أنت في عافية، ولكن عدوك ينظر إليك بعين الأُست، ويقول: وجهه وجه من قد رجع من القبر بعد غد. وعلى حالٍ فالرجوعُ من القبر خير من الرجوع إلى القبر. لعن الله القبر لا بزاز، ولا خبَّاز، ولا دراز، ولا تجواز (2). إنا لله وإنا إليه راجعون. عن قريب إن شاء الله. (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ). (وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ). (وَهُو علَى جَمْعِهِم إِذا يَشَاءُ قَدِيرٌ). (وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ).
تأمر بشيء؟ السُّنّة في العيادة خاصّةً عيادة الكبار والسادة، التخفيف، والتطفيف، وقلّة الكلام. أنا إن شاء الله عندك بالعشيّ. والحقَّ الحقَّ وأقوم بما يجب على مثلك لمثلي، وإن كان ليس لك مثل، ولا لمثلي مثل؛ هكذا إلى باب الشام، وإلى قنطرة الشوك، وإلى المزْرَفَة.
أقول لك المثوى. أنا وأنت اليوم كمثل كُمَّثْراتَين إذا عَفنتا على رأس شجرة، وكدَلوين إذا خَلَقَتا على رأس بئر. ودع ذا القارورة، اليوم لا إله إلا الله، وأمس كان سبحان الله، وغداً يكون شيئاً آخر، وبعد غدٍ ترى من ربك العجب. والموت والحياة بعون الله. ليس هذا مما يباع في السوق، أو يوجد مطروحاً على الطريق، لكن الإنسان ولا قوة إلا بالله طريف أعمَى،كأنه ما صحّ له منام قطّ، ولا خرج من السُّمارية إلى الشطّ، وكأنه ما رأى قدرة الله في البطّ، إذا لقط كيف يتقَطْقَط. والكلام في الإنسان وعمى قلبه، وسخنة عينه كثير لا يحمله تلّ عقرقوف (3). ولا يسلم في هذه الدار إلا من عصر نفسه عصرة ينشقّ منها فيموت كأنه شهيد. وهذا صعب لا يكون إلا بتوفيق الله، وبعض خذلانه الغريب. على الله توكلنا، وإليه التفتنا، ورضينا، وبه استجرنا. إن شاء الله خرَّانا، إن شاء الله أطعمنا.
قال القاضي: فكدتُ أموت من الضحك، على ضعفي، وما زال كلامه لهوي إلى خرجت إلى الناس. وكان مع هذا لا يعيا، ولا يكلُّ، ولا يقف. وكان من عجائب الزمان.
------------
(1) قال المحقق: (مقبرة بالجانب الغربي من بغداد).
(2) قال المحقق: (التجواز: برد يمني موشى، وفي الأصل .... كأنها "جلواز" بمعنى الشرطي) أ-هـ
قلتُ: وأمّا الدراز فلعله جمع "الدَرْزِي" وهو الخيّاط. انظر معجم الألفاظ الفارسية المعربة ص 62.
(3) قال المحقق: (تل عقرقوف: قرية بنواحي نهر عيسى ببغداد).
ـ[عائشة]ــــــــ[06 - 05 - 2010, 02:38 م]ـ
(ومِن غريبِ الطُّرَفِ ما حَكاهُ ابنُ خَلِّكان في تاريخِه، قالَ: حدَّثني مَنْ أَثِقُ به أنَّ شَخْصًا قالَ له: رأيتُ في بعضِ تآليفِ أبي العَلاءِ المعرِّيِّ ما صورتُه:
«أَصْلَحَكَ اللهُ وأبقاكَ! لَقَدْ كانَ مِنَ الواجبِ أن تأتيَنا اليومَ إلى منزلِنا الخالي؛ لكَيْ نُحدِثَ عَهْدًا بكَ -يا زَيْنَ الأخِلاَّءِ-، فما مِثلُكَ مَنْ غَيَّرَ عَهْدًا، أو غَفَلَ».
وسأله: مِنْ أيِّ الأبحُرِ؟ وهل هو بَيْتٌ واحدٌ أو أكثر؟ فإن كان أكثر، فهَلْ أبياتُهُ علَى رويٍّ واحدٍ، أو مُختلفة الرَّويِّ؟ قال: فأَفْكَرَ فيه، ثُمَّ أجابَهُ بجوابٍ حَسَنٍ.
قال ابنُ خَلِّكان: فقُلْتُ للقائلِ: اصبرْ حتَّى أنظرَ فيه، ولا تَقُلْ ما قالَهُ.
فأجابَ قاضي القُضاةِ شمس الدِّين بن خَلِّكان -بَعْدَ حُسْنِ النَّظَرِ- بما أجابه عنه ذلك الرَّجُل. وهذه الكلماتُ تخرج من بحر الرَّجَز، وتشتملُ على أربعةِ أبياتٍ في رويِّ اللاَّمِ، وهي على صورةٍ يسوغ استعمالها عند العروضيِّين، ومَن لاَّ يكونُ له بهذا الفنِّ معرفةٌ يُنكِرُها؛ لأَجْلِ قَطْعِ الموصولِ منها، ولا بُدَّ مِنَ الإتيانِ بها؛ لتظهَرَ صورةُ ذلك، وهي:
أَصْلَحَكَ اللهُ وأبْـ ... ـقَاكَ لَقَدْ كَانَ مِنَ الْ
واجِبِ أَن تَأْتِيَنا الْـ ... ــيَوْمَ إلى مَنزِلِنا الْ
خَالِي لكَيْ نُحدِثَ عَهْـ ... ـدًا بِكَ يا زَيْنَ الأَخِلْ
لاءِ فما مِثلُكَ مَنْ ... غَيَّرَ عَهْدًا أو غَفَلْ).
[ثمرات الأوراق، لابن حجَّة الحمويّ].
ـ[أم محمد]ــــــــ[06 - 05 - 2010, 02:54 م]ـ
شكرًا لكم جميعًا.
وهذه إضافة:
قال أبو علي القالي: حدثنا أبو عبد الله نفطويه، قال: حدثنا محمد بن موسى السامي، قال: حدثنا الأصمعي، قال:
دخل رجل من الأعراب على رجل من أهل الحضر، فقال له الحضري: هل لك إلى أن أعلمكَ سورة من كتاب الله؟ فقال: إني أحسن من كتاب الله ما إن عملتُ به كفاني، قال: وما تحسن؟ قال: أحسن سورًا، قال: اقرأ، فقرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وإنا أعطيناك الكوثر، فقال له الرجل: اقرأ السورتين – يريد المعوذتين -، فقال: قدم علي ابن عم لي؛ فوهبتهما له، ولستُ براجع في هبتي حتى ألقى الله.
[نقلا من: " الأمالي " لأبي علي القالي، 1/ 222 - 223].
ـ[عائشة]ــــــــ[06 - 05 - 2010, 09:00 م]ـ
(كان عبدُ الأعلَى بن عمر قاصًّا، فقصَّ يومًا، فلمَّا كادَ مجلسُه ينقضي؛ قال: إنَّ ناسًا يزعُمونَ أنِّي لا أقرأُ مِنَ القُرآنِ شَيْئًا، وإنِّي لأقرأُ مِنْهُ الكثيرَ -بحمدِ اللهِ-! ثُمَّ قالَ: ((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ))، ثُمَّ أُرْتِجَ عليه؛ فقالَ: مَنْ أَحبَّ أن يشهدَ خاتمةَ هذه السُّورةِ؛ فلْيحضرنا في مجلسِ فُلان).
[القصَّاص والمذكِّرين، لابن الجوزيِّ]
¥