بحكم دراستي في معهدٍ دوليّ في اللَّغة الإنجليزيَّة لا أحبَّ أن أخوص في هذا المجال لكي لا أنعت بأنِّي متعصبٌ لها وما شابه، والحق أنّي متعصبٌ للغتي الأمّ وحبيبتي ومعشوقتي الغالية ولا يمنعني ذلك من الإستفادة من أي لغة تستطيع أن تنفعني في دراسة علم في أي تخصص كان.
واعلم أرشدك الله لخيري الدنيا والآخرة أنَّ كثيراً من اللغات استفادت من بعضها البعض، وهناك باب يسمى بالمفردات الدخيلة له حديثٌ خاصٌ به.
حفظك الله ورعاك ورضي عنك.
ـ[خالد العاشري]ــــــــ[23 - 03 - 2014, 06:27 م]ـ
يقول ربنا تبارك وتعالى: ((ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين))
فلا شك أن تعدد ألسن الأمم آية باهرة من آياته سبحانه، ولوددت لو أنني عالم بلسان الترك والهند وغيرهم، من الذين لنا منهم إخوان في الدين والعقيدة، بل لقد هممت بتعلم اللغة الأردية، بسبب كتاب واحد هو "جواهر الإيمان شرح اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، ولكن-للأسف-وجدت في نفسي وافد همّ، ولم أجد ماضي عزمٍ.
ووددت لو أنني متقن للفرنسية والإنجليزية اللغتين اللتين درست بهما في الجامعة إتقانا يبلغ بي تذوق جماليات أدبها والاستمتاع به أصيلا غير مترجم، بدل الأثر السيئ الذي تركته دراستنا المبكرة لهما في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فتركتنا نعرج في لغتنا الأم دون أن نصل في الفرنسية إلى منزلة تسمح لنا من التكلم والمحاورة والكتابة بطلاقة ودون قيود.
غير أن للعربية فضلا على غيرها أي فضل، ولو لم تكن كذلك لما اختارها الله لاحتواء خاتمة رسالاته إلى العالمين، فأنزله قرآنا عربيا على رسول عربي صلى الله عليه وسلم، وما دمت-أخي الحبيب متعصبا للغتك-فلم الخوف من أن تنعت بذلك وأنت لم تتعصب إلا للحق، بل لماذا لا تتعصب لها وكل أمة تتعصب للغتها وتحامي عنها وتسعى لفرضها، ألم تسمع إلى الرافعي-رحمه الله- وقد قال إنه ما عزت لغة قوم إلا عزوا بها، ولا ذلت إلا ذلوا معها، وهكذا يا أخي ما عز قوم إلا عزت لغتهم والعكس صحيح
ولولا عز الأمريكان-والغرب عموما- وسلطانهم القاهر للشعوب، لما اختارت هذه الشعوب لغة يلوكها أهلها ويلوون ألسنتهم بها ليَّ البقرة الحشيش بالمرعى، ويتركون لغة تنساب فصاحة وبلاغة، وتتوهج ألقا ورونقا.
نعم، لولا سلطان القهر وقهر السلطان، ولولا ذلتنا بعد عزة لكانت اللغة العربية لغة العالم أجمع.
ولولا أنك قلت: (واعلم أرشدك الله لخيري الدنيا والآخرة أنَّ كثيراً من اللغات استفادت من بعضها البعض، وهناك باب يسمى بالمفردات الدخيلة له حديثٌ خاصٌ به)،لما كتبت حرفا، وكأني بك تسوي بين أخذ اللغات الأجنبية عن العربية، وبين أخذ العربية عن غيرها من اللغات، وكيف لك أن تسوي بينهم وبين العربية، التي لا تأخذ إلا في مضائق ووفق ضوابط، فهي لغة عفيفة عذراء لا تحترف اللصوصية مثل بقية اللغى.
ونحن لا ننفي هذا الأخذ في حدود وضوابط، ومن ذلك اختلاف الأئمة في أعجمية بعض الأعلام الجامدة في القرآن، مما يدل على أن هذه الاستفادة قديمة، ولكن انظر كيف أنهم لم يختلفوا إلا على بعض الأعلام الجامدة مما يبين أنفة العربية من الاقتباس من غيرها، فأين تجد هذه المزية في غيرها من اللغات.
أما قضية الألفاظ الدخيلة فقد سلف أن قلت إن كلمة التلفاز غير عربية، وسبب ذلك أنه من اختراع غيرنا ولم يعرفه العرب فيما مضى ولا عرفوا مثيلا له، فمن الطبيعي أن لا يكون في لغتنا مسمى، وهكذا في كل قضية مماثلة.
ولا تنس حبيبي أننا نهينا عن الرطانة، فمن الطبيعي أن تدوم لنا لغتنا خالية من الدخيل إلا ما لزمنا.