
ونقلَ قِصَّةً أُخرى قبلَها تدُلُّ على قلَّةِ دِينِ هذَا الخبيثِ، قالَ:
(خرجَ هُو ـ أي: مطيع ـ ويَحْيَى بْنُ زِيادٍ الحارِثِيُّ حُجَّاجًا، فمرَّا بِزُرارةَ ـ دَيْرٌ بِطريقِ الخارجِ مِنْ بَغْدادَ إلى الحجِّ، على طريقِ الكوفةِ ـ، فلمَّا نزلَ الرَّكْبُ تَوجَّها إلى الدَّيْرِ، فناما فيه، لِيَلْحقا الرَّكْبَ بُكْرةً، فسارَ الرَّكْبُ قَبْلَ أنْ يَحْضُرا، فاسْتَمرَّا في ذلِكَ الدَّيْرِ إلى أنْ عادَ الحاجُّ، فحلَقَا رُؤُوسَهُما ودخلَا مَعَه!
فقالَ مُطِيعٌ في ذلِكَ:
[من الوافر]
أَلَمْ تَرَني ويَحْيَى إِذْ حجَجْنا ........... وكانَ الحجُّ مِنْ خَيْرِ التِّجارهْ
خَرَجْنَا طالِبَيْ خَيْرٍ وبِرٍّ ............ فمَالَ بِنَا الطَّريقُ إلى زُرارهْ
فآبَ النَّاسُ قَدْ غَنِمُوا وحجُّوا ............ وأُبْنَا مُوقرَينِ منَ الخسَارهْ
..........................) اهـ.
وفي الطَّبعةِ الَّتي بيْنَ يدَيَّ (وأُبْنا موفورينَ منَ الخسارةِ) وهُو مكسُورٌ، والتَّصْويبُ منْ مراجعَ أُخْرَى.
وشرُّ البليَّةِ ما يُضْحِكُ.
ـ[صالح العَمْري]ــــــــ[04 - 04 - 2014, 03:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
لست أريد أن أدافع عن مطيع بن إياس ولا عن يحيى بن زياد الحارثي، فإنهما كانا متهمين بالزندقة، وكلاهما من شعراء الحماسة، وقد توفي يحيى قبل صاحبه، فرثاه مطيع بأبيات في باب الرثاء من كتاب الحماسة أولها:
يا أهل بكوا لقلبي القرح * وللدموع السواكب السفح
ورثاه ابن المقفع بمقطوعة حماسية أيضا أولها:
رُزئنا أبا يحيى ولا حيَّ مثله * فلله ريب الحادثات بمن وقعْ
وكان ابن المقفع أيضا يتهم بالزندقة.
أما الحديث الذي رواه فمعناه معروف مشهور، وقد وجدتُ لبعض طلاب العلم كلاما جيدا يقول فيه:
"قال أبو داود فى ((كتاب المهدى)) (3733): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُمْ ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاشٍ ح وحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى عَنْ فِطْرٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
¥