ـ[رائد]ــــــــ[11 - 01 - 2009, 12:52 م]ـ
قرنان من الشعر العربي النهضوي والمعاصر ... 8 آلاف شاعر في معجم البابطين
ديمة الشكر - الحياة - 11/ 01/09//
أصدرت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين في دورتها الحادية عشرة «معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين»، في نسختين، ورقية تقع في نحو خمسة وعشرين مجلداً من القطع الكبير وبلغ عدد صفحاتها زهاء عشرين ألف صفحة، ونسخة رقمية (قرص مدمج) سهلة المأخذ، حسنة التبويب، كثيرة الفهارس ووافيتها. تكمن أهمية هذا العمل في منهجية جمع المعلومات قبل أي شيء آخر، إذ يتضمن تراجم ونماذج قصائد للشعراء العرب وللشعراء من غير العرب الذين كتبوا بالعربيّة، سواء كانوا من المشهورين والمعروفين أم من المغمورين والمنسيين، وقد بلغ عددهم ثمانية آلاف وتسعة وثلاثين شاعراً، تمّ انتخابهم وفقاً لمعايير محدّدة من أصل أحد عشر ألف شاعر.
ويظهر أن عملية جمع المعلومات لهذا العدد الوفير من الشعراء كانت دقيقة واستندت إلى أساليب شتى، ومنها زيارة المكتبات الشهيرة مثل المكتبات في الجامعات العربية، ومكتبة معهد الدراسات الأفريقية، ومكتبة الكونغرس ومكتبة الجامعة الأميركية في بيروت، ومكتبة جامعة القديس يوسف وغيرها، والهدف مراجعة الكتب والرسائل الجامعية والأبحاث المنشورة والدوريات القديمة والحديثة، فضلاً عن البحث الميداني أي الاتصال بعائلات الشعراء من أجل الحصول على المعلومات اللازمة والصور الشخصية، وصور للقصائد المخطوطة وغيرها ... هي عملية استثنائية في كل المقاييس، فهذا العمل الضخم الذي يغطي فترةً تمتدّ من عام 1801 حتّى عام 2008، قامت به مؤسسة لا جهة حكومية، وسخرت من أجل ذلك طاقات وجهوداً كبيرة.
وتمّت الاستعانة بفريق من الباحثين بلغ عدده خمسمئة، عملوا في شكل متواصل طوال أحد عشر عاماً في جمع البيانات اللازمة للشعراء الذين توزعوا جغرافياً على امتداد العالم العربي برمّته وصولاً إلى شرق آسيا وإيران والقارة الهندية وبعض الدول الأوروبية، في عملية مسحٍ شاملة، لم توفر المناطق النائية والريفية.
ولا شك في أن بسط المعلومات الذي تمّ عبر منهجية علميةٍ لافتة تشبه إلى حدّ كبير بسط المعلومات في شبكة الانترنت كاعتماد الخط الأزرق المسطّر مثلاً، يتوافق مع عملية جمعها وتدقيقها التي استندتْ إلى معايير ثلاثة: السلامة اللغوية، الصحة الإيقاعية، المائية الشعرية، ما يعني أن المادّة الموضوعة بين أيدينا تُشكّل مصدراً له صدقيّة المرجع. فطابع المعجم هو طابع تسجيلي توثيقي، أُفردت فيه لكل شاعر «صفحة رقمية» تتوافر على نبذة وافية عن سيرته، تبيّن إلى حدّ ما بيئته الأم ومصادر إلهامه، فضلاً عن ثبت بدواوينه سواء كانت منشورة أم مخطوطة وتواريخها، وكتاباته في الفنون الأخرى من مسرح ونقد ورواية ... إضافة إلى ثلاثة نماذج من شعره على الأقل، تهدف إلى الحرص على التنوع أوّلاً وإلى إعطاء فكرة إجمالية عنه ثانياً. ويظهر أن مبدأ التنوع هذا قد أتاح وضع «نصوص شعرية قام مبدعوها بترجمتها من لغات أجنبية نظماً في إبداع مواز لابداع المنتج الأصيل».
بيد أن الإضافة الأهمّ في هذا المعجم، إنما تكمن في إثبات «مصادر الدراسة» التي اعتُمدت في ذلك، فمن هذا المنظور، يرقى المعجم إلى مصاف المظان، إذ يصبح «أداة عمل» لا غنى عنها للباحث والناقد على السواء، كما لو أنها «بيبليوغرافيا جاهزة» لكلّ شاعر.
يتميّز المعجم بتكامله مع المعجم الأوّل الذي أصدرته مؤسسة البابطين «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» في عام 1996، من حيث تجنب تكرار أسماء الشعراء في كلا المعجمين إلى حدّ كبير. فنزار قباني مثلاً المتوفى عام 1998، يرد في المعجم الأوّل، وذلك انسجاماً مع خطة المعجم الثاني التي اعتمدت عام الوفاة في اختيار الشعراء، التي تهدف إلى ضمّ أكبر عدد منهم، وبذا يكون الشاعر المتوفى عام 1801 داخلاً فيه. ونتيجةً لذلك، بدت «حصيلة» عصر النهضة بمدارسه المختلفة (الصنعة والتقليد، البديعيات، المدائح، الإحياء، الكلاسيكية المحدثة، جماعة الديوان، جماعة أبولو، الاتجاه الرومنطيقي، الاتجاه الرمزي ...) أكبر من حصيلة «الحداثة» الأمر الذي رجح «القصيد» على غيره من
¥